أخبار الشرقية

لحظة تاريخية مرتبكة تتكرر..”الطوارئ” بدأت وانتهت ومصر بدون رئيس

السادات

كتب – هشام يونس

ينتهي اليوم العمل بقانون الطوارئ الذي ظل يحكم مصر منذ اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، والمفارقة أن حالة الطوارئ بدأ العمل بها في لحظة تاريخية مرتبكة عندما أغتيل رأس النظام، ورغم مرور 31 عاما إلا أن لحظة أخرى لا تقل ارتباكا، تعيشها مصر وهي على أعتاب انتخاب رئيس جديد بعد فراغ في قصر الرئاسة منذ رحيل حسني مبارك في 11 فبراير 2011.

في 6 أكتوبر 1981 كان الرئيس أنور السادات، يشاهد العرض العسكري الذي كان تقليدا سنويا بعد حرب أكتوبر، وشاهد كثيرون عبر الشاشة عددا من الجنود، يقفزون من إحدى عربات الجيش ليطلقوا النار على المنصة، التي كان يتوسطها الرئيس السادات حيث تلقى رصاصات قاتلة أودت بحياته بعد دقائق في مستشفى المعادي للقوات المسلحة.

كانت جماعات إسلامية قد اعتمدت منهج التغيير بالقوة وتغلغلت في الجامعات المصرية واجتذبت عددا غير قليل من الشباب، ووصلت إلى التخطيط لاغتيال الرئيس السادات بسبب ما وصفوه بأنه خروج على مقتضيات الحاكم المسلم بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، ولقيامه بإبرام اتفاقية سلام مع العدو الإسرائيلي.

كانت أجهزة الأمن على علم بتهديدات الجماعات الإسلامية لحياة السادات، ومع ذلك لم تفلح في منع وقوع عملية الاغتيال التي كانت حادثا فارقا في تاريخ مصر.

لم يكن السادات وحده على المنصة خلال عملية الاغتيال التي أدانتها كل دول العالم، فقد كان بجواره نائبه حسني مبارك وأركان نظامه من قادة عسكريين وسياسيين ووزراء وسفراء عرب وأجانب، بالإضافة لعدد من الضيوف بعضهم لقي مصرعه بينما أصيب كثيرون.

ظل اغتيال السادات حدثا ماثلا أمام نائبه حسني مبارك الذي أصيب في يده إصابة سطحية، وشكلت عملية الاغتيال هاجسا أمنيا لدى مبارك طوال مدة حكمة التي امتدت لنحو 30 عاما من 12 أكتوبر 1981 وحتى تنحيه في 11 فبراير 2011.

فور وقوع عملية الاغتيال ظهر يوم 6 أكتوبر خلال الاحتفال بذكرى عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس وتحرير الضفة الشرقية للقناة، أعلنت وزارة الداخلية الخطة (100) لتأمين القاهرة، وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ، إذ بدا أن اغتيال السادات كان جزءا من عملية أكبر للاستيلاء على الحكم بداعي إقامة الشريعة الإسلامية.

شكل حادث اغتيال السادات الذي كانت له أصداء عالمية امتدت لسنوات عقلية حسني مبارك، إذ قام أولا بإلغاء العرض العسكري السنوي للقوات المسلحة في طريق النصر بشرق القاهرة، والذي كان حدثا سنويا قوميا منذ حرب أكتوبر 1973.

تشدد مبارك في إجراءات أمنه الشخصي، ولم يكن متساهلا كالسادات الذي كان يذهب إلى مسقط رأسه، في قرية ميت أبوالكوم بمحافظة المنوفية، ويلتقي بالفلاحين.

اهتم مبارك بالأمن بأكثر مما ينبغي، وزاد نفوذ وتوغل جهاز مباحث أمن الدولة في الوزارات والجامعات وكل مؤسسات الدولة،وأصبحت الطوارئ حالة مستمرة وليست طارئة فرضتها ظروف اغتيال السادات.

كانت لحظة اغتيال السادات في يوم انتصار الجيش المصري على إسرائيل ذروة ارتباك المشهد المصري الذي بدت تداعياته بعد 6 أشهر من اندلاع حرب أكتوبر عندما وقع حادث الفنية العسكرية في إبريل 1974 حين حاول مسلحون إسلاميون الاستيلاء على مقر الكلية التي تغذي سلاح المهندسين في الجيش بمعظم كوادره.

أعطى مشهد اغتيال السادات الحجة لمبارك بأن يحكم لعقود باستخدام قانون الطوارئ.وخلال عصر مبارك الذي توغل فيه الأمن وتراجعت الحريات العامة، لم يكن من الصعوبة أن يتضح أن المشهد المصري مقبل ذات يوم لايعرفه أحد على لحظة مرتبكة جديدة تمثل حاصل سنوات من الاضطراب الاجتماعي والسياسي والاقتصاد الذي يعلي رجال الأعمال على العمال، ويمنح أسرة الرئيس وضعية العائلة الحاكمة في الملكيات التقليدية.

مثلت ثورة 25 يناير 2011 قمة الغضب الذي كونه جبل من تراكم الأخطاء خلال سنوات كان الأمن فيها حاضرا، بينما غاب الأمان.

اندلعت الثورة في مصر بعد 11 يوما من سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس وهروبه مع عائلته إلى السعودية، عقب احتجاجات عمت تونس بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي على الانتحار حرقا بعد أن ضيقت عليه السلطات في مدينة سيدي بوزيد التي كان يعمل فيها بائعا متجولا.

تلقف الشباب والناشطون في مصر ماجرى في تونس وأصبح المزاج العام مهيئا لتكرار ما حدث في تونس، دون أن يتوقع أحد نتائج مماثلة أو قريبة، فقط كان تداعي الأحداث يشي بأن شيئا ما سيحدث.

بدأت الاحتجاجات في 25 يناير وهو يوم احتفال قوات الشرطة بعيدها، لكن تعامل الشرطة مع المحتجين بقسوة وعنف في مدينة السويس 105 كم شرق القاهرة، أطلق صيحات بأن تكون الجمعة 28 يناير يوما للغضب، وقد كانت.

سقط مئات القتلى في هذا اليوم وانسحبت الشرطة، واحتل المتظاهرون ميدان التحرير بعد أن أمر مبارك بنزول الجيش للشارع.

وفي 11 فبراير وتحت وطأة الاحتجاجات الشعبية واعتصام مئات الآلاف في ميدان التحرير، أجبر الموقف مبارك على التنحي وترك الحكم، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد الأمور في البلاد.

منذ 11 فبراير 2011 وقصر الرئاسة بدون رئيس وقد مرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وما زال الجيش يتولى حكم مصر.

وقبل أسبوعين من جولة الإعادة واليوم فقط أنهى الجيش حالة الطوارئ، والمفارقة أن نهاية الطوارئ مثل بدايتها، لحظة تاريخية مرتبكة لاوجود فيها لرئيس.

المصدر : الاهرام

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى