أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب: الإخوان والسعودية.. الانتهازية قبل المبادئ

%d8%b9%d9%85%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86

عندما كانت العلاقات المصرية ـ السعودية سمنه على عسل وفى أفضل مراحلها، خصوصاً أيام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ كانت جماعة الإخوان وأنصارها وبعض المعارضين المصريين يقولون إن مصر ارتمت فى أحضان السعودية.

وعندما تم توقيع اتفاقية تيران وصنافير صار هؤلاء يقولون إن الحكومة فرطت فى سيادتها وأرضها وباعت تيران وصنافير للسعودية من أجل حفنة دولارات أو ريالات.

وقبل أيام وعندما اختلفت الحكومة المصرية مع نظيرتها السعودية بشأن الملف السورى، وربما بسبب تيران وصنافير، نسى الإخوان وأنصارهم كل كلامهم السابق عن التبعية وبيع الأرض والكرامة، بل إن بعضهم يلوم مصر على أنها لم تقف مع الموقف السعودى بالقوة اللازمة!.

لا أدافع عن الموقف الحكومي المصري، وعندى العديد من الملاحظات على أدائه فيما يخص اتفاقية تيران وصنافير وعلاقته بالسعودية، لكن اليوم اتحدث عن النفاق والازدواجية فى مواقف الإخوان، وبعض المعارضين فيما يخص علاقتنا بالسعودية.
الذين هاجموا الحكومة المصرية، واعتبروها منبطحة أمام السعودية فى تيران وصنافير، يفترض أن يغيروا موقفهم الآن فى هذه النقطة تحديدا، إذا اعتبروا أن ما فعلته الحكومة فى التصويت مخالف للتوجيهات السعودية.

مرة ثانية أنا هنا لا أقيم موقف الحكومة المصرية من التصويت فى مجلس الأمن وأراه بعث برسالة غاية فى السلبية ولم يرض أحد لا السعودية ودول الخليج، ولا سوريا وروسيا.

لكن أنا أتحدث فى هذا المقام عن التلون وإلباس الحق بالباطل فى موقف الإخوان وبعض المختلفين مع الحكومة المصرية «عمال على بطال» من دون تبصر ولا تبين.

الإخوان هاجموا موقف الحكومة السعودية مرارا وتكرارا لأنها تحالفت ودعمت ثورة ٣٠ يونيو، وكانوا ينظرون إليها فى هذا الوقت باعتبارها «قوة رجعية أيدت الانقلاب» خصوصا بعد أن صنفتهم كجماعة إرهابية.

لكن السعودية عندما اختلفت قليلا مع النظام المصرى، فجأة صارت قوة تقدمية فى نظر الإخوان، وصار الملوم هو النظام المصرى الذى كان ينبغى أن ينسق مع الأشقاء بشأن سوريا.

إذا ما يهم الإخوان فى الأساس هو أنهم يصادقون أى قوة أو دولة طالما هى مختلفة مع النظام المصرى، حتى لو كان الخلاف حول مصلحة مصر والمصريين. والمعنى الوحيد الذى يصل إلى المتابعين لهذه القضية أن خلاف الإخوان مع السعودية ليس حول سياساته، بل حول علاقتهم بالنظام المصرى. والأدهى هو أن الخلاف مصلحى فقط، لأنه هذه المرة لا يدور حول الموقف السعودى من الإخوان مثلا، بل هو خلاف حول سوريا. صحيح أن الإخوان صاروا فى موقف واحد مع السعودية فى هذه القضية، لكن تصرف الإخوان، يوحى بالانتهازية غير المسبوقة. هو أمر ليس جديدا على عالم السياسة، القائمة على المصالح. لكن حتى فى عالم المصالح فإن البعض يغلفها ببعض المبادئ، ولا تكون مواقفه بمثل هذه الفجاجة، التى رأيناها فى الاصطفاف الإخوانى الأخير مع السعودية سواء فى قضية مؤتمر جروزنى حول تعريف «من هم أهل السنة والجماعة» أو فى الموقف من سوريا واليمن. لكن إذا كان الإخوان ينسقون ويخطبون ود أمريكا وبريطانيا ويسعون إلى مقابلة النواب فى الكونجرس ومجلس العموم، ألا يحق لهم أن يفعلوا ذلك مع السعودية؟! بالطبع يحق لهم أن يفعلوا ذلك، لكن شرط أن يكونوا واضحين مع أنفسهم، وأنهم يعملون بالسياسة المتغيرة، وليس بالدعوة الدينية، التى يفترض انها مقدسة وثابتة، وأن يتوقفوا عن توصيف أنفسهم كجماعة ربانية موعودة من قبل السماء!

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى