أعمدةمقالات

عمرو خفاجي | يكتب : «مطلوب عمال»

Amr-Khafagy

تداهمنا الأرقام من كافة المسئولين، عن الفقر والأمية، وهى أرقام مؤلمة ومفزعة، تعكس الواقع الذى تعيشه مصر هذه الأيام، وبالرغم من اننا لا نشكك فى هذه الأرقام ولا فى هذه الاحصاءات، الا انه يوجد تناقض كبير فى واقع سوق العمل، فان معظم أصحاب الأعمال يشتكون قلة العثور على العمالة بما فى ذلك من يقومون بأبسط الأعمال (أميين وفقراء) التى لا تحتاج إلى أى خبرات أو مهارات أو حتى مؤهلات بعينها، ويكفى من يذهب إلى المنطقة الصناعية فى مدينة السادس من أكتوبر أو العاشر من رمضان ليقرأ اللافتة الشهيرة والمتكررة: «مطلوب عمال»، فمعظم العمال يطلبون أجورا لا تتناسب مع الأعمال التى سيقومون بها، وكذلك لا تتناسب مع المعروض فى سوق العمل، بالرغم من أننا يمكن أن نقول إن مطالبهم عادلة، الا انها تخل بالهيكل العام للاجور المتاحة، فعندما يطلب العامل البسيط الذى لا يمتلك أية مهارات أو خبرات أو مؤهلات، أجرا شهريا يتجاوز ألف ومائتى جنيه، وهو ما يعتقد انه الحد الأدنى للأجر كما سمع وعرف من وسائل الإعلام المختلفة، وسط مزايدات السياسيين، حكاما ومعارضين، فهذا يخل بالهيكل العام للأجور والرواتب التى يستطيع معها أصحاب الأعمال إدارة اعمالهم، وهى أرقام تعنى للبعض ان الإغلاق أو الانسحاب من السوق افضل من الخسائر المحققة التى يراها أمام عينيه فى ظل هذه الأجور (وهو ما فعله البعض بالفعل). وهو ايضا ما يتنافى تماما مع ما نسمعه من أرقام البطالة ومعاناة البحث عن عمل بين فئات كثيرة فى المجتمع.

والمدهش فى الامر ان هذا لا يصيب فقط الأعمال الخاصة، بل امتد إلى القطاع الحكومى، فيكفى ان نذكر ان قطاعا مهما وحيويا مثل التمريض وصل فيه العجز إلى ما يقرب من ٣٧ ألف وظيفة، مازلت الحكومة تبحث عنها، لتشغيل مستشفيات ووحدات صحية مغلقة أو متوقفة تماما عن العمل، أو العجز الذى نلمحه فى المدرسين فى بعض المواد ولا تعترف به الدولة، بل ان هناك عجزا فى هيئات التدريس الجامعية، وقد لا يصدق البعض ان لدينا عجزا واضحا فيما نسميه عمالة زراعية (يظهر ذلك جليا فى أوقات الحصاد) أو فى أعمال البناء والانشاء، بالرغم من تراجع النشاط فى قطاع مثل قطاع المقاولات الا ان الأزمة مازلت مستمرة من عام ٢٠٠٧، وهى أيضا قطاعات حيوية من المفترض انها قاطرة أى انتعاش اقتصادى مأمول، وتستوعب أعدادا هائلة من العمالة فى توزيعات جغرافية مختلفة.

هذا اللغز يجب ان يكون فى مقدمة أولويات الحكومة، عبر نقاش عام لفهم طموحات الراغبين فى الانضمام لسوق العمل، والوقوف على أسباب رفض الكثيرين الذين يفضلون الجلوس بلا عمل، عن عمل يرفضونه بسبب ثقافات تهيمن على المجتمع، دون ان يفكر أحد فى مواجهة هذه الثقافات الرذيلة بثقافات بديلة تدفع المجتمع بمختلف طبقاته لتقبل واحترام كافة المهن والوظائف ومن دون التقليل من شأن أى حرفة أو مهنة.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى