أخبار العالم

نص كلمة مجدى عبد الغفار فى إجتماع وزراء الداخلية العرب بالجزائر

وزير الداخليه الجديد

شارك اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية في الدورة الـ 32 لمجلس وزراء الداخلية العرب، المنعقد بالجزائر، لبحث زيادة أطر التعاون في المجالات الأمنية المشتركة، وجاء نص كلمته:

«معالى السيد الطيب بلعيز وزير الداخلية والجماعات المحلية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ولى ولى العهد، النائب الثانى لرئيس الوزراء، وزير الداخلية فى المملكة العربية السعودية، الرئيس الفخرى لمجلس وزراء الداخلية العرب، أصحاب السمو والمعالى الوزراء، معالى الدكتور محمد بن على كومان ، أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب».

أود في مُستهل كلمتي أن أتوجه بعميق الشكر وعظيم التقدير لفخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وللجمهورية الجزائرية، قيادةً وحكومةً وشعباً، على حفاوة الإستقبال والترحيب وكرم الضيافة التي حظينا بها منذ وصولنا ضيوفاً على بلدكم الشقيق.

وإذ أتوجه بالتهنئة لصاحب السمو الملكى الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، على مبايعة الشعب السعودى لسموه ولى ولى العهد، وشغله لمنصب النائب الثانى لرئيس الوزراء، ووزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، سائلين المولى عز وجل أن يعينه على مسئولياته الجسام.

أصحاب السمو والمعالى الوزراء، السيدات والسادة، يأتى إجتماعنا اليوم فى ظل التطورات المتلاحقة للتحديات التى تواجه أمتنا العربية.. وذلك بعد التحولات التى طرأت على حركة ونشاط التنظيمات الإرهابية وعلاقتها بعصابات الجريمة المنظمة منذ تحولت مواجهة تلك التنظيمات من مواجهة أمنية تهدف إلى تفكيكها وشل حركة قياداتها وكوادرها ومحاولة تصحيح مفاهيم عناصرها وتجفيف منابع تمويلها وعدم توفير ملاذ آمن للهاربين منها إلى حرب وجود أو عدم.. تستخدم فيها دولنا كافة أجهزتها لمواجهة هذا الخطر الداهم الذى لايستهدف الوصول للسلطة فحسب.. بل تقسيم الدول العربية وتدمير قدراتها العسكرية والأمنية ومحو تاريخها الثقافى وتراثها الدينى والحضارى.

لقد إستخدم أعداؤنا مرتزقة التنظيمات الإرهابية الذين تلوثت معتقداتهم بأفكار خوارج هذا العصر من مفكرى وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية لترويع الآمنين في بلادنا بقتل الأبرياء بدم بارد «ذبحاً أو حرقاً.. تفجيراً أو رمياً بالرصاص»، والإعتداء على الأموال وإنتهاك المقدسات الدينية، فضلاً عن إستخدامهم الإعلام المرئى والمسموع وشبكات التواصل الإجتماعى في التحريض على العنف والإرهاب وإصدار التكليفات وتجنيد الأنصار ونشر الفكر المُنحرف في كافة ربوع المعمورة.

لقد عمد أعداء أمتنا العربية بعد أن شعروا أن تنظيم القاعدة الإرهابى أصبح غير قادر على تحقيق مآربهم في زعزعة الأنظمة العربية.. إلى ترك الساحة مفتوحة أمام التنظيم الذى أطلق على نفسه إسم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)»، لينمو ويزداد عنفاً ودموية ويعلن عن وجوده.. إما بغض الطرف عن حركته تارةً، أو بدعمه مادياً ولوجيستياً وعسكرياً بشكل مباشر أو غير مباشر تارةً أخرى.. حيث تمكن هذا التنظيم من جذب أعداد كبيرة من الأنصار لإمتلاكه قدرات مالية كبيرة وأسلحة متطورة وتدريبات متقدمة على الأعمال الإرهابية وقدرات عالية على إستخدام شبكات الإنترنت لتجنيد الأنصار والتحريض على العنف.

وقد تعاظم خطر هذا التنظيم بعد أن بايعه تنظيم «أنصار بيت المقدس» فى سيناء والتنظيمات الإرهابية على الساحة الليبية، وسيظل يتعاظم خطره إذا لم تتضافر جهودنا وإذا لم نعزز تعاوننا لمكافحة الإرهاب في كافة المجالات وبخاصةً تبادل المعلومات في مختلف مجالات العمل الأمنى وتنفيذ المهام المشتركة وتجفيف مصادر التمويل، وحث الدول على عدم توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، ومحاولة إيجاد الصيغ القانونية الفعالة والآليات الناجزة، لحجب المواقع الإلكترونية التي تستخدمها العناصر الإرهابية في تواصلهم ونشر أفكارهم الخبيثة .

أصحاب السمو والمعالى الوزراء، السيدات والسادة، إننا ندرك إدراكاً كاملاً لحقيقة التحديات الأمنية التي تواجهها الدولة المصرية، وأن حربنا على الإرهاب ليست بالحرب الهينة فهى حرب حتى نتمكن من إجتزاز الإرهاب من جذوره وتجفيف منابعه، لذلك فقد إعتمدت وزارة الداخلية إستراتيجية أمنية متوازنة لمواجهة هذه التحديات، إعتمدت على المحاور التالية: إعادة بناء قدرات هيئة الشرطة وتدريب ضباطها وأفرادها على أحدث وسائل مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة والجنائية، والتعاون مع الدول الصديقة على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى لمواجهة جرائم الإرهاب والإتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية والإتجار فى المواد والعقاقير المخدرة وغيرها.

كذلك، التعاون مع مؤسسات الدولة الدينية والثقافية والإعلامية لبث مواد توعية حول إنحراف الفكر المتطرف وخطورته وبث روح التسامح والإخاء وطرح مفاهيم الوسطية السمحة للإسلام، وإتخاذ خطوات جادة وسريعة في بناء قدرات الدولة الإقتصادية وتنمية المناطق العشوائية والريفية لمحاصرة البؤر الإجرامية ومراكز تجنيد الشباب لصالح التنظيمات الإرهابية.. وستتوج هذه الجهود بعقد المؤتمر الإقتصادى بمدينة شرم الشيخ بعون الله، فضلا عن إصدار قانون «الكيانات الإرهابية»، الذى وضع تعريفاً دقيقاً لتلك الكيانات والمرتبطين بها مما سيكون له أثراً إيجابياً ملموساً في الحد من الأنشطة الإرهابية .

أصحاب السمو والمعالى الوزراء، السادة الحضور، لقد أعطت حالة عدم الإستقرار الأمنى والسياسى في بعض الدول العربية مع تنامى نشاط التنظيمات الإرهابية التي تحاول صبغ أعمالها الإجرامية بالصبغة الإسلامية الفرصة للدول التى تتربص بنا، لتكيل الإتهامات بأننا دول صانعة للإرهاب، وتحاول أن تُلصق بنا أسباب ظهوره وإنتشاره متجاهلةً أن الإحتلال وسلب حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وسرقة أراضية وإنتهاج المجتمع الدولى لسياسات منحازة ضد القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية، هو السبب الحقيقى والداعم القوى للإرهاب وعناصره.

وهنا يتحتم علينا أن نشير إلى خصوصية الأوضاع في دولة ليبيا وتأثيرها على دول الجوار فى ظل منازعة تنظيمات إرهابية وأطراف غير شرعية للسلطة الشرعية المنتخبة شعباً والمعترف بها دولياً، وتقاعس الأطراف الدولية ذات الصلة عن تقديم الدعم الكامل والحقيقى للسلطة الشرعية، حتى تتمكن من بسط نفوذها على كامل الأراضى الليبية وتقضى على التنظيمات الإرهابية المتواجدة على أراضيها وتتصدى لجرائم الهجرة غير الشرعية ومحاولات إستغلال أراضيها في تهريب السلاح والمواد والعقاقير المخدرة وغيرها من الجرائم العابرة للحدود الوطنية.

وأود أن أؤكد من خلال هذا المحفل الأمنى العربى الهام، على أن مصر تثمن التعاون البناء مع أجهزة الأمن والمؤسسات الشرعية الليبية وتدعمها بشدة فى مكافحتها للإرهاب والسعى للحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، كما تعول على إستمرار التعاون المُثمر معها لإجهاض المخططات العدائية وضبط الحدود وإحكام الرقابة على السواحل بما يحقق الأمن والإستقرار لها ولجيرانها.

أصحاب السمو والمعالى الوزراء، السيدات والسادة، منذ أن إستشعرت مصر خطورة تلك الأحداث المتلاحقة على الأمة، لم تترك محفلاً إلا وحذرت من إحتمالات إتساع نطاق الإرهاب بالمنطقة وإمتداده وتشعبه ليصل لأبعد ما يمكن تصوره، ولقد أكدنا خلال الدورات السابقة للمجلس الموقر على حتمية التضامن العربى في هذه المرحلة الدقيقة لمواجهة التحديات التى تهدد أمن وإستقرار المنطقة.

وفى ظل كل هذه الأخطار والتحديات التى تواجه أمتنا العربية، وما لها من تداعيات كبرى تُمثل تهديداً لكيانها وهويتها، فقد أصبح الأمر يتطلب مراجعة شاملة لإستراتيجياتنا في المواجهة والتصدى الحاسم لكل ما من شأنه المساس بالأمن القومى العربى، وأرى في هذا الصدد أن نضع في إعتبارنا النقاط الهامة التالية:-

أولاً: أهمية إتخاذ المجلس الموقر لإجراءات فاعلة لمواجهة التحديات الأمنية التى تواجهها الأمة العربية.. ويأتى فى مقدمتها التعجيل بعقد الإجتماع المُشترك لمجلسى وزراء الداخلية والعدل العرب.. لتفعيل الإتفاقيات الأمنية والقضائية.. لاسيما فى ضوء ما تشهده المنطقة العربية من تداعيات أمنية متلاحقة.. تستوجب سرعة التعامل معها ومواجهتها بشتى الوسائل الأمنية والقانونية.

وأدعو الأمانة العامة للمجلس الموقر لإتخاذ كافة الإجراءات والسُبل الواجبة لذلك.. خاصةً وأن مصر قد تقدمت برؤيتها للأمانة العامة فى هذا المجال.. ويمكن أن تكون نواة للنقاش بين السادة أعضاء المجلسين.

ثانياً: ضرورة إضطلاع المجلس المُوقر بإتخاذ قرارات حاسمة.. لتفعيل الآليات المتصلة بتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء فيما يتصل بحجب كافة المواقع الإلكترونية المُحرضة على الإرهاب والعنف وتجنيد الشباب لإرتكاب أعمال إرهابية.

ثالثاً: إصدار المجلس المُوقر بياناً خاصةً بمكافحة الإرهاب والإستنكار الشديد للأعمال الإرهابية التى تشهدها بعض الدول العربية.. وتوجيه رسالة لدول العالم تتضمن أهمية التوقف عن أساليب التحريض الإعلامى وتنفيذ تعهداتها الدولية بعدم إيواء أو إستضافة أو منح حق اللجوء السياسى للعناصر والكوادر المُتطرفة والإرهابية وتسليم المطلوبين قضائياً.

رابعاً: إضطلاع المجلس الموقر بحث المكتب العربى للأمن الفكرى.. للعمل على إستحداث إستراتيجية شاملة لمواجهة الفكر المتطرف على نحو يدعم جهود دولنا فى مكافحة الإرهاب.

خامساً: تبنى مجلسكم المُوقر إستراتيجية لتنمية وتفعيل التعاون فى مجالات التدريب المُشترك وتبادل المعلومات لتنفيذ المهام العملياتية فى مواجهة الإرهاب والجريمة المُنظمة والجرائم العابرة للحدود بشكل أكثر كفاءة بما يحقق النتائج التى ننشدها جميعاً .

أصحاب السمو والمعالى الوزراء، السيدات والسادة، أود في نهاية كلمتى أن أتوجه بخالص الشكر وعظيم التقدير لكل من وقف إلى جانب الشعب المصرى وقيادته في مواجهة الإرهاب، وأتوجه بكل التقدير والعرفان لأشقائنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، على كل ما قدموه من دعم للشعب المصرى، كما نُثمن موقف الأشقاء فى المملكة الأردنية الهاشمية ومملكة البحرين على مواقفهم الداعمة للسياسة المصرية.

ولدينا عقيدة راسخة بأن مصر محفوظة بعون الله، وستخرج من تلك الأزمات أقوى وأفضل مما سبق، وسيتذكر الشعب المصرى من وقف معه فى خندق واحد، كما أنه لن ينسى من وقف ضده ليعمل على إعاقة تنميته وقدرته على إستكمال مسيرته نحو التقدم والإستقرار.

كما أتقدم بالشكر للسيد محمد حصاد وزير الداخلية فى المملكلة المغربية الشقيقة على ما بذله من جهد خلال رئاسته للدورة السابقة.. ونتوجه بالتحية للسيد الطيب بلعيز وزير الداخلية فى الجمهوية الجزائرية الشقيقة، سائلين الله عز وجل أن يوفق سيادته في رئاسته لدورة المجلس الجديدة.

والشكر موصول للسيد الدكتور محمد بن على كومان أمين عام المجلس على الجهد الوافر للأمانة العامة ومكاتبها المتخصصة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.. فى متابعة تنفيذ فعاليات المجلس المختلفة وما يصدر عنها من توصيات وقرارات.

أسأل الله العلى القدير أن يزيدنا علماً وبصيرة ودقةً وتأملاً فى قضايا أمتنا العربية وأن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير لأوطاننا.. وأن يكون حصاد عملنا ملبياً لطموحات شعوبنا.. إنه نعم المولى ونعم النصير».

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى