أعمدة

محمد فتحي | يكتب : «السيسى» رئيساً بمباركة «عبدالناصر»

محمد فتحي

بدون لف ودوران، وبدون تنظير، وبعبارات ليس فيها أى قدر من المواربة، عندى ثقة تامة فى أن عبدالفتاح السيسى سيخلع الكتافات، وينزل لحلبة السياسة، ويرشح نفسه فى الانتخابات القادمة، وإن لم يكن يريد، فسيتحول الأمر إلى (مطلب) لأغلبية المصريين خلال الفترة القادمة، أو يصبح المخرج الوحيد للسيسى من ورطة كبيرة ستصبح عائقاً فى المستقبل هو أن يكون رئيساً لمصر.

السيسى الآن أقوى رجل فى مصر، وقد توارت خلفه كل الأسماء والوجوه التى كانت تعد نفسها لانتخابات قادمة، ولبّى دعوته ملايين من المصريين الذين (كرهوا) فعلياً تجربة الإخوان فى الحكم، وصاروا يبحثون عن رئيس بمواصفات أخرى لم تعد حتى تتوافر فى البرادعى أو صباحى أو أبوالفتوح أو حتى شفيق

بعد ما حدث فى الثالث من يوليو من استجابة الجيش لما أطلق عليه السيسى (أوامر) المصريين، صار من الصعب أن يطيع السيسى أوامر أخرى من أى رئيس محتمل سيصبح لزاماً عليه أن يطيح بالسيسى أو يعيش بعقدة نفسية سياسية مزمنة مفادها أن السيسى أقوى منه، وأنه قادر على إزاحته فى أى وقت (بأوامر الشعب).

السيسى نفسه يعرف ذلك، وعلى الأرجح هناك قرار ما سيُتخذ بهذا الصدد، بمباركة من كل من ينتمى للمؤسسة العسكرية، حتى هؤلاء الطامحون، فسامى عنان ليست له أى حظوظ بأى دعم، وشفيق انتهى، وعلى الأرجح لن يكون له أى طموح آخر فى الرئاسة فى مواجهة السيسى الذى يلعب دور الرجل (الأقوى) مؤيداً بملايين تنزل الشوارع فى لحظة من أجله، وهو ما لم يحدث فى حالات أخرى، حتى لو قارنتها بحالة الإخوان ومرسى، لأن أغلب من ينزلون يدعمون (الجماعة) وليس (شخص) مرسى، وينزلون بأوامر حقيقية، كما أن الأمر شبه محسوم بالنسبة لهؤلاء الذين لا ينتمون للإخوان لكنهم ينزلون وفق مبادئهم التى يجب احترامها، لكن هؤلاء ضمنوا مكانهم فى (معارضة) الرئيس السيسى التى ستتراجع بقوة مع مرور الوقت، بعد العديد من الدعوات لاستخدام القوة والعنف مع هؤلاء الذين سيوضعون -شعبياً وإعلامياً- فى خانة الإخوان المسلمين التى، فى الغالب، سيتم حلها ما لم تستجب للوضع الجديد فى مصر، وتعود لحالة (المحظورة).

هناك كذلك حالة من حالات الاستدعاء الشعبى لنموذج (عبد الناصر) الذى أصبح الناس يشبهون السيسى به بأريحية كاملة، وتذيع القنوات الفضائية -بتناغم وتوافق مدهش- أغانى تمجده أو تمجد عبدالناصر فى محاولة جادة لترسيخ صورة ذهنية جيدة للسيسى عند الناس، يعتبرونه بعدها (ناصر 2013).

هذا هو السيسى (عبد الناصر الجديد).. الرجل القوى الصارم والعسكرى الذى يتحدى أمريكا ويعوض السيسى كاريزمته التى لا تقارن بعبد الناصر بخطاب (جدعنة) من النوع (الناعم) الذى يعجب المصريين عبر (كلام حلو) و(شعارات) و(تتقطع إيدنا قبل ما تتمد ع المصريين) و(مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا) وغيرها من عبارات تلقى صدى فى وجود خصم غبى يدير الأزمة بأساليب قديمة يحاول من خلالها الاستقواء بالغرب على وطنه، وهو ما سيضعهم بعد فترة فى خانة (الخونة) ليصبح الأمر أسهل مع السيسى (الرئيس) حين يتعامل معهم، وسيحدث ذلك إن آجلاً أو عاجلاً.

المصريون يحبون الأقوياء المتسترون بسلطة الخلفية العسكرية لأنهم جربوا (بتوع ربنا) وخذلوهم، والكفة كانت متقاربة لو تذكر، فعمر سليمان أرّق مضاجع الكثيرين، والشواهد تقول إنه لو تم ترشيحه فعلياً فربما كان حسم الأمر من الجولة الأولى، وحتى شفيق على هفواته المضحكة وأدائه السياسى المترهل كانت حظوظه الأقوى لأنه اختبأ فى دولاب خلفيته العسكرية التى يحترمها المصريون. ولو لم يكن من المنتمين لهذه المؤسسة لما أعاره أحد انتباهاً، ولعلك تذكر أنه كان سيتنازل لعمر سليمان لو سارت أموره على ما يرام، كما أنه ظل خصماً شرساً وعنيداً حتى اللحظة الأخيرة، أما الآن، فمن سيقف أمام السيسى لو قرر نزول الساحة؟!

الإجابة بيقين كامل: لا أحد.

والسيناريو المتوقع -من وجهة نظرى- تصعيد صدقى صبحى وزيراً للدفاع وقتها، وتعيين أحمد وصفى قائد الجيش الثانى الميدانى رئيساً للأركان تحت قيادة اعتادا العمل معها لسنوات طويلة، لكن اسمها سيتغير من المشير السيسى إلى الرئيس السيسى.

من الآخر..

سيصبح السيسى رئيساً، لأنه لا خيار له سوى ذلك، ولأن الناس بدأت تعامله على هذا الأساس، ولأنه الحاكم الفعلى للبلاد من الآن.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى