تقارير و تحقيقات

4 شباب يبتكرون طريقة جديدة لاستنبات الشعير بــ “منيا القمح “

9219

تمكن أربعة من شباب قرية الديدامون بمركز فاقوس بمحافظة الشرقية من ابتكار طريقة جديدة للزراعة لمواجهة نقص الرقعة الزراعية،‮ ‬حيث قاموا بإنشاء‮ ‬غرفة مكيفة ومجهزة وفق مواصفات خاصة لزراعة الشعير في أحواض بلاستيكية وتجهيزه للري بالتنقيط توفيراً‮ ‬للمياه‮.. ‬وتمكن الشباب في البداية من إنتاج طن واحد من الشعير المستنبت يومياً‮ ‬بطريقة اقتصادية وأكدوا أن في استطاعتهم مضاعفة الكمية‮.‬

‮ ‬وعبر أعضاء المشروع عمار علي إبراهيم وعبد العظيم يوسف عرابي‮ ‬وعماد علام علي إبراهيم وعبدالرحمن كمال عجوة عن سعادتهم بوصولهم إلي هذه المرحلة مؤكدين أن ما دفعهم لذلك هو محاولة رد الجميل للوطن وإعطاء صورة مشرفة عن الشباب المصري وأن هناك من يزرع ويجتهد ويبتكر‮ ‬وقالوا إنهم سعداء بتقديم خدمة لبلدهم مشيرين إلي أنهم واجهوا عدة مشاكل قبل الحصول علي رأس المال لكنهم سعداء بالنتيجة والنجاح الذي أدركوه،‮ ‬لكن ما يغضبهم هو تجاهل المسئولين ووزارة الزراعة لتلك المشروعات الصغيرة الهادفة‮.. ‬وقد اختار أعضاء المشروع عملية استنبات الشعير لما لها من مردود عال في تأمين أعلاف الحيوانات‮ ‬،‮ ‬موضحين أنها عملية اقتصادية مفيدة،‮ ‬حيث تحول كيلو واحد من حبوب الشعير الي ستة كيلو جرامات من المنتج الأخضر الغني بالمواد المفيدة والبروتين والكالسيوم الجيد لعلف المواشي والخيول والأغنام والأبقار،‮ ‬وذلك خلال‮ ‬7‮ ‬أيام في بيئة تتوافر بها مجموعة من المعطيات التي تساعد علي تحقيق هذا المردود،‮ ‬بحيث ينتج في مساحة بسيطة كميات هائلة من هذا المنتج مما يصنفه ضمن المنتجات الاقتصادية التي يمكن اعتمادها في مصر‮. ‬

وعن فكرة مشروع استنبات الشعير أوضح عمار علي إبراهيم أحد المشاركين في المشروع أن الحاجة إليه باتت ملحة حيث يؤمن علف المواشي بتكلفة بسيطة خصوصا مع الارتفاع الجنوني للعلف وعمليات الغش التي تعتريه‮. ‬وقد فكرنا في هذا المشروع بعدما قرأنا الواقع الحالي حيث ارتفعت أسعار الأعلاف بصورة خيالية واتسعت الهجمة الخطيرة علي الأراضي الزراعية وأصبحت الحاجة ملحة لتوفير المياه مما يهدد قضية الأمن الغذائي ويدعونا للبحث عن منتج يسد حاجة مزارع الأبقار والخيول والجمال والأغنام،‮ ‬ويخفف العبء عن الحكومة‮.‬
من جهته قال عبدالعظيم يوسف عرابي إن الشعير الذي يتم استنباته في المزرعة شعير بلدي يتم جلبه من السوق السوداء ثم يتم ري البذور في درجة حرارة معينة ورطوبة مناسبة لإنباتها في‮ ‬7‮ ‬أيام،‮ ‬موضحاً‮ ‬أن هذه العملية يسبقها تنظيف الشعير من الأحجار والشوائب وتعقيمه ثم نقعه في الماء خارج الصواني المخصصة للاستنبات،‮ ‬وتستغرق عملية النقع من‮ ‬5‮ ‬إلي‮ ‬12‮ ‬ساعة في بيئة الغرفة المخصصة للاستنبات‮.‬

وأضاف أن الغرفة الخاصة باستنبات الشعير طولها‮ ‬10م وعرضها‮ ‬4‮ ‬م بارتفاع‮ ‬3‮ ‬م،‮ ‬وتحتوي علي وحدة تبريد للتحكم في درجة الحرارة وسعة إنتاجها طن واحد يومياً،‮ ‬ويوجد بالغرفة إضاءة محسوبة بطريقة معينة لتناسب نمو النبات،‮ ‬كما توجد بها شبكة للري مزودة بمؤشر للتحكم في الوقت مع عدد كبير من الصواني الخاصة بالشعير المستنبت بها عدد من الرفوف لإنتاج من‮ ‬1‮ ‬إلي‮ ‬8‮ ‬أطنان‮.. ‬وأشار إلي أن زراعة مساحة قدرها‮ ‬5متراً‮ ‬مربعاً‮ ‬من الشعير المستنبت تنتج‮ ‬18‮ ‬ألف كيلو جرام‮ ‬في العام أي ما يعادل‮ ‬7‮ ‬أفدنة من البرسيم‮.‬

‮ ‬وقال‮ ‬عبد العظيم عرابي إن‮ ‬غرفة الاستنبات تتكون من أرفف كثيرة تحمل صواني،‮ ‬وكل صينية أو قالب يستوعب‮ ‬1‭.‬5‮ ‬كيلوجرام من الشعير،‮ ‬وهنا يجب موازنة الري علي كمية الشعير،‮ ‬لذلك نعتمد علي الرش من‮ ‬3‮ ‬إلي أربع مرات يومياً‮ ‬لمدة دقيقة تقريبا في كل مرة،‮ ‬لأن الشعير نبات شتوي،‮ ‬بالإضافة إلي الاعتماد الآلي علي الري المتكامل والتحكم في درجة الحرارة والرطوبة،‮ ‬حيث لا يتدخل صاحب الغرفة إلا بالإشراف فقط،‮ ‬موضحاً‮ ‬أن عملية الاسـتنبات تتم بوضع‮ ‬1‭.‬5‮ ‬كيلو في الصواني تمر بسبعة مراحل،‮ ‬بمعدل مرحلة يومياً،‮ ‬مشيرا إلي أن وزن الـ‮ ‬1‭.‬5‮ ‬كيلو جرام الذي وضع في اليوم الأول يتحول إلي‮ ‬6‮ ‬كيلوجرامات في اليوم السابع‮.‬
ويقول عمار إبراهيم أن تكلفة الغرفة المجهزة لاستنبات الشعير‮ ‬150‮ ‬ألف جنيه،‮ ‬وتصل مساحتها إلي‮ ‬40‮ ‬متراً‮ ‬مربعاً،‮ ‬وتحتوي علي‮ ‬700‮ ‬صينية،‮ ‬بجانب التجهيزات‮.. ‬أما عن قدرة المجموعة علي الإنتاج فأكدوا أنهم ينتجون طناً‮ ‬من الشعير المستنبت يومياً،‮ ‬موضحين أنهم لا يشغلون كل طاقة الغرفة الاستيعابية إلا وفق ما يحتاجونه فقط‮ ‬،‮ ‬حيث يعملون حسب احتياج مزرعتهم التي تتكون من عدد قليل من الماشية والأغنام لا تتناسب مع حجم الشعير المنتج يوميا‮.‬

ويشير‮ ‬عمار إبراهيم إلي أن العمل في المشروع يعتمد علي جوانب اقتصادية،‮ ‬حيث‮ ‬المساحة الصغيرة مع وفرة الإنتاج،‮ ‬بالإضافة إلي كمية قليلة من مياه الري‮ ‬500‮ ‬لتر ماء يوميا للطن يمكن إعادة تدويرها ثانيا ليكون استهلاكها أقل بكثير‮.. ‬ويؤكد عماد علام وعبدالرحمن كمال عجوة أن الإنتاج‮ ‬يعتمد علي مواصفات عالمية لشعير‮ ‬غني بالكالسيوم والفيتامينات بطريقة طبيعية‮ ‬100٪‮ ‬بأقل تكلفة‮.. ‬وقد أكدت الدراسات‮ ‬أهمية تغذية الحيوانات علي الشعير المستنبت لارتفاع نسبة البروتين فيه عن الشعير الجاف حيث تصل إلي17٪‮ ‬وسهولة الهضم والامتصاص ولا يسبب حموضة للحيوان مثل الأعلاف المركزة الأخري مع توفير‮ ‬50٪‮ ‬من العلف المقدم للحيوان‮.. ‬ويحتوي علي مجموعة من العناصر الحيوية المسئولة عن تحسين مواصفات الحيوان لا تتواجد بالأعلاف الأخري‮.‬

ورغم فرحة الشباب الأربعة بالنتيجة التي وصلوا إليها والنجاح الذي حققوه إلا أنه يناشدون وزير الزراعة بأن يرحمهم من جشع التجار الذين‮ ‬يتحكمون في السوق ويجعلون من الحصول علي الشعير أمراً‮ ‬صعباً‮ ‬ومكلفا،‮ ‬فقد ارتفع السعر من‮ ‬1800‮ ‬إلي‮ ‬2800‮ ‬جنيه للطن في عام واحد ويقولون إذا كان الهدف من مثل هذه المشاريع هو التقليل من ثمن العلف التقليدي فإن تجار السوق السوداء يرفعون الأسعار مما يعرضنا لصعوبات في الاستمرار‮.. ‬وطالبوا بتقنين وضع الغرف الزراعية وتحديد كميات من الشعير من خلال الجمعيات الزراعية وبنوك الائتمان الزراعي ليستمروا في العمل وكذلك فتح أسواق لتصريف منتجاتهم وإقامة مزارع للمواشي والأغنام تستهلك العلف الطبيعي الذي لا يستخدم أي مواد كيماوية‮.. ‬ويوجه الشباب نداء أخيراً‮ ‬للحكومة وكافة الجهات المعنية بالتحرك لدعم تلك المشروعات ونشرها ليستفيد الاقتصاد حيث إن الحكومة لا تعطي أي اهتمام للمشروعات الصغيرة التي يقوم بها الشباب بطريقة علمية مبتكرة تحافظ علي البيئة وتوفر المياه‮.‬

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى