رأي

مقالات | محمد فتحي الجابري : يكتب | رحلة إلى صندوق القمامة

534659 340028546076701 965804539 n
جسدٌ يلمُّ شتاتهُ المبتورِ من جوفِ المزابل كلها
جسدٌ يدورُ كألف حاجٍ حول صندوق القمامةِ

والقمامةُ داخلهْ
جسدٌ تشتتَ في التوحّدِ مُرغماً
ذاقَ التغرّبَ في الوطنْ.
***
هذا الذي قالوا جسدْ
شيئٌ تناثرَ في الظنونِ وما اتحدْ
شيئٌ ضعيفٌ كالزجاجِ تهشمتْ أوصالهُ
صلّى لصندوق القمامةِ واستكانَ إلى العفنْ.
***
قِططٌ تحاربُ في قِططْ
قِططٌ تضاجعُ نفسها
ومواءها كُفرٌ من البيعِ الرخيصِ لربّها.
هذا الجسدْ
قالوا : تحنّط واستحالَ مقابراً
والدودُ يعوي في البواطنِ آكلاً
حتى القماشَ من الكفنْ.
***
كتبوا على الصندوقِ بلدتنا نظيفةْ
كتبوا علي الصندوقِ بلدتنا شريفةْ
وعلي الشوارعِ قدْ تناكحت القططْ
وابن الفراشِ يطوفُ بالطرقاتِ يبحثُ عنْ سكنْ.
***
في داخل الصندوقِ تحيا دولةٌ
فيها الذبابُ يداعبُ القططَ المريضةَ بالجُزامِ وبالخمولْ.
فيها البعوضُ يقيئُ كُرها واضحاً لكنهُ
يخفي الضغينةَ لا يقولْ.
في خارجِ الصندوقِ كلبٌ نائمٌ
فيهِ اللعابُ يسيلُ ضعفاً لا يُريدُ سوى الوسنْ.
***
الكلُّ يأُكلُ حينَ يأكلُ والشبعْ
حُلمٌ تعثّر في طريقِ المستحيلْ.
الكلُّ يدعو للتوحّدِ والفراقُ كيانهم
الكلُّ يدعو للدنوّ وقلبُهم نحو الرحيل.
في جُثةٍ تحوي صناديقَ القمامة كلها
عاشت عيوني تستدينُ من النوائبِ ذلها
وترى التراشقَ بالمبادئِ والقيمْ
وترى الصلاةَ على الوثنْ.
***
قِططٌ قِططْ
قِطٌّ يقولُ : أنا الأملْ
قِطٌّ يقولُ : وبالعملْ
قِططٌ تناقضُ قولها
مَنْ قال فيها لمْ يقلْ.
قِططٌ تحررُ فرْجها للعابرينْ
قِططٌ تبيعُ إناثها للنازحينْ
قِططٌ تقولُ :
بربنا نحنُ الولاةُ على الآواني والطعامْ
نحنُ السبيلُ إلى التقدمِ بالكلامْ
قِططٌ تقسّمُ نفسها وبفرحها يبكي الشجنْ.
***
شاخَ الكلامُ وقدْ تغوّطَ في الشوارعِ لاهثاً خلفَ الجرادْ.
تلكَ الشوارعُ داخل الصندوقِ ليست خارجهْ
فيها الصراعُ على الفُتاتِ مناسكاً للدينِ والدنيا معا
صُلبتْ شوارعُ عُمرنا
فوقَ الصناديقِ المليئة باللعابِ وبالبرازِ وبالمحنْ.
***
قِططٌ قططْ
مُسْتَقْطَبونَ على الموائدِ بالخُططْ.
قِططٌ صِغارٌ يرضعونَ مكائداً
يتقيّئونَ مغبّةَ التنويرِ في أرض الظلامْ
نامَ الكلامُ
على الظلامِ
فبالسلامِ
على النيامِ
رأيتُ قِطّاً يبتغي فِعلَ اللواطْ.
هلَّ المُلامُ
من الحرامِ
على المرامِ
فبالغرامِ
يعيشُ قِطٌّ ينتوي هدمَ الصِراطْ.
دَمُها مُباحٌ قِصتي والقِطُّ بالَ على اللبنْ.
***
يا سادتي
إن الحقيقةَ قدْ أذاعتْ نفسها
فوقَ الشفاه اللاعقاتِ لدمْعها
كذِبٌ يذوبُ على اللسانْ
جسدٌ تخثر واستكانْ
دودٌ تجبّرَ بالهوانْ.
في داخلِ الصندوقِ شِقٌ يتّسعْ
والكلُّ عَمداً أهملهْ.
كل الحكايةِ أنها لا شئَ إلا مزبلهْ
عثروا عليها – في الحقيقةِ – في جسدْ
نظروا بها
وجدوا بها
قِططٌ تحاربُ في قِططْ.
المصدر | الشرقيه توداي

*مقالات القراء تعبر عن رأي كاتبها وليست بالضرورة تعبر عن رأي الشرقية توداي

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى