أعمدة

عمرو حمزاوى | يكتب : بل نحن من نلام!

عمرو حمزاوى

فى الحسابات الإقليمية، تعاظم النفوذ الإيرانى بفعل التغيرات التى حدثت خلال الفترة الممتدة بين غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق فى 2003 وبين اليوم.

فى الحسابات الإقليمية، استفادت إيران من تفتيت الدولة العراقية الذى أعقب الغزو الأمريكى، ومن الاعتماد الاستراتيجى لنظام بشار الأسد فى سوريا على الدعم الإيرانى، ومن تنامى وزن قوى طائفية ومذهبية متحالفة مع طهران كحزب الله فى لبنان والحوثيين فى اليمن.

فى الحسابات الإقليمية، استطاعت إيران الإفادة من التراجع المطرد فى القدرات الجماعية العربية منذ غزو صدام حسين للكويت فى 1990، ومن العجز العربى عن صياغة ترتيبات فعالة للسلم والأمن الإقليميين، ومن نزوع دول الخليج ودول عربية أخرى إلى الاعتماد على تحالفات ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لتوفير مظلة أمنية وتجاهلها لأهمية التضامن العربى ــ العربى.

فى الحسابات الإقليمية، نجحت إيران فى استغلال فشل العرب فى فرض حل عادل للقضية الفلسطينية، وفشل بعض مجتمعاتهم ودولهم فى بناء هويات وطنية متماسكة تتجاوز الانتماءات الطائفية والمذهبية والقبلية، وانتشار الفكر المتطرف الذى يختزل زيفا قضايا الشعوب العربية والإسلامية فى ثنائية السنة ــ الشيعة لكى تطرح نفسها على بعض العرب تارة كالقوة الإقليمية القادرة على مناوأة إسرائيل وتحديها (هنا فى امتداد للفكرة الثورية الإيرانية التى تلت 1979) وتارة كحامى حمى السكان المنتمين للمذهب الشيعى (هنا فى تناقض تام مع الفكرة الثورية).

فى الحسابات الإقليمية، تمكنت إيران من توظيف تغيرات السنوات الماضية الكثيرة لصالحها بغعل تماسك مؤسسات دولتها وتنفيذها لسياسة خارجية نشطة لم تتبدل توجهاتها الأساسية على الرغم من تبدل هوية شاغل المنصب الرئاسى وتحولات أخرى فى نظام الحكم.

فى الحسابات الإقليمية، استطاعت إيران المزج بين تصاعد نفوذها فى الشرق الأوسط وبين إدارتها الناجحة للصراع مع القوى الدولية بشأن ملفها النووى على نحو حقق لها اعترافا عمليا من قبل الغرب ومن قبله من روسيا والصين بمركزية دورها الإقليمى وحتمية حضورها فى ترتيبات السلم والأمن المستقبلية.

على جميع هذه الصعد، نجحت إيران وأخفق العرب. والبديل الحقيقى أمامنا هو العمل على احتواء النفوذ الإيرانى تفاوضيا وليس عسكريا، البحث عن المساحات المشتركة مع الجمهورية الإسلامية وتقديمها على القراءة الصراعية لعلاقتنا معها، لملمة أشلاء الدول الوطنية فى بلاد العرب لكى نتجاوز وضعية المفعول بهم وشعوب المعاناة الدائمة من الأزمات ونقدم رؤيتنا العربية لترتيبات سلم وأمن تستوعبنا مع إيران وتركيا.

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى