أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : حكاوى الإعلاميين فى شرم الشيخ

عماد-الدين-حسين

ما التقى صحفيان أو إعلاميان هذه الأيام، إلا وكان مستقبل هذة المهنة ثالثهما.
عندما يلتقى مواطنان عاديان فإن السؤال يكون غالبا هو: «البلد رايحة على فين»؟ وتتعدد الإجابات باختلاف الأشخاص ومواقفهم ومواقعهم، وهناك إجابة جديدة هذه الأيام خلاصتها «أن البلد وصلت بالفعل»!.

لكن عندما يلتقى صحفيان فإن الحديث لا يدور حول مستقبل البلد فقط ولكن عن مستقبل مهنة الإعلام باكملها.

ومنذ يوم الأحد ليلا ثم طوال يوم الاثنين، بدأ مئات الصحفيين والإعلاميين فى التدفق على مدينة شرم الشيخ للمشاركة فى تغطية المؤتمر القومى للشباب المنعقد هناك أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس.

شخصيا شاهدت اكثر من تسعين فى المائة من رؤساء تحرير الصحف المصرية القومية والخاصة وكبار مقدمى البرامج الفضائية، ونجوم الإذاعة، كان هناك ايضا العديد من كبار الاعلاميين والمدونين والناشطين على الشوشيال ميديا، وشباب الإعلاميين، وكان الخضور النسائى بارزا ايضا.

كانت هناك لقاءات مطولة واحاديث وحكايات بين زملاء المهنة الواحدة. الجميع أو لنقل الغالبية على اختلاف صحفهم وفضائياتهم وإذاعاتهم لديهم قلق شديد بشأن الغد.

الجميع مشغول بالأزمة المالية الخانقة التى تضرب غالبية الصحف خصوصا الخاصة منها. الجميع تضرر بصورة أو بأخرى، وهم لا يعرفون ماذا يخبئ لهم الغد، الرواتب لا تصرف بانتظام وماكينة التقشف تدور بأقصى قوتها بل إن الصحافة المطبوعة صارت تواجه تحديات وجودية، وللأسف فإن الثمن الأكبر يتحمله الفقراء والطبقة الوسطى فى مهنة الإعلام مثل ما يحدث فى المجتمع الاكبر بالضبط. وان كان الكبار ايضا نالهم نصيب، سواء فى تخفيض الرواتب التى كانت كبيرة، أو انكماش السوق الذى يجعل فرص انتقالهم أو هامش حريتهم يضيق إلى درجة غير مسبوقة.

الأمر لا يتوقف على. الازمة الاقتصادية الطاحنة التى تضرب المهنة منذ نحو عام، وربما اكثر. الظاهرة الجديدة هى التغييرات التى بدأت تطرأ على خريطة ونمط الملكية فى الإعلام، وما يتردد همسا حينا وجهرا أحيانا عن دخول الدولة كلاعب رئيسى فى سوق الإعلام، وعدم الاكتفاء بحصتها الموجودة بالفعل فى وسائل الإعلام القومية.

ما لا تقوله الحكومة بوضوح إنه مع اختفاء وتلاشى دور الأحزاب التقليدية، فإن التأثير الأكبر فى المجتمع صار لوسائل الإعلام، وبالتالى فإن نجوم المهنة صاروا البديل الفعلى لنجوم السياسة وربما أهم. يعتقد البعض أن هناك لتجاها لتأميم الإعلام ولكن بصورة غير تلك التى تمت فى الستينيات.
إذا حدث ذلك فلا أحد يعرف بالضبط الصورة التى ستكون عليها الأمور، والأهم ما هى المساحة التى ستتركها الدولة لفكرة الرأى الآخر، بل والأهم أى نوع من الرأى الآخر، هل هو الشكلى والديكورى أم الحقيقى؟!.

غالبية من التقيتهم قلقون من المستقبل، ويأملون ان يتم تجاوز هذه المرحلة اقتصاديا وسياسيا وبالتالى إعلاميا بأقل قدر من الأضرار. هناك اعتقاد أبله ونمطى وساذج بأن كل الإعلاميين يسبحون بحمد الحكومة ليل نهار. أعرف بعض الصحفيين فى المؤسسات القومية أكثر قلقا بشأن المستقبل ومهمومين فعلا بضرورة وجود صحافة مهنية وظيفتها البحث عن الحقيقة حتى تساعد الحاكم والمحكوم فعلا.

غالبية من سمعتهم يتحدثون فى الأيام الأخيرة، يتمنون صدور القانون الموحد للإعلام، بالصورة التى قدمتها الجماعة الإعلامية.

احد اكثر ما يزعج قطاع كبير من الاعلاميين ان تتعامل الحكومة مع الاعلام الحر باعتباره خصما أو عدوا، فى حين انه افضل من يساعد على تحصين المجتمع بنشر الحقائق، وكشف الفساد إضافة إلى محاربة الإرهاب والتطرف.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى