سياسة

ننشر نص كلمة السيسي بالجلسة الختامية بالمؤتمر الوطني للشباب

شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الخميس، في الجلسة الختامية للمؤتمر الوطني الدوري الثالث للشباب الذي انعقد بالإسماعيلية خلال الفترة من 25 إلى 27 أبريل الجاري، حيث عرضت مجموعة من الشباب نتائج المؤتمر وما أسفر عنه من توصيات ومنها إعلان عام 2018 عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة، وإطلاق مبادرة لتجميل الميادين وتقنين أوضاع المشروعات الشبابية المتنقلة التي تواجه صعوبة في الحصول على التراخيص، وتشكيل مجموعات للرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة المختلفة، ودراسة تطوير المجلس الأعلى للاستثمار وتحويله إلى المجلس الأعلى للاستثمار والتصدير، بالإضافة لتفعيل دور المجلس الأعلى للمدفوعات لدمج الاقتصاد غير الرسمى، وميكنة الجمارك والضرائب للحد من التسرب المالى، والبدء فى إجراءات إنشاء المجلس الأعلى لقواعد البيانات برئاسة السيد رئيس الجمهورية.

ثم كرم الرئيس مجموعة من الشباب المتميزين في مجالات مختلفة وتسليمهم شهادات تقدير، فضلاً عن تكريم عدد من أبطال دورة الألعاب الشتوية للأولمبياد الخاص التي أقيمت في النمسا في مارس الماضي.

كما قرر الرئيس ترقية كل من اللواء بحري أركان حرب أحمد خالد حسن سعيد قائد القوات البحرية، واللواء أركان حرب علي محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي، إلى رتبة الفريق.

ثم ألقى الرئيس عقب ذلك كلمة فيما يلي نصها:

“أبنائي وبناتي شباب مصر، السيدات والسادة الحضور الكريم، أقف متحدثاً إليكم اليوم وكلى فخر وعزة بوقوفي على هذه الأرض الغالية الساكنة فى وجدان وضمير أمتنا، والشاهدة على عبقرية المكان التي وهبها الله سبحانه وتعالى لمصر والمصريين، على ضفاف قناة السويس الخالدة، شريان السلام الذى يحمل رسالة السلام والمحبة من المصريين إلى العالم كله، والذى صنعته تضحيات المصريين وظل رمزًا للمجد والعزة على مدار الأجيال، وحلقة وصل بين المشرق والمغرب، وعلى الجانب الآخر تبرز لنا أرض سيناء المُقدسة بإرادة الله النافذة، أرض الأنبياء التى شهدت حديث الله لنبيه موسى، وكانت المسار الأمن للرحلة المقدسة للسيد المسيح عليه السلام، والتي أقسم العلي القدير بها فى قرآنه الكريم المُنزل على النبى محمد عليه الصلاة والسلام، سيناء، تلك الأرض المصرية التى روتها دماء الأبرار من أبناء هذه الأمة، ولا زالت ترويها، والتي تحمل كل ذرة تراب بها عزتنا وكرامتنا الوطنية.

إن قراءة التاريخ من أرض سيناء وتأمُل تدفق مياه القناة وحيوية الحركة بها، إنما يؤكدان لى أن ثقتى فى قدرات المصريين وعبقرية وتفرد هذا الوطن لم تكن أبداً يقيناً بلا سند أو حكم بلا حيثيات أو رجماً بالغيب، إنما جاءت هذه الثقة وذلك اليقين نابعاً من قراءة دقيقة وموضوعية للتاريخ الذى خلد الوطن فى سجلاته ، وكتب على المصريين أن يكونوا صناعًا للحضارة وزارعين للخير وحاملين لرسالات السلام والمحبة.

وليس دليلاً أفضل على عظمة أمتنا سوى استعراض تضحيات أهل مدن القناة وسيناء، الصابرين الصامدين المتحلين بالإرادة والعزيمة، والذين يثبتون فى كل لحظة أنهم أهل عزيمة وأصحاب إرادة لا تلين، تلك الإرادة التى قهرت كل متربص أو مُعادى لمصر وشعبها، وكانوا على الدوام النسق الأول في أي مواجهة تخوضها مصر من أجل استقلالها وكرامتها، والحق أقول، إن تضحيات أهل بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء، قد كُتبت بحروف من نور فى كتاب أمتنا الوطني، والتى ندين لها جميعاً بأنها حافظت على الكرامة والشرف المصرى، وليس أروع من تلاحم شعب مدن القناة مع القوات المسلحة، إبان أزمنة العدوان الغاشم، حيث رسم الشعب مع جيشه لوحة متميزة ومتفردة، تحمل شفرات تعصى على الفهم لمن لم يعرف عظمة مصر شعبًا وجيشًا.

السيدات والسادة، الحضور الكريم ،تمر علينا هذه الأيام ذكرى تحرير سيناء الغالية، وهى الذكرى التى تبلورت فيها معاني الوحدة الوطنية ، فعلى أرض سيناء اختلطت دماء المصريين مسلمين ومسيحيين لتحريرها، كما كانت المعركة السياسية لاسترداد سيناء ومن بعدها استعادة طابا مثالاً واضحاً على عراقة الدبلوماسية المصرية، وكان التناغم بين القوة العسكرية والسياسية دليلاً لا يحمل شك على أننا دولة عريقة، وكما ذكرت من قبل، لا حق دون أن تصونه قوة، ولا قوة دون أن يوجهها عقل راجح قادر على تحديد وتوظيف أدوات الدولة وعناصر قواتها للحفاظ على أمنها القومى واستعادة حقوقها المسلوبة كاملة غير منقوصة، ولهذا فإنه يتحتم علينا أن نقف عند هذه الذكرى لنستلهم منها الدروس والعبر، ونستدعى أدوات النجاح التى تحققت بها، ونرسم بها خارطة للمستقبل الذى نسعى للوصول إليه، والذى هو عنوانه بناء دولة ديمقراطية حديثة ، دولة المؤسسات والقانون التى تكفل لمواطنيها المساواة والعدل وتعمل لتلبية متطلباتهم، فى سياق من المعرفة بالحقوق والمسئوليات والواجبات، دولة تستقل فيها السلطات وتتكامل من أجل المصالح العليا، دولة تسعى لتحسين مستويات جودة الحياة لمواطنيها ، وتحقيق معدلات مرتفعة لمؤشرات التنمية.

أبناء مصر وبناتها، السيدات والسادة، إن الدولة المصرية تواجه العديد من التحديات على كافة الأصعدة، الأمنية والاقتصادية والسياسية، كما تتحدى الواقع المرير الذى أصاب الإقليم وتسعى للحفاظ على بقائها وإعادة بناء مؤسساتها، وتحقيق التنمية والاستقرار، ويأتي ذلك في ظل حرب تخوضها الدولة– دون تراجع– ضد الإرهاب والفساد.

الإرهاب الأسود الذى يسعى لفرض الفوضى والعنف في ربوع الوطن، والذي ازداد شراسة وتطورت وسائله نوعيًا، وبات الخطر الداهم على المستويين الإقليمى والدولى، والذى تواجهه الدولة المصرية بأجهزتها ومؤسساتها بلا هوادة أو تراجع، فهؤلاء القتلة الذين خرجوا عن سياق الأديان السماوية وسعوا في الأرض فسادًا واستباحوا المقدسات الدينية وقتلوا النساء والأطفال، لا بديل عن مواجهتهم واستئصال شرورهم من الجسد المصري، من خلال منظومة للمواجهة تتكامل فيها الجهود الأمنية بالجهود السياسية والمجتمعية والثقافية، وذلك لتجفيف منابع التطرف والإرهاب، وإنني من هنا، أناشد المجتمع الدولي والإنسانى، بتحمل مسؤوليته التاريخية لتوحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب على المستوى السياسي والأمنى والثقافي والفكري، كما أوجه تحذيرًا لتلك الدول التي ترعى الإرهاب وتقدم الدعم للقتلة من الإرهابيين، بأن ما تزرعونه من شر ليس عنكم ببعيد، وما تقومون به يُعد انتهاكًا للقوانين والمواثيق الدولية، وجريمة ضد الإنسانية، كما أنني أؤكد لكل المصريين أننا لن نفرط في الأخذ بحقنا ممن دعم الإرهاب وشارك في سفك دماء مصرية طاهرة.

ثم يأتي التحدي الثاني، وهو الفساد الذى يعوق جهود التنمية ويقوض محاولات الانطلاق في عملية التنمية الشاملة، ولذلك فإننا نواجهه من خلال آليات واستراتيجيات تعمل على تعظيم الاعتماد على التكنولوجيا، وتجفيف منابع الفساد بجانب الملاحقة القانونية للفاسدين.

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، إلا أننا نمتلك الحلم، نعم لدينا حلم عظيم كعظمة وطننا العزيز “مصر”، حلم يليق بتضحيات هذه الأمة، حلم نسعى لتحقيقه من أجل الأبناء والأحفاد، ونهديه تكريمًا لدماء الشهداء، ولكي يتحقق هذا الحلم فإن الاصطفاف الوطني ضرورة، والأخذ بأسباب العلم والحداثة فرض، والترفع عن الأهواء والمصالح الضيقة حتمي، حتى نصل إلى ما نطمح له جميعًا من وطن في مقدمة الأوطان.

السيدات السادة، شباب مصر العظيم، إن نجاح فكرة المؤتمرات الوطنية للشباب في خلق قناة اتصال بين الدولة والشباب بصفة خاصة، وكافة قطاعات المجتمع بصفة عامة، كانت حافزًا لى للتوسع فيها وتكرارها وتطويرها بشكل مستمر، باعتبارها أحد المكتسبات الهامة التي تحققت خلال عام الشباب، والتي يجب أن نضمن لها الاستمرارية من خلال التوسع في نطاق المشاركة بها عن طريق تنويع أجندتها بكافة الموضوعات التي تتطلب حوارًا وتبادلاً للرؤى ووجهات النظر، والحقيقة أنني أكون في غاية السعادة وأنا وسط أبنائي من شباب مصر المتحمس الواعد، أستمع لهم وأناقشهم كي نصيغ سويًا رؤية مشتركة لقضايا الوطن، ولقد كان تشكيل نماذج لمحاكاة الدولة المصرية أمرًا موفقًا ومحل تقدير وإعجاب، حيث يقوم شبابنا المتحمس الواعي بمناقشة القضايا والمشكلات، التي تواجهها الدولة في إطار من الموضوعية، وعلى أسس علمية ثم يقترحون مسارات للحل بعيدًا عن المزايدات كما كان طرح مبادرة “اسأل الرئيس”، بمثابة آلية فاعلة جديدة لتحقيق التواصل بينى وبين الرأى العام ،فى إطار ما عهدناه سوياً من الشفافية والمصداقية.

لقد كان للتوصيات الصادرة عن المؤتمرات السابقة نصيبًا كبيرًا في أجندة الدولة، حيث أصبح تنفيذ هذه التوصيات لزامًا علينا وتحقق منها الكثير، وهو ما يؤكد صدق النوايا في الاستماع للشباب والأخذ بآرائهم المبنية على أُسس الموضوعية والتجرد من الأهواء، كما إن ثقتي في شباب مصر لا حدود لها، ويقيني بأنهم إن حصلوا على التأهيل اللازم والفرصة الحقيقية لتولي الريادة، فإنهم سيكونون على قدر المسؤولية، وسيحققون للوطن أمجادًا هائلة لا تقل عن ما صنعه الآباء والأجداد، وبناءً على هذا اليقين الراسخ فقد قطعت الدولة شوطًا كبيرًا في تنفيذ التوصية الصادرة عن مؤتمر شرم الشيخ، بإنشاء أكاديمية وطنية لتدريب وتأهيل الشباب، وذلك بالتعاون مع كبرى المعاهد والمراكز المتخصصة بهذا الشأن في كل دول العالم، وأعُلن بشكل رسمي ضم صوتي لصوت شباب مصر في دعوتهم لشباب العالم مشاركتهم في المؤتمر السنوى بمدينة شرم الشيخ – أكتوبر 2017 – لتكون رسالتنا للعالم رسالة سلام وتنمية ومحبة، ونقدم للعالم كله شبابنا الواعد الصانع للمستقبل والأمل، كما أنني أعُلن استجابتي لدعوة شباب مصر بإعلان العام 2018 عامًا لذوي الإعاقة، والذين يستحقون منا جميعاً المزيد من الاهتمام بهم وتعظيم رعايتهم.

السيدات والسادة، الحضور الكريم، إن مصر المستقبل التي نحلم بها واقعًا على الأرض نلمسه ونعيش إنجازاته، إنما تحتاج منا جميعًا الوقوف على قلب رجل واحد، وأن نصطف من أجلها متجردين من الهوى، تاركين كل مصلحة شخصية أو فئوية، واضعين الوطن ولا شيئ سواه نصب الأعين، فهذا الوطن الذي سطرت التضحيات تاريخه، يحتاج منا العمل وبذل الجهد ومواصلة الليل بالنهار للعبور به آمنًا، ولزامًا علينا لابد أن يكون الشباب في مقدمة المسيرة يخوضون معركة التنمية والبناء، متسلحين بالعلم والحماس والنقاء، إننا فى لحظة فارقة من تاريخ الأمة، لحظة عبور الجسر ما بين التحديات والإنجازات، وإنني على ثقة لا يخالطها شك، ويقين لا يحتمل التأويل بأننا سنعبر للمستقبل، وسنحقق ما نطمح إليه ويليق بعظمة هذا الوطن.

تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى