أعمدة

عمرو حمزاوي | يكتب : هم الخائفون اليوم!

عمرو-حمزاوي

كلما أحكم مجتمعنا حصاره على السلطوية الجديدة وأظهر رفضه لصنوف إلهاء المواطن عن واقع الظلم والفقر والفساد تارة بملهاة انتخابية وأخرى بمشاهد تأييد زائفة للحاكم الفرد، كلما تورطت «إدارة الجنرالات» فى المزيد من الممارسات القمعية لكى تحول بين الناس وبين الانتقال من الحصار والرفض إلى طلب التغيير والتخلص من السلطوية.
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجة قمع إضافية ضد التنظيمات الشبابية والطلابية التى ظلت خلال العامين الماضيين عصية على السيطرة الأمنية، ولم يرتب سلب حرية الكثيرين من المنتسبين إليها التزامها الصمت أو تخليها عن التعبير الحر عن الرأى (حركة 6 ابريل نموذجا).
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجة قمع إضافية ضد الحركة العمالية المستقلة التى استعادت فى الآونة الأخيرة قدرتها على الحشد الفعال والتنظيم دفاعا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال، وها هى تعود لانتزاع بعض النجاحات المؤثرة فى نضالها المستمر لتعديل هيكل الأجور وتحسين شروط العمل (عمال المحلة نموذجا).
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجة قمع إضافية ضد مكونات المجتمع المدنى غير الموجهة أمنيا، خاصة منظمات حقوق الإنسان التى لم تتورط لا فى تبرير العنف الرسمى ولا فى تجميل الوجه البائس للسلطوية، ولم تتوقف عن توثيق مظالم وانتهاكات العامين الماضيين الواسعة والكشف العلنى عنها والدفاع عن حقوق وحريات الضحايا والمطالبة بمحاسبة المتورطين، ولم تفرض عليها بيئة الخوف التى أنتجتها القيود والتهديدات المتصاعدة ضد المجتمع المدنى التخلى عن الإدانة العلنية للتعذيب فى السجون وأماكن الاحتجاز وللقتل خارج القانون.
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجات القمع الإضافية هذه، وتجهز فى سبيل ذلك «أسلحتها» المعتادة من ترسانة القوانين والتعديلات القانونية الاستثنائية التى تشرعن لسلب الحرية وفقا لأهواء الحكام والأدوات الأمنية التقليدية المعدة للانقضاض على المواطن غير الممتثل لإرادة السلطوية، إلى حملات التخوين والتشويه التى يديرها الإعلام الحكومى والخاص الموجه أمنيا واستخباراتيا عن قرب أو بعد.
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجات القمع الإضافية هذه، ظنا أن تهديد الناس بالعقاب وسلب الحرية والقيود سيوقف انصرافهم عن الحاكم الفرد ويمنع عزوفهم عن صنوف الإلهاء ومشاهد التأييد الزائفة التى تديرها السلطوية، وظنا أيضا أن المزيد من العنف الرسمى هو الأسلوب الوحيد للحفاظ على بيئة الخوف التى أنتجتها أحداث العامين الماضيين. وعبثا تظن إدارة الجنرالات على المستويين، فلا المواطن سيعود من انصرافه ولا بيئة الخوف بقابلة لبقاء لانهائى.
أتصور أن إدارة الجنرالات تستعد اليوم لموجات القمع الإضافية هذه، وهى للمرة الأولى منذ الخروج على الإجراءات الديمقراطية فى صيف 2013 خائفة من تداعيات إخفاق السلطوية فى التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، خائفة من نتائج التراجع البين لفاعلية الحاكم الفرد والأذرع الإعلامية فى تزييف وعى الناس ودفعهم إلى تأييد المظالم والانتهاكات الواسعة أو الصمت عليها، خائفة مما سيترتب على اكتشاف الناس لهشاشة وعود الاستقرار القادم والأمن المضمون والإنجازات الكبرى القادمة التى لم يتوقف الجنرالات عن إطلاقها خلال العامين الماضيين.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى