أعمدةمقالات

عمرو خفاجي | يكتب : الرئيس والحزب

images (17)

لا يمكن أن نفهم لماذا إصرار حزب الحرية والعدالة على مناقشة قانون السلطة القضائية، إلا فى إطار الإصرار على بقاء المناخ السياسى ملتهبا، وعلى استمرار أجواء الانقسام، أو المزيد منها، وربما يكون ذلك من الأمور المفهومة والتى يمكن استيعابها، لكن الذى لا يمكن فهمه أو تقبله، كيفية إصرار الحرية والعدالة على مناقشة هذا القانون فى ظل تدخل الرئيس محمد مرسى لتهدئة الأوضاع وتلطيف الجو، والفصل بين خصومة منتظرة بين السلطتين التشريعية والقضائية، تسبب مزيدا من التوتر لا يرغبه الرئيس بالتأكيد.

إذا قبلنا فكرة أن الحرية والعدالة هو الحزب الحاكم، كما أنه الحزب الذى كان محمد مرسى رئيسه قبل أن يصبح رئيسا للبلاد، وأن كليهما ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، فنحن فى هذه الحالة نتحدث عن قضية متفق عليها بين أطراف ينتمون لكيان واحد، وساعتها يكون الرئيس شريكا فى مراوغة القضاة بالدعوة لمؤتمر العدالة ويكون كل ما قاله وذكره فى إطار من عدم الشفافية مع واحدة من سلطات المجتمع الرئيسية، وأيضا سيكون متنازلا بوضوح عن فكرة أنه رئيس لكل المصريين، بل منحازا لفريقه وتياره وجماعته، بالإضافة أنه يشارك بذلك فى عدم استقرار البلاد بتأجيج مثل هذا الصراع الذى ستكون عواقبه وخيمة على الجميع.

أما إذا قبلنا فكرة أن الرئيس كان صادقا ومخلصا فى دعوته لمؤتمر العدالة، واجتماعه بالقضاة ووعودهم لهم بعدم صدور أى قانون بعيدا عنهم، وهذا ما أرجحه، يكون موقف حزب الحرية والعدالة فى غاية الغرابة وعدم الإخلاص لرئيسه السابق ورئيس البلاد كلها حاليا، لأن رغبته المحمومة فى مناقشة قانون السلطة القضائية لا تحرج أحدا سوى الرئيس الذى تدخل ووعد، والفعل فى حد ذاته تعطيل لحركة الرئيس وغل يده فى الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية كما تقتضى مهامه، وتعويق لحكومة الدكتور هشام قنديل الحائرة والتى من حقها التدخل لوقف مناقشة مشروع هذا القانون، وهى التهم التى يلقيها الحرية والعدالة طوال الوقت على كل القوى السياسية المعارضة، بل من الممكن ان نتهم الحرية والعدالة فى هذه الحالة بتحدى مسئولية وقرارت أول رئيس منتخب للبلاد كما يقولون دوما عن خصومهم، وشد انتباه وخطف تركيز الحكومة من أعمالها التى منحتها الأولوية وليس من ضمنها قانون السلطة القضائية.

ولا يبقى بين الاحتمالين سوى، رغبة الأطراف المختلفة فى ممارسة سياسة العناد عن طريق لعبة شد الحبل السياسى، وكأن الجميع فى اختبار دائم للقوة، بغض النظر عن طلبات الشعب ومتطلباته فى هذه المرحلة، ناهيك عن الاستخدام السىء للمادة الانتقالية من الدستور الجديد التى منحت الشورى سلطة التشريع فيما هو عاجل من قوانين لا تستطيع الانتظار حتى انتخاب برلمان جديد، وهو ما أشار اليه الرئيس صراحة فى خطابه الافتتاحى لمجلس الشورى، أن التشريع سيكون فى أضيق الحدود، وتحديدا ما فهمناه كان يعنى قانون انتخاب البرلمان الجديد وقانون مباشرة الحقوق السياسية، فلماذا كل هذا التغول فى إصدار القوانين التى لا يمكن أن نصفها بأنها ضرورية وعاجلة، مثل قانون السلطة القضائية، إلا إذا كان هناك من يرغب فعلا فى إحراج الرئيس وتسميم الجو السياسى، الذى بات خطرا يهدد مصالح ومستقبل البلاد، وفى المقدمة منهم حزب الحرية والعدالة، الذى يصر صباح مساء على خسارة المزيد من شعبيته بمثل هذه النوعية من الممارسات.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى