أعمدة

مصطفى النجار | يكتب : وخرّف فى الدين كما شئت.. هذا زمن التبديد

الدكتور-مصطفى-النجار

مثلما ابتليت مصر بظاهرة (المحلل الاستراتيجى) الذى يفتى فى كل شىء بلا أى معرفة ودراية أصابها وبال ظاهرة (المتخصص فى شؤون الجماعات الإسلامية) والتى تطورت لتصل لأسطورة المرحلة الحالية (مجدد الدين) التى ارتدى قبعتها بعض من تم تمكينهم من منابر إعلامية مرئية ومطبوعة وانطلقوا يمارسون أسوأ أنواع العبث الفكرى وتفسير نصوص الدين على هواهم.

حملة ضارية تتصاعد فى مصر تتم فيها الإساءة للصحابة والطعن فى كتب الحديث الصحاح والتجرؤ على الذات الإلهية واعتبار ذلك تجديدا للدين ونشرا للتنوير والثقافة الدينية الصحيحة، منشورات صحفية تتهكم على التاريخ الإسلامى وتصر على تشويهه بشكل غير مسبوق لم يتجرأ عليه أشد المستشرقين عداء للإسلام، يختزلون التاريخ الإسلامى فى بعض سقطات وتجاوزات يهيلون بها التراب على الوجه الناصع للحضارة الإسلامية والعربية التى أضافت للإنسانية الكثير من الإسهامات قبل التقهقر والانحدار الحضارى.

شخصيات تاريخية أسهمت فى بناء الحضارة وصياغة أحداث التاريخ تتم إعادة تقديمها للناس فى صور مشوهة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، يجعلون المجاهد إرهابيا، والعالم كاذبا ومدلسا، يركبون موجة الحرب على الإرهاب ليعيدوا تشكيل الخرائط الذهنية للمسلمين والعرب حول حضارتهم وتصويرها كجحيم أصاب البشرية وكان وبالا عليها.

تحت شعارات التنوير تنطلق سهام طائشة تضرب فى أى اتجاه فلا تميز بين ما هو ظنى وما هو قطعى وما هو متغير وما هو ثابت، وتصر على اختلاق معركة مع التراث ليس بهدف تنقيحه وتهذيبه ليلائم العصر ويلبى احتياجات الناس بل لتدميره وفصل ماضى هذه الأمة عن حاضرها وعمل قطيعة مع العصور الذهبية التى أهدتنا نفائس ودررا لا يمكن إنكارها.

سبق هذه الحملة شن حملات مريضة تنال من الأزهر الشريف بهدف إخضاعه وضمان إسكات صوته لئلا يغضب ويرتفع صوته ضد هذا العبث والتشويه والتحريف، كل من يريد أن يبيع بضاعة فاسدة وخواء فكريا يغلفه بشعار الحرب على الإرهاب ومواجهة الإخوان وكأننا يجب أن ننبذ ديننا ونهدم ثوابتنا حتى نثبت أننا ضد الإخوان، هذه مهزلة تدور فصولها على أرض مصر التى تحتضن الأزهر الذى ينظر له العالم الإسلامى كله كحامى قيم الدين الوسطى وحافظ التراث، فكيف سينظر المسلمون فى كل بقاع الأرض إلى مصر وإلى الأزهر بعد ذلك وهم يرون هذه الحرب المستعرة لتشويه كل شىء وتفريغه من مضمونه تحت دعاوى الاجتهاد والتنوير.

نحن بلا شك مع كل اجتهاد وتجديد دينى يقوم على أسس سليمة وينتجه المتخصصون من الثقات وليس نخبة غوغائية تدعى التنوير وتخلط بين ما هو سياسى ودينى وتقرأ التاريخ الإسلامى وتتعامل مع أحداثه بهوى سياسى مريض وتفرح بالتطبيل الذى تلقاه من بعض أنصاف المثقفين والفارغين من كل علم الذين يتعاملون معهم كمجددين للدين وهم مبددون له.

إن كان هؤلاء يزعمون أن ما يفعلونه من عبث يحارب التطرف فهم حمقى لأن تجاوزهم وإسفافهم العفن يعطى الفرصة للمتطرفين للمزايدة والاتجار بتفاهاتهم كحرب على الدين، اتركوا الدين والتاريخ وابحثوا عن ساحة أخرى للعبث، أنتم تصنعون التطرف المضاد وتخلقون المبرر للهوس الدينى، ارحمونا من تنويركم المظلم.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى