رأيمقالات القراء

مقالات القراء | محمد زلط يكتب : انا و الاخوان و الرئيس !!

561134 10152359700455372 1802071121 n

حكايتي مع الاخوان تشبه الى حد كبير حكاية الكثير من المصريين ” المتعاطفين ” مع جماعة مضطهده من نظم الحكم المتواليه علي مدار ٨٠ عاماً ، جماعة منظمة تتبع منهج اسلامي معتدل في الدعوة ، لها اساليب منظمة و كوادر تعمل علي الارض بكفاءة يحسدون عليها رغم ما كانوا يلاقون من كافة انواع الاضطهاد و السجن و التنكيل ، الا انهم دائما ما كانوا يحافظون علي رباطة جأش و سلمية المعارضة وهو ما كان يكسبهم تعاطف الكثيرين ممن لا ينتمون الى الجماعة ” و قد كنت واحد منهم ” وكذلك تكافلهم فيما بينهم و مع شريحه عريضة من الفقراء ” المهمَلين ” اللذين لا يشعر بهم الحكام ، اكسبهم قاعدة شعبية لا يستهان بها ، كانت علي الدوام مصدر قوة لهم و مصدر ” خوف و ازعاج ” لنظم الحكم فكانوا دائما ” كالشوكه ” التي تؤرق الحاكم !

و مع قيام ثورة ٢٥ يناير قدّم شباب الاخوان التضحيات مثلهم مثل باقي شباب مصر اللذي تمرد علي الظلم و التهميش و التوريث ، و تجلت هذه التضحيات يوم الاربعاء الحزين الشهير ب ” موقعة الجمل ” وقدموا من الشهداء ما يجعلهم مرفوعي الرأس بعد نجاح الثورة في تطهير رأس النظام .

و بدأت مصر مرحله جديدة مليئة بالامال و الاحلام في انتهاء الظلم و الفقر اللذي طال السواد الاعظم من الشعب ، فكان شعار المرحله له علاقة مباشرة بما قامت الثورة من اجله ” عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية ” رغم قناعتي ان المصريون يستحقون ما هو اكثر بكثير من محتوى هذا الشعار ! فشعب يحمل على اكتافة ثقافة آلاف السنين و عاش فترات طويله من الظلم و الحروب ، يجب ان يكون سقف طموحاته اعلى بكثير من ذلك ، و لكن لا بأس من ان يكون هذا الشعار هو مجرد البداية و اول الغيث .

و بعد انتخابات رئاسية ساخنة جاءت اللحظة التاريخية للاخوان المسلمين ! ها هو اول رئيس مصري منتخب ” اخواني ” يتولى سدة الحكم بعد ان سيطر الاخوان و السلفيين على الاغلبية البرلمانية ايضاً ..فتباينت ردود افعال الكثيرين ما بين ” مهللٍ ” و ” مترقب ” و” مرحب ” و ” مرعوب ” ..!

فكنت انا من هؤلاء ” المترقبين ” .. اؤمن ان الاخوان المسلمين كفصيل من المصريين من حقه ان يحكم طالما حاز على الاغلبية بإنتخابات ديمقراطية .. و رغم تحفظي علي كفاءة ” المرشح محمد مرسي ” كقائد للمصريين ، الا انني احترمت اختيار الشعب فكان لذاماً علي ان ادعمه و اكون سنداً لرئيس مصر حتى نتعدى هذه المرحلة الصعبة ” فمصريتي اهم بكثير من توجهي السياسي ” .. و تحملت الكثير من الاتهامات بأنني اصبحت ” اخوانجي ” و احياناً ” راديكالي ” و احيان اخري ” متشدد ” و مضلل ” بفتح اللام ” …. و تحملت غيرها الكثير من التهكم و السخرية ، و لكن هذا كله لم يحبط من عزيمتي في الدفاع عن الرئيس ” اللذي لم انتخبه ” لانني ببساطة اعلم جيداً كيف ستكون الصورة ” مظلمة ” لو فشل هذا الرئيس او لم يكمل مدته ! فالبديل من وجهة نظري ” مروع ” و قد نتعود على مصطلحات مثل ” الفوضى ” ” الانقلاب العسكري ” و ” الحرب الاهلية ”

و الحقيقة انني لم اكن ممن يعتقدون ان الرئيس مرسي هو مجرد اداة للاخوان على كرسي الرئاسة ! فالرجل بدأ فترته الرئاسية ببعض النجاحات في العلاقات الخارجية و كذلك نجح في انهاء ما تبقي من حكم القيادات العسكرية في انقلاب ناعم ناجح اثبت ان الرجل يمتلك الشخصية و القدرة ! ، الا انني مثل الكثيرين كنت انتظر ان يبدأ العمل ” الجاد ” علي جميع المستويات ، فالوقت ليس في صالحنا تماماً ، و اقتصاد الدولة لا يتحمل العبث و نحن على وشك الافلاس .. و للأسف طال الانتظار و انصرف الرئيس في معارك جانبية ” صغيرة ” مع معارضية و مع الاعلام اللذي اعترف انه كثيراً ما يفتقد للحياديه ، في الوقت اللذي كان يجب عليه ان يحتوي جميع معارضية و يسهم في خلق هدف واحد يلتف حوله الجميع ، لتخرج الأمة من عثرتها

و لكن للاسف وقع الرئيس في المحظور ! مثله مثل الكثير منا الآن ! و ها هو يعيش حاله من ” الاستقطاب السياسي ” و اصبحت خطاباته الاخيرة تفوح منها رائحة ” التحزب ” ! و اصبح خطاب رئيس اكبر دولة عربية مليئ ” بالغمز و اللمز ” و الرسائل المبطنه لمعارضية بشكل لا يليق بمقام رئيس الدولة !

و في النهاية ، ختمها بإعلان دستوري ” كارثي ” تسبب في تقسيم الأمة و اشاع الكراهية و البغضاء بين ابناء الشعب ! و افقده الكثيرين المساندين له و استقال العديد من مستشارية ” المعتدلين ” ، و ها هو يُستقطب يوماً بعد يوم و يزداد تحزباً و ميلاً لمؤيديه ليكون رئيس جمهورية مصر الاخوانية السلفية ” فقط ”

سيدي الرئيس ! لم تترك لي اي مخرج لأدافع عنك ! و انا استشعر الخطر الكبير يأتي من ناحية ” قصر الاتحادية ”
سيدي الرئيس ! لقد نسيت انك رئيس جميع المصريين في اول اختبار حقيقي !
سيدي الرئيس ! انت تحفر في البحر ، فالوطن لا يمكن اختزاله في جماعة واحدة او فصيل بعينه !
سيدي الرئيس ! لقد خسرت جماعتك في ٤٨ ساعة ما كسبته خلال ٨٠ عاماً !
سيدي الرئيس ! لقد خسرت تأييدي و دعمي لك و دفعتني مثل الكثيرين للتفكير جدياً ان اهاجر و اترك ” بلدي ”
سيدي الرئيس ! ” اتقِ الله ”

بقلم : محمد زلط

*مقالات القراء تعبر عن رأي كاتبها وليست بالضرورة تعبر عن رأي الشرقية توداي 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى