أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : 5 بديهيات فى قضية الجيش وألبان الأطفال

عماد الدين حسين

من المحزن والمخجل والمؤسف أن نقرأ على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى منذ يوم الخميس الماضى موجة عارمة من السخرية من القوات المسلحة على خلفية دورها فى قضية ألبان الأطفال، لكن الأكثر حزنا وخجلا وأسفا ايضا، هو الطريقة والسياق والسيستم الذى يجعل القوات المسلحة عرضة لهذا النوع من «القلش والتفاهة والنطاعة».
قبل النقاش المعمق هناك مجموعة من البديهيات فى هذا الملف الذى صار يتكرر كثيرا فى الأسابيع الأخيرة.
أول قاعدة بديهية هى أنه لم يعد فى إمكاننا أن نقول للناس لا تتكلموا على «السوشيال ميديا»، هذا صار مستحيلا، مهما فعلنا، وإذا التزمت وسائل الإعلام القومية والحزبية والخاصة بعدم مناقشة موضوع ما، فكيف سيمكن إلزام وسائل التواصل الاجتماعى الموجودة فى كل مكان داخل وخارج مصر؟!!.
البديهية الثانية هى أن هناك فعلا استهدافا واضحا من تيار كبير للقوات المسلحة، وهذا الاستهداف تقوده جماعة الإخوان، لأنها لا ــ ولن تنسى ــ أن الجيش انحاز إلى غالبية المصريين فى ٣٠ يونيو وإخرج الجماعة من السلطة. تفعل الجماعة كل شىء وتتحالف مع أى قوة حتى لو كانت الشيطان، من أجل أن ترى الجيش أداة طيعة فى يدها أو منهكا ومفككا. ولذلك نرى إعلامها وأنصارها وكتائبها الإلكترونية، لا تتورع عن التأليب والتحريض ضد القوات المسلحة بكل الوسائل من الغمز واللمز والتريقة إلى عمليات العنف والإرهاب.
البديهية الثالثة: ليس صحيحا أن الذى تحدث فى هذا الموضوع هو جماعة الإخوان وأنصارها فقط، أو حتى ممن يطلق عليهم «الطابور الخامس وعناصر المؤامرة».
سمعت بأذنى كثيرون من أنصار معسكر ٣٠ يونيو ومحبى والرئيس والجيش يناقشون هذا الأمر ويعترضون عليه أو حتى يتجادلون بشأنه بكل أدب واحترام للجيش والجنود والضباط.
البديهية الرابعة: إن الناس جميعا لم تتكلم أو تعرف الموضوع، حتى تحدث وزير الصحة الدكتور أحمد عماد عصر الخميس الماضى، هو الذى قال إن الجيش استورد ٣٠ مليون عبوة وسيبيعها بسعر ٣٠ جنيها للعبوة بدلا من ٦٠ جنيها.
كان مفترضا من البداية أن يكون الكلام محددا وواضحا ومدروسا. كان مفروضا أن يتم الإجابة عن أسئلة بديهية سيتحدث فيها الناس جميعا وهى: ما الذى سيتم توفيره فى حالة استيراد الجيش للألبان، وما الذى كان سيختلف إذا قام بالاستيراد الشركة المصرية للأدوية، وما هى الشروط والقواعد التى يتم على أساسها الاستيراد والتوفير، ومادام استيراد القوات المسلحة للسلع يوفر أكثر مما تفعله الشركات المدنية، فلماذا لا يتم إعلان ذلك للجميع حتى يتوقف «اللت والعجن والهرى»؟!!!.
لا أدعى أننى خبير اقتصادى كى أحكم فورا على مدى أهمية مشاركة القوات المسلحة فى النشاط الاقتصادى. أعرف وأدرك تماما أن الجيش لعب دورا مهما فى المشروعات القومية والمشكلات الطارئة، بحكم انضباطه وسرعة تنفيذه للمشروعات، لكن أسمع كلاما كثيرا من خبراء اقتصاد يقولون إن المنافسة غير عادلة، وإن القطاع الاقتصادى المدنى بدأ يتأثر من هذا الأمر.. ما هى الحقيقة؟ الله أعلم.
لكن أحد جوانب الخروج من المشكلة، أن يخضع هذا الموضوع لمناقشات جادة وموضوعية من قبل خبراء محترمين وثقات، بعيدا عن النقاشات الانطباعية فى تويتر وفيسبوك، وغير المتخصصين الذين يؤيدون أو يعارضون بالهوى فقط، حتى نصل إلى تصور واضح يكون مفيدا للبلد بأكمله، أو يوقف هذه الثغرة التى يتسلل منها كارهو البلد والقوات المسلحة.
البديهية الخامسة والجوهرية: إنه وطبقا لتجارب الأسابيع والشهور الأخيرة، فإن النشاط المتزايد للقوات المسلحة فى الاقتصاد صار ثغرة يستخدمها الخصوم والأعداء والمشككون وحسنو النية، وهى للأسف صارت تؤثر على الصورة الذهنية للقوات المسلحة، وبالتالى وجب البحث عن صيغة لحل هذه الإشكالية.
فى تقديرى الشخصى أن الطرف الذى ينبغى أن يلام أكثر، ليس من قام بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعى فقط، بل من سمح أن تصل الأمور إلى هذا الحد بسبب الطريقة الكارثية التى تم التعامل بها مع الأزمة منذ البداية.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى