أعمدةمقالات

مصطفى حجازي| يكتب: مصر للمصريين..؟! شعارٌ.. أم سؤالٌ.. أم وقودُ ثورة لا ينفد؟!

%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1 %D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89 %D8%AD%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9%8A %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A %D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3 %D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9

بقدرِ ما بَقى شعاراً لدى البعض يُستدعَى لدِغدَغِة المشاعر.. ولدى البعض الآخر للتعبئة ولاستنهاض عصبية.. (الوطنية منها براء).. يبقى الأكثر إلحاحا فيه أنه سؤالُ حيرة.. استفهام واستنكار إن شئت..!

هل مصر للمصريين.. حقاً..؟! كانت كذلك يوماً أو ستكون..؟!

ولأنه بقى سؤال حيرة.. بقى الأصل فيه- دون مبالغة- أنه شرارة كل ثورة.. ووقودها.. وجوهرها..!

جوهر كل ثورات المصريين فى المائة سنة الأخيرة على الأقل وآخرها- حتى الآن- ثورة 25 يناير الممتدة بموجاتها من يناير 2011.. إلى نوفمبر 2011.. إلى يونيو 2013.. كان هو الاقتفاء العملى لذلك المعنى..!

فلو لم يُلِحّ ذلك التساؤل استنكاراً.. لما بَقيت النفوس مُتَمَلمِلَة باحثة عن المخرج.. تَتَلمس العتباتِ الأولى لإحراز معنى الوطن «مصر» فى ثنايا إنسانيتها وكرامتها وحريتها..!

ولو لم يكن القطع بالنفى بأن مصر ليست للمصريين لما كان الانفجار فى كل ثورة..!

ولولا بقاء السؤال والاستنكار مفتوحاً.. لما كان كل هذا التحسس من الاحتقان والتوتر.. وكل هذا الهلع من احتمالية الانفجار.. رغم كل المحاولات البائسة لقتل حُلم الناس.. ورغم كل ذلك الوهم المتمثل فى القدرة على تقنين الغضب أو احتكاره أو إدارته من خلال فوضى تُصنَع.. واحتقان يُكَرَّس.. وضغوط نفسية ومادية تُدبر وتُغذى أكثر منها تُعالج..!

وفى عصب المعنى ذاته.. «مصر للمصريين..؟!».. نستطيع أن نجيب عن سؤال مُرهِق مُستَنزِف، بل محبط..! هل فشلت ثورة المصريين الممتدة بموجتيها يناير 2011 ويونيو 2013..؟!

إن كانت الإجابة قياساً على ذلك المعنى المراوغ.. ففى كل خطوة نال فيها المصريون بعضاً من وعدٍ بـ«وطن» كانت خُطوة نجاح لثوراتهم.. وفى كل خُطوة بقيت «مصر.. حُلم التحقق» قبل «مصر.. الأرض والموارد» حِكراً لبعض مَن يعيشون عليها- نظام حكم كان أو جماعة عقدية أو مؤسسة بيروقراطية كانت- جاءت طعنة فشل أخرى..!

ولو أراد البعض أن يقيس نجاح أو فشل ثورة المصريين بموجاتها من يناير 2011 حتى يونيو 2013 على قدرتها فى أن تثمر «مصراً للمصريين» بمعيار القرن الواحد والعشرين.. فقد فشلتا..!! ولكن وبمثلها فشلت كل ثورات المصريين- قاطبة- فى المائة سنة الأخيرة بداية من ثورة 1919 حتى يومنا.. وهذا قياس صحيح لمَن أراده..!

على ضفة أخرى.. نعم جرت وتجرى محاولات- واهمة بائسة مآلها فشل متتالٍ- لقتل حُلم العُدولِ فى غدٍ مستحق لمصر.. غد أرفق وأعدل وأعقل..!

وإن لم تبدأ تلك المحاولات الآن وإن لم تنتهِ حتى الآن.. وإن تلبست رداء الدين تارة وتتلبس رداء الدولة تارة أخرى.. فمجرد هذا الإصرار الأرعن المتوتر على استعداء الحلم ومحاربته هو دليل بقاء جذوته.. وهو دليل أن ثورات المصريين مازالت حية.. حتى وإن لم يتحقق وعدها.. وذلك قياس صحيح آخر يقتضيه العقل والعدل..!

بقاء الحلم حياً هو قرينة حياة الشعوب التى احتوته بوجدانها.. حتى وإن استبطأت تحقيقه واستثقلت خطاه.. لكن يظل ترقى الشعوب نحو حلمها مرهوناً بسُنَنٍ إلهية لن تتغير..!

سُنَن لا تُجامل ولا تُحابى.. سُنَن تتجاوز بقاء الحلم حياً..

سُنَن بها إصرار على العدل والعمل على إقامة قواعده.. ليكون هو منطق التباين بين الناس كل بأهليته.. قبل أن يكون ضمانة لتساو جائر بين متواكلين..!

وسنن بها استدعاء للحرية لتكون هى حدود الالتزام والمحاسبة.. قبل أن تكون رفاهية الانفلات والتغول على الحقوق..!

إن لم نكن أهلاً لعدل.. فلن يكون لنا حظ فى العدل.. وإن لم نكن أهلا لحرية فلن نكون وطناً حراً.. ولو لم نعرف كيف تكون مصر للمصريين ونعمل أن تكون مصر للمصريين.. فسيبقى معنى الوطن حائراً مراوغاً.. وستبقى ثوراتنا قديمها وحديثها مجرد «ثورات دفترية» نُباهى بها على أوراقنا ونَدَّعِى فيها أننا استرددنا مصر للمصريين.. مرة بأن زال علم مستعمر عن سماء القاهرة.. ومرة بأن زال وجه سلطة مماليك نظام شائخ.. ومرة بأن زال وجه سلطة مماليك تنظيم جماعة ضالة..!

كانت مصر وطناً وستكون «لمَن».. كانت «بهم» وطناً وستكون..

ففى تاريخ مصر قديمه وحديثه.. لم تشهد لكثير ممن حملوا حُلمَها- بين أضلُعِهم- أوراقا ثبوتية رسمية تقول إنهم مصريون مولداً أو منشأ.. ولكنهم كانوا مصريين حُلماً وعقيدة.. فأثرَوْها ثقافةً وفناً وعلماً وسياسة وأمناً وإعماراً.. لم تكن وطنيتهم أثَرَة ولا عَصَبية.. ولكن كانت حياةً وحريةً واقتفاءً للسعادة فى رحاب وطن اسمه مصر.. لم يُرَاوِدهم إثمُ الاستئثار بها ولكنهم عرفوا أنها تَسَعهم بقدر ما يستودعونها حُلُمهم «لها» بالترقى وحُلمهم «فيها» بالتحقق.. وهكذا كانت كل الأوطان لمَن اعتقدوها..!

وأكم ممن حملوا ويحملون اسمها وينتسبون لها بالمولد والمنشأ.. ممن لا يعرفون عنها إلا تضاريس وموارد وإرث سلطة يُزاحمون عليه بشرعية الانتساب لها بأوراق المولد والارتزاق فى مؤسساتها..!

أخيراً.. فلنعلم أنه متى كانت مصر للمصريين هدأت ثورتها وحيرتها..

وحتى ذلك الحين..

لـ«المتعسفين» المحاولين قتل ثورات مصر جَرِّبُوا أن «تكون بكم مصر وطناً» قبل أن «تدول لكم مصر دولة»..

ولـ«الحالمين بها ولها».. عُضُّوا على أحلامكم بالنواجذ واجعلوا الحُلم حُلم العدل..

ولـ«الحيارى» المتسائلين عن نجاح ثوراتهم من عَدَمِه.. اجعَلوا حيرَتَكم فى فهم معنى العدل برحمته وقسوته.. وفهم معنى الحرية بسعتها وضيقها.. تنجح ثورتكم.. لأنه حينها- وحينها فقط- سيكون لـ«مصر» «مصريون».. بهم تكون ولهم تكون..!

فَكِّرُوا تَصِحُّوا..

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى