أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : ضرورة معاقبة هذا العميد

عماد-الدين-حسين1

مساء يوم الجمعة الماضى تداولت العديد من مواقع التواصل الاجتماعى مشهد فيديو يظهر ضابط شرطة برتبة عميد يضرب متظاهرا يبدو أنه كان مشاركا فى مظاهرة تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين خرجت من ميدان تريومف فى مصر الجديدة.

مواطنون كثيرون أحاطوا بأفراد المظاهرة المحدودة وهتفوا ضدهم ثم طاردوهم وأمسكوا بأحدهم وانهالوا عليه ضربا.

بطبيعة الحال هذا الأمر ليس قانونيا بالمرة، لكن يمكن للمرء أن يتفهمه ولا يقبله فى ظل أجواء الاحتقان والاستقطاب الحادة خصوصا بعد الجريمة الإرهابية البشعة ضد جنود الجيش فى الشيخ زويد بسيناء الأسبوع قبل الماضى.

فى مرات كثيرة يطارد المواطنون مظاهرات للإخوان، وفى مرات أخرى، يقوم أنصار الإخوان بالاعتداء على بعض المواطنين المعارضين لهم ــ إذا تمكنوا منهم ــ بعيدا عن الشرطة أو تجمعات جماهيرية.

فى شريط الفيديو المتداول هناك ضابط شرطة لم أتبين رتبته، حاول مرارا حماية المتظاهر الإخوانى من هجوم المواطنين، وهذا الضابط يستحق كل احترام وتحية وتقدير لأنه فعل ما هو مطلوب منه بالضبط، أى الحفاظ على حياة وكرامة المواطن المتظاهر وبعدها يمكن القبض عليه ومحاكمته طبقا للقانون.

فى المقابل كنت أتمنى ولا أزال أن يكون مشهد العميد ــ الذى ظهر فى الفيديو وهو يضرب المتظاهر ــ مشهدا ملفقا وغير صحيح، لأن صحته تعنى أننا نعانى من مشكلة كبرى تحتاج إلى وقت حتى يتم إصلاحها.

لست ساذجا أو مثاليا بطبيعة الحال لأعتقد أن كل ضباط وجنود الشرطة ملائكة أو يشبهون شرطة الدنمارك والنرويج، وأعرف جيدا أن هناك إصلاحات كثيرة مطلوبة فى الشرطة من أول طرق التدريس والتدريب نهاية بتغيير الذهنية وطريقة التفكير، كما أعرف حجم ضغوط العمل وضغوط مطاردة المجرمين والإرهابيين التى لا تتوقف.

أعرف كل ذلك، لكن أن يظهر عميد شرطة وهو يتقمص دور الفتوة أو المواطن الثائر والمنفلت فإنه يقدم أسوأ نموذج للدعاية ضد الشرطة.

وظيفة رجل الشرطة أن يسيطر على انفعالاته ويكبح غضبه، لأنه لو تصرف كل رجل شرطة بنفس طريقة العميد مع المجرمين والمخالفين للقانون أو حتى المشتبه بهم، فسوف يقتلونهم جميعا، مادمنا أصدرنا عليهم حكما قبل أن نعرضهم على المحكمة المختصة.

أتمنى أن تحقق وزارة الداخلية بجدية فى هذه الواقعة وأن تعاقب الضابط إذا ثبت أنه مخطئ عقابا واضحا لكى تبعث برسالة مهمة إلى كل من يهمه الأمر.

هذا العقاب لا يسىء إلى الوزارة أو ينقص من قدرها، بل العكس هو الصحيح. عدم التحقيق أو عدم معاقبة هذا الضابط تعنى تصريحا مفتوحا لكل ضابط أو جندى بأن يعتدى على أى متظاهر أو متهم علنا دون أن يخشى العقاب.

عدم المعاقبة سيكون أفضل هدية للإخوان، ولكل من يريد تشويه صورتنا فى الخارج، وهى صورة لا تحتاج إلى مزيد من التشويه.

اتخاذ قرار حاسم ورادع فى هذه الواقعة يعنى الكثير، وفى المقابل ينبغى على وزارة الداخلية أن تقدم الشكر العلنى للضابط الشجاع الذى حاول أن يحمى المتظاهر.

أرجوكم تحركوا بسرعة حتى لا يترسخ منطق الغابة ونندم كثيرا وقت لا ينفع الندم.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى