أعمدة

وائل قنديل| يكتب : هيا بنا ننتحر سياسيًا

images
هل فوجئت القوى السياسية فى مصر بموعد الانتخابات النيابية القادمة؟

 

أغلب الظن: لا، فالجميع يدركون جيدا أنه بإقرار الدستور الجديد بدأت عجلة الانتخابات فى الدوران، بدليل أن قانون الانتخابات كان موضوعا للاشتباك والجدل والتطاحن على مدار الشهرين الماضيين، فضلا عن أن القوى الرافضة للمشاركة فى الانتخابات الآن أعدت أوراقا وتصورات ومقترحات وأرسلت مطالب محددة أثناء جلسات مناقشة تعديل قانون الانتخابات، ناهيك عن البيانات الصادرة عن هذه القوى الأسبوع الماضى بشأن حجم وكيفية المشاركة فى سباق الانتخابات، بما فى ذلك الكلام عن القوائم الموحدة وغير الموحدة والتحالفات والترتيبات.

 

ومعلوم أيضا أن المادة ٢٢٩ من الدستور تقول إن البدء فى إجراءات الانتخابات الخاصة بأول مجلس للنواب يكون خلال ستين يوما من العمل بالدستور، فلا مفاجأة إذن فى أن يخرج رئيس الجمهورية لإعلان موعد الانتخابات، والشىء الوحيد الذى يدعو للدهشة فى هذه الخطوة أنه من بين كل أيام السنة جرى اختيار يومى أعياد للمسيحيين لكى تدار فيهما الانتخابات، وكأنه لا يوجد اختراع اسمه «كالندر» فى مؤسسة الرئاسة يتم الرجوع إليه عند اختيار مواعيد لمناسبات سياسية كبرى.

 

وفى ضوء هذه المعطيات يبدو إعلان موقف المقاطعة للانتخابات على هذا النحو المتعجل متصلا بسياق عام من العدمية السياسية، بما يوحى بأن أطرافا عديدة استمرأت هذه الحالة من الهروب من السياسة لتبقى مصر كلها فى فوهة الخطر، بما ينذر بما هو أخطر وأفدح من عبوات المولوتوف والرشق بالحجارة وقطع الطرق.

 

ويدهشك أن الذين تراجعوا عن خطابهم القائل بتغيير النظام عبر الآليات السياسية سبق لهم وأن جربوا توليفة إعلان المقاطعة الصارمة ثم التراجع عنها، ثم عدم الاعتراف بالنتائج فى محطات عديدة وكانت المحصلة نزيفا فى رصيد المعارضة يفوق ما ينزفه النظام نتيجة أخطائه وارتباكاته، فقد رأينا المشهد حرفيا فى مناسبة الاستفتاء على الدستور وما اكتنفها من تبدلات وتحولات عنيفة فى أداء المعارضة، من عدم الاعتراف بالدستور أساسا ومن ثم نزع شرعية الاستفتاء عليه، إلى الحشد المكثف للتصويت ضد إقراره، وأخيرا عدم الاعتراف بالنتائج وحرق أرض الملعب برمتها.

 

والسؤال هنا: ماذا بعد أن جربت المعارضة كل السبل واستنفدت كل الوسائل لإسقاط الرئيس ونظامه بمنأى عن الأدوات السياسية؟

 

هل ستظل مصر تحت رحمة حرب الاستنزاف الدائرة والتى لا غالب فيها ولا مغلوب، بل الكل خاسر حتى الآن؟

 

أفهم أن يعترض البعض على مواد فى قانون الانتخابات، أو يطالب بضمانات حقيقية لنزاهتها، لكن غير المفهوم هو هذا الرفض التام لمبدأ الانتخابات من الأساس، والمضى قدما فى لعبة الانتحار السياسى التى تحولت إلى طقس أسبوعى معاد ومكرر إلى درجة دفعت قطاعات واسعة من المصريين إلى الملل والضجر.

 

وإذا كان البعض يتصور قدرته على استنساخ تجربة الثورة على مبارك مع مرسى لمجرد أنه يجتر مقولات وشعارات ومسميات محطات ٢٥ يناير ٢٠١١ فإنه يغفل نظرية رياضية بسيطة تقول إنك لا تصل إلى المطاليب ذاتها إذا كانت المعطيات مختلفة..

 

ومع ذلك ومع التسليم بحق أى فصيل فى إزاحة نظام سياسى وفرض نفسه مكانه يبقى السؤال: ما هو البديل عن انسداد شرايين السياسة وقد جربتم جميع الوسائل الأخرى دون نتيجة؟

 المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى