أعمدة

محمد فتحي | يكتب : شخص غيرك هو أنت!!

محمد فتحي

شخص غيرك هو أنت، لن يندهش كثيراً حين يلمح حبيبته تضحك على طريقة بنات شارع جامعة الدول العربية وهى تتأبط ذراع خطيبها الذى رضى بالاتفاق عندما قالت له أمها: إن ابنتها لن تدخل إلا بـ(المطبخ) و(النيش)، بينما يردد هو فى منتهى السرعة ولعابه يتناثر مع كلامه: «أنا مش هاخدها إلا بشنطة هدومها»، فتزغرد أمها فوراً وهى تمسح رذاذ لعابه بكم العباية التى أهديتها إياها فى عيد الأم، ويقول أبوها بدهشة «طب مش نسألها الأول»، لتلكزه الأم بقسوة وهى تعض على شفتها السفلى: «اسكت انت خالص».

شخص غيرك هو أنت سيرسل لها sms سائلاً إياها عن السبب الذى يدعوها لقبول شخص غيرك ليس أنت وسيكتشف بعدها أن الرسالة لم يتم إرسالها لأن رصيده انتهى، وستسأل نفسك حتماً عن مصير الدباديب والبطابيط التى أحضرتها لها طوال سنوات دراستكما من أيام الثانوية العامة وحتى تخرجتما معاً فى كلية الآداب قسم حضارة أوروبية -الذى لم تعرفا حين التحقتما به ماذا ستعملان به بعد التخرج وإنما اخترتماه لأن (اسمه شيك أوى)- لتكتشف فيما بعد أن نفس الدباديب هى التى ستضعها على تنجيدها وأمها تغنى بحماس «اتزحلق واجرى» فتردد النساء وراءها (يا رمان).. بينما أبوها الذى هو بقايا إنسان يحذر العيال الصغيرة التى تنزل بـ(كراتين العزال) من أن يكسروا طقم الصينى الأكروبال (الأكروبات كما تردد أمها)، وأطقم البايركس التى (تخش الفرن من غير ما تطق).. وتكتفى أمك بخمسة جنيهات ترميها للمنجد أمام أعين أمها «عشان ما يقولوش إننا متغاظين ولو أن الخمسة جنيه خسارة ف جتة اللى جايبينها»، قبل أن تدارى أمك ابتسامتها الصفراء المجاملة بدمعة ساخنة لا يراها سواك.

شخص غيرك هو أنت سيكف عن ارتداء البناطيل الجينز المحزقة والتى تصفها بأنها (للخواجات) قاصداً سبة كان لسانك يعف عن ذكرها أمامها على الرغم من أن أمها تصف بها كل من هب ودب بمناسبة وبدون مناسبة وفى حضرتها وهى تضحك بعد أن تصدر أمها صوتاً منغوماً من حنجرتها يقول شيخ الجامع إنه ينجس الفم أربعين يوماً.

شخص غيرك هو أنت سيعود للبناطيل الكلاسيك الرخيصة التى يشتريها من (جولدن مان هاوس)، والقمصان المقلمة التى يرتدى أسفلها الكالسون فى الشتاء أو الفانلة بالمقلوب «عشان تدفى صدرك»، كما تقول أمك، وسيكمل الجمعية لآخرها -لأن الفلوس أنت أولى بها والعروسة (جاية جاية)- وسيتعايش مع أخبار حبيبته التى سافرت مع زوجها إلى (بلاد برة)، والتى حبلت بعد الزواج مباشرة وأنجبت توأماً، وستقبل بصفقة الميكروباص التى عرضها عليك أخوك الأكبر منذ عامين لتشاركه فى العمل وتنادى على الزبائن لأن شغل الحكومة لن يؤكلك عيشاً إضافة إلى أنك لم تجده من الأساس، وستتجاهل الوقوف لأمها حين تشير إلى الميكروباص ولن تأخذ الأجرة من أبيها لو ركب معك، وسوف يحاول الجميع -إذا ما رأوك حزيناً- أن يقنعوك بأن ذلك هو الأفضل لك وهم يحكون لك عن فلان ابن علان أو ترتان ابن الجزمة والذين حدث لهم ما حدث معك (بالملى والله) وها هم الآن تزوجوا وأنجبوا عبدالرحمن ويارة وأولادهم زى القرود بينما البنت إياها عاقبها الله بأن أصيبت بالسكر قبل أن تكمل الثلاثين، ومات زوجها مديوناً، وستسمع كثيراً مصمصات شفاه تخرج خصيصاً فى مثل هذه المواقف التى تصحبها كلمات عن حكمة ربنا، لكنك ستتجاوز الأمر برمته وإلى الأبد متصالحاً مع الكون بأكمله حين يفوز الأهلى ببطولة أفريقيا مقسماً أن يكون اسم ابنك الأول (أبوتريكة) بغض النظر عمن ستكون أمه.

(قصة من مجموعة: بجوار رجل أعرفه الصادرة عن دار ميريت)

بقلم | محمد فتحي

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى