أخبار العالمسياسة

في الموازنة الجديدة: إلغاء دعم الشاي وتخفيض الزيت.. وخبراء: قطار الترشيد يجب ألا يقترب من الفقراء

hatem_20135823243

من المعروف أن الشاي والزيوت لا يخلو منهما أي بيت مصري، إلا أن الموازنة الجديدة للدولة لا تعترف بذلك، حيث قررت إلغاء دعم الشاي وتخفيض “زيت الطعام” بمليار جنيه دفعة واحدة، رغم الارتفاع المتتالي في أسعارهما، خلال الشهور الماضية تزامنًا مع جنون الدولار.

كان دعم الشاي التمويني في الموازنة العامة الحالية يبلغ مليون جنيه سنويا مخصصة لشراء ألف طن مقابل 4 ملايين جنيه في الموازنة السابق للعام المالي 2011/ 2012، إلا أن الموازنة الجديدة لا تتضمن أية بنود لدعم الشاي.

ولم يكن دعم الزيوت بأسعد حالاً، حيث تراجع في الموازنة الجديدة ليبلغ 4.6  مليار جنيه مخصصة لشراء ٧٢٨ ألف طن مقابل ٥.٥ مليار جنيه مخصصة لشراء ٨٥٥ ألف طن في الموازنة الحالية “مُعدلة”، بنسبة تراجع تبلغ 15.8%، ومقابل 7.05 مليار جنيه في موازنة 2011 /2012، كانت كافية لشراء ٩٠٠ ألف طن حينها.

وكشفت دراسة لإحدى شركات الشاي، في يونيو الماضي، أن مصر تحتل المركز الأول من حيث استهلاك ذلك المشروب حيث يُعتبر الأكثر استهلاكًا من قبل المصريين بعد الماء، كما ارتفعت أسعاره بنسبة 19,6% على أساس سنوي، وفقًا لنشرة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لشهر أبريل الماضي.

كما جاء تخفيض الكميات المستوردة من الزيوت بالموازنة، رغم ارتفاع أسعارها بنسبة تزيد على 15% وفقًا لتقرير شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية، الصادر في شهر أبريل الجاري، والذي عزا ذلك الارتفاع إلى جنون الدولار، فيما أشار الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى أن أسعار زيت الطعام قفزت بنسبة 6,4% على أساس سنوي، بنهاية أبريل الماضي.

ويشهد إنتاج الزيوت فى مصر فجوة شديدة ما بين الإنتاج والاستهلاك، حيث يتم انتاج كمية محدودة للغاية، مقارنة بالكميات التي نستوردها من الخارج، والتي تتجاوز 95% من احتياجاتنا، وفقًا للمهندس حسن كامل، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية.

ويبلغ دعم السلع التي توزع على البطاقات التموينية في العام الجديد (السكر الزيوت والأرز) 11.5 مليار، من إجمالي 30.8 مليار جنيه تمثل دعم السلع الأساسية بالموازنة الجديدة، مقابل 11.3 مليار للعام الماضي للمواد التموينية، من ٢٦،٦ مليار جنيه تمثل لإجمالي دعم السلع الأساسية بالموازنة الحالية، إلا أن عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، يقول إن رفع قيمة الدعم بشكل عام “أمر محمود”، لكنه لايواكب الزيادات الكبيرة بأسعار الدولار.

ويضيف السيد: “قيمة الدعم عمومًا تقارب الـ 206 مليارات جنيه، مما يعنى ارتفاعها عن موازنة (2012/2013) بنسبة حوالى 18%، إلا أنه بالنظر إلى انخفاض قيمه الجنيه أمام الدولار بنسبة لا تقل عن 28% نجد أن بند الدعم انخفض بنسبة 10% عن العام الماضى.

وأوضح أن دعم المحروقات “المواد البترولية” يبلغ فى الموازنة 155 مليار جنيه تمثل حوالى (75%) من قيمة الدعم بالكامل، قائلاً: “إذا علمنا أن دعم الطاقة يتم انفاق نسبة 60% على المصانع الكبيرة ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، وهى (الحديد والإسمنت والأسمدة والسيراميك والألومنيوم)، فمعنى ذلك أن الدعم يصل للأغنياء دون الفقراء ويجب وضع خطة ترشيد دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة”، على حد قوله.

وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، إن دعم السلع التموينية لايجب أن يتضمن أي تخفيض بأي بند من بنوده، بحجة الترشيد، مطالبًا بزيادت جميع البنود المتعلقة بمحدودي الدخل، في ظل ارتفاع الأسعار، وتزايد عدد السكان، ونسبة الفقر بمصر.

كان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، قد كشف عن ارتفاع معدلات الفقر فى مصر بعد الثورة إلى 25.2% خلال عام 2011، مقابل 21.6% فى 2009 و16.7% فقط عام 1999، موضحًا أن متوسط الانفاق الشهرى للأسر الأكثر احتياجًا بلغ 667.2 جنيه شهريًا بواقع 5.4 جنيه للفرد الواحد يوميًا، تعادل ثمن زجاجة الزيت التموينية عند بيعها خارج البطاقة.

وأشار عبده إلى أن الثورة قامت من أجل تحسين أحوال محدودي الدخل الذين أصبحت أوضاعهم صعبة في ظل الارتفاع المتتالي في الأسعار بسبب زيادة الجمارك والضرائب والتي يدفع تكلفتها الفقراء في النهاية، مضيفًا: “بدلاً من تخفيض بند الزيت بحجة ترشيد النفقات.. يجب البحث في ملف جيوش المستشارين الذين استعان بهم الوزراء في الفترة الأخيرة”.

وطالب عاصم عبدالمعطي، وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات سابقًا، بإعادة توزيع الدخل لتحقيق مبدأ العدالة، التي نادت بها الثورة، مشيرًا إلى أن سلعة الزيوت تعتبر من أساسيات المواطن الفقير، وبالتالي لا يجب تخفيضه على حساب دعم الطاقة.

وأكد عبدالمعطي عدم وجود رؤية للحكومة فيما يتعلق بهيكلة الدعم، أو الشعور بنبض الشارع، فدعم المواد التموينية يصل للأسر الأكثر فقرًا، والذين لايجب أن يتم ترشيد الدعم عليهم على حساب تدعيم المحروقات.

ودعا إلى إعادة صياغة الدعم لمنع كثير من التسريب الذي يحدث حاليًا في فترة لا تقل عن خمس سوات تحاشيًا لوقوع انتفاضات جياع، مشيرًا إلى أن نوعية السلع المقدمة للمواطن ليست على المستوى المطلوب أيضًا، بما يعني أن الهيكلة من المفترض أن تشمل تعاقدات الشراء والبيع،  وألا تتم فقط بنظرة فوقية عبر أسلوب “الشيل والحط” من البنود.

وقال مصدر مسئول بوزارة المالية إنه لايمكن النظر لجانب واحد فقط كالزيت أو الشاي، فالموازنة المخصصة للأرز في الموزانة الجديدة تبلغ 2.3 مليار جنيه لشراء 1.3 مليون طن، مقابل 1.4 مليار جنيه في الموازنة الحالية مخصصة لشراء ٦٠٦ آلاف طن.

ويقع “الأزر” ضمن بند مستقل في مشروع الموازنة العامة الجديدة، إلا أنه كان يقع في الموازنة الحالية ضمن بند يحمل اسم “الأرز والمكرونة”، ولم يتضح إذا ما كانت الوزارة قد ألغت توزيع المكرونة بالموازنة الجديدة أم لا.

وأضاف المصدر أن السكر يُقدر الدعم المخصص له بنحو4.4  مليار جنيه مخصصة لشراء 45.1 مليون طن مقابل 4.3 مليار جنيه مخصصة لشراء 25.1 مليون طن، بارتفاع تبلغ قيمته 22.7%، مما يدل على توجه الدولة نحو دعم محدودي الدخل ووصول الدعم لمستحقيه.

وقفز سعر الأرز بنسبة (7,6%) خلال أبريل الماضي وفقًا للمركزي للتعبئة والإحصاء، بينما تشير شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية إلى أن سعر طن الأرز ارتفع من 3500 إلى 3700 جنيه للطن جملة ونصف جنيه للكيلو.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى