مقالات القراء

مقالات القراء | منصور عبد المنعم يكتب:أحببته ثلاثون عاما ثم طعنني في ظهري

كنت أسير في طرق عودتي إلي البيت أتأمل هذه  الشوارع المليئة بالبشر كل واحد يمشي في وادي وبائعه جائلين كل واحد ينادي علي سلعته وأنا في وسط هذا الزحام وجدت محطة الأتوبيس فجلست عليها لأرتاح قليلا وكانت عيناي مازلت تراقب المارة  بالشارع وأتأمل قدرة الخالق تجد الشاب الوسيم والفتاة الجميلة والمرأة العجوز والطفل الصغير الذي يمسك بيدي والدة وكأنة يتشبث بالحياة

الجميع يمشي في طريقة وتشعر إنهم يسرون نحو هدف معين حتي حيني تتلاطم الأكتاف مع بعضها من شدة الزحام لا يبالون ويكملونا طريقهم وفجأة وأنا منهمك في تأملاتي سمعت صوت يتحدث بجانبي فنظرة إلي مصدر الصوت فإذا بامرأة عجوز قد رسم عليه الزمن بريشة ملامح كثيرة توحي بمدي معاناتها

قالت لقد أحببته وأعطيته كل عمري فقولت لها هل تحدثني لم تلتفت لي وكأني شبح غير موجود وكأنها لم تراني أو تسمع صوتي وأكملت حديثها وقالت

من الحب ماقتل هل جزاء الحب القتل لقد احببتة ثلاثون عاما كم كنت أتمني له السعادة كم كنت أسهر الليل بجانبه وهو مريض ولا أغفو حتي يستيقظ من نومه كان هو كل حياتي خسرت كثيرا من اجل حبه ضحيتي بكل شيء من أجلة وبعد كل هذا الحب يغدر

كل هذا وانا استمع لهذه المرأة وأتخيل حياتيها من حديثها ونبرة المرارة في صوتها ولكن فضولي كاد يقتلني من هذا الذي ضحت من أجله هذه المرأة وماذا فعل بها حتي تكون بهذا الحال الأشبه بالجنون والهذيان

لابد أن أسألها وفي صوت خافق قولت لها يا أمي هدئي من روعك ماذا بك وماذا أصابك ومن هذا الرجل الذي تتحدثي عنه

فلم تلتفتي لي فقولت ربما أنها لا تسمع جيدا فمسكت بكتفها وقالت لها ما بك فلم تلتفت إلي وهنا أحمر وجهي من الخجل وتلفت حولي لأري من رآني من ممن ينتظرون الأتوبيس فوجدت أنهم لا ينظرون إلينا وكأننا لسنا موجودين

فأدرت وجهي ناحية المرأة لأحدثها مرة أخر ولكني لم أجدها فنظرت حولي في جميع الاتجاهات لم أجدها وكأنها سراب أين ذهبت وأين اختفت وكيف اختفت بهذه السرعة وهي امرأة عجوز تمشي بصعوبة وبينما أنا غارقا في الحديث مع نفسي وحيرتي في سر اختفاء هذه المرأة أذا برجل يضرب علي كتفي ويقول لي أستيقظ

أستيقظ  فنظرت له وانا في تعجب وسالت نفسي هل كنت نائما هل ماحدث مع هذه المرأة كان مجرد حلم ربما غفوت قليل من شدة الإرهاق ولكن هل غفوت قبل أن أشاهد المرأة أم أني غفوت وكانت هذه المرأة مجرد حلم

وهل كانت تستحق هذه المرأة غدر الرجل الذي ظلت تحبه ثلاثون عاما

هذه أمرآة واحده فما بالنا بشعب ظل يحب مبارك أو كان يتخيل لنا أننا نحبه علي مدي ثلاثون عاما وبعد كل هذا  يطعننا  في ظهورنا بل كان يطعننا في قلبنا امام أعيننا

فهـــــــــل نسامــــــــــــــــــحه بعــــــــــــــــــــد هـــــــــــذا الغـــــــــــــــــــــدر؟

أذا استطاعة المرأة العجوز أن تسامح من أحببته وغدر بها  ربما نستطيع أن    نسامح مبارك علي مافعله بنا ولكن بعد أن نأخذ حقنا منه

بقلم:منصور عبد المنعم

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى