أعمدة

عمرو حمزاوى | يكتب : بين التنمية السلطوية والرخاء الريعى

حمزاوى

لم يترك رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو حجرا إلا وقلبه فى الخطاب الذى ألقاه على مدة 40 دقيقة امام الكونجرس الامريكى سعيا إلى الحؤول دون التوصل إلى اتفاق نووى بين الغرب وايران. وتوغل فى عمق التوراة ليتخذ من استير زوجة ملك الفرس احويروش مثالا على دور هذه المرأة اليهودية فى اقناع الملك بعدم تنفيذ قرار كان الملك اتخذه بإبادة اليهود فى البلاد التى كان يحكمها بناء على نصيحة من اقرب المقربين اليه هامان، لأن ابن عم استير موردخاى لم يسجد له.

وحاول نتيناهو اسقاط الرواية التوراتية على الحاضر، فهو يرى ان ايران قد اتخذت قرارا بإبادة اسرائيل، وان القنبلة النووية هى السلاح الذى تسعى اليه طهران لتنفيذ قرارها. أى ان نتنياهو اراد ان يثبت نظريته الاصلية التى تقول إن ايران هى بمثابة تحدّ وجودى لإسرائيل، ولذلك لا مجال للوثوق بأى اتفاق يوقّع معها. لقد وضع نتنياهو الرئيس باراك أوباما فى موضع الملك أحويروش بينما جعل الكونجرس الذى وقف امامه فى موضع استير التى ناشدها نتنياهو التدخل لمنع التوصل إلى اتفاق بين الغرب وايران، معتبرا أن من شأن ذلك ان يكون بمثابة القبول بإفناء اسرائيل.

ومن خلال رفع التحدى إلى المستوى الوجودى، يحاول نتنياهو الذهاب فى احراج الرئيس الامريكى إلى أقصى الحدود، مستبقا الحكم على الاتفاق بأنه سيكون سيئا وان المفتشين الدوليين ليسوا الاداة الصالحة لمراقبة ايران وان من الافضل فى هذه الحال ابقاء الامور كما هى من دون اتفاق مع الاستمرار فى تشديد العقوبات على ايران لحملها على التخلى الكامل عن حقها فى امتلاك التكنولوجيا النووية.

وبعد الخطاب الذى اتاح من خلاله الحزب الجمهورى لنتنياهو ان يبدو كأنه الاكثر حرصا على أمريكا وحلفائها من رئيسها نفسه، لا شك فى ان الصعوبات ستزداد أمام التوصل إلى اتفاق نووى من غير ان تلغى تماما فرص انجاز اطاره العام بحلول أواخر الشهر الحالى. لكن هيبة أمريكا كلها بدت كأنها تهتز عندما اختار الحزب الجمهورى الاتيان بنتنياهو ليشرح للأمريكيين والعالم ما يعتبره الجمهوريون اتفاقا سيئا مع ايران.

وبعدما شرح نتنياهو ما وصفه بالأخطار التى تمثلها ايران على اسرائيل والمنطقة والعالم، قدم نتنياهو نفسه بصفته الوحيد القادر على «انقاذ» العالم من ايران، وانه الوحيد الذى يستطيع ان يمنع محو اسرائيل عن الخريطة حتى بالتعالى على الولايات المتحدة وعدم الوثوق بقدرتها على ادارة مفاوضات تضمن مصالحها فى الدرجة الاولى.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى