أعمدة

عمر طاهر | يكتب : أسطورة الإجابات النموذجية

عمر طاهر

لا أحد يعرف (هى ماشية إزاى)، لا أستطيع أبدًا أن أقول عن فيلم «الفيلم الأزرق» غير أنه فيلم مبهر، لكن لا متعة التصقت ولو حتى بكم القميص عند الخروج من القاعة.. مشاعر سطحية زالت سريعا مع أول نقاش مع سائق التاكسى، بينما فيلم «صُنع فى مصر» خرج منه الواحد بحالة (كنت فى السيما) بكل ما فيها من لطافة

وبساطة، لكنك تفاجأ بأحكام إعدام فى كل المقالات النقدية تخبرنا بأنها نهاية أحمد حلمى لدرجة أننى بدأت أشك فى نفسى.

طيب مع احترامى لكل زملاء المهنة، لا أرتاح كثيرًا للمذيع أحمد موسى ويمكن تخمين الأسباب بسهولة (حضرتك بقيت شاطر فى الحاجات دى خلاص عزيزى القارئ)، لكن على مدى ثلاث ليالٍ متتالية أتابع موسى من العاشرة والنصف مساء حتى الواحدة صباحا وهو يعرض مقاطع من محاكمة القرن مع ضيوف من رجال أمن العهد الذى ثار عليه المصريون، لم يسبق أن سمعنا صوتهم وشهاداتهم حول الفترة إياها..

انفراد إعلامى أرغمنى على متابعة موسى بهذه الكثافة لأول مرة فى حياته وحياتى، المشاهدة نجاح لكن بصراحة اللى فى القلب فى القلب، فالعمل ناجح لكن انظر من الذى قام به.

يفكر الواحد أحيانا كيف يمكن تحمل هذا التناقض بسهولة؟

مرتضى منصور عقد صفقات هى بمقياس الرياضة فى مصر الآن معجزة، كرة القدم ميتة إكلينيكا لدرجة أن هناك لاعبين ومدربين اتجهوا إلى العمل فى العراق بكل ما تعيشه من أزمات، لكنه يستطيع وهو يقود ناديا شبه مفلس أن يشترى فريقا كاملا من أمهر لاعبى مصر، هو فى الوقت نفسه إنسان لا يمكن تحمل أدائه الذى يتراوح بين السب والقذف والتشهير وإهانة الآخرين مجانا، تركيبة لا يمكن أن تشعر ناحيتها بفيمتو ثانية إعجابا، بل يثير أداؤه امتعاضا لا ينتهى، لكن عند تقييم ما يقوم به مهنيا على مستوى موقعه كمسؤول عن ناد كبير لا تملك أن تنكر نجاحه لدرجة مبهرة، يفكر الواحد كيف يمكن الرد على سؤال عن تقييمك لهذا الشخص.. هل تستطيع أن تقوم بالفصل بين منظرين ظهر بهما فى الفيلم بحيث تصفق له، بينما تدعو الله فى الوقت نفسه أن يخلصنا من إزعاجه؟

بينما يعلق العمال بوسترات كبيرة فى الشوارع لألبوم سعد الصغير الجديد يتم القبض على محمد الحلو بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد، بحسابات الفن والموهبة والقيمة لا بد أن ثمة خطأ، فالصغير يليق به تهمة الشيك بدون رصيد، بينما يليق بالحلو أن يكون له عمل جديد يليق بموهبته ننتظره بفارغ الصبر، ربما للأمانة لا بد أن نذكر للصغير دأبه واجتهاده وكونه لا يتعالى على لقمة العيش ويعمل بـ(ثمن) موهبة يعوضها بالعمل فى الوقت الذى ينتظر الحلو من موهبته أنها تسيبه فى البيت وتنزل هى لوحدها تروح الشغل، لكن فى النهاية تعالَ قيِّم الغناء فى مصر الآن ستفكر كثيرًا قبل أن تشير ناحية الناجح الحقيقى فى المجال.

هنا وهناك، ما بين السياسة والفن والعمل العام ورابعة ومشروع قناة السويس والطريقة التى تعمل بها الحكومة أو رئيس الجمهورية وموقف أحمد فتحى وقيمة مصطفى حسين، كثير من الأمور لا يستطيع الواحد أن يقدم فيها إجابة نموذجية بدون ملحق شرح وتعقيب وتوضيح وتفصيص وافٍ للأمور.

السؤال: هل هذا أمر طبيعى؟

أعتقد أنه طبيعى، إذ يمكن العيش بسهولة مع عدم وجود إجابات نموذجية، لكن ما يجعل الأمر صعبًا هو وجود أشخاص يعتقدون أنهم يمتلكونها.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى