مقالات القراء

مقالات القراء | مصطفى أباظة يكتب : لماذا نحرق قضاء مصر

تمتع قضائنا بسمعة طيبة على مر تاريخه الحافل بالمواقف الوطنية ؛ ولكن الحقبة الأخيرة في حكم مبارك تعرض القضاء المصرى لسلسلة طويلة من الاجراءات والمزايا الشخصية للقضاة انتهت بتغير صورة القضاء المصرى في اعين الناس ؛ فقد سعى النظام السابق بكافة الصور الى اقحام القضاة في كل مسألة يبغى رفع الحرج عن نفسه منها في حين ان القضاء المصرى لا علاقة له بها ؛ وقد ظهر ذلك في مسألة انتداب القضاة للعمل كمستشارين قانونين لشركات القطاع العام والمحافظات والوزارات والهيئات وكانت نتائج ذلك في غاية السوء ؛فكيف للقاضى ان يعمل نصف الأسبوع قاضيا والنصف الآخر محامياً !!! يكتب العقد اليوم للجهة المنتدب اليها ويحكم في اى منازعة تثور بشأنه غداً ؛؛ وضع تفردت به مصر ، وكانت نتائجه سلبية تماما ؛ فمن ناحية ادى هذا الى تراكم اعداد القضايا بالمحاكم وبالذات امام قضاة مجلس الدولة ، ومن ناحية اخرى نجد جميع العمليات القانونية التي تجرى في الجهة المنتدب اليها القاضى تتم تحت اشرافه بما تحويه من انحرافات لم يشارك القاضى فيها ، ويكفى ان نعلم ان جميع شركات القطاع العام التي بيعت تمت الموافقة على البيع من لجان تضم قضاة ، وهناك ايضا مسألة الانتخابات التي اصر النظام السابق على ان تجرى تحت اشراف قضائى لم يتمكن ابدا من وقف التزوير ، وتورط قضاة في هذا التزوير وفقا لما هو ثابت بتقارير محكمة النقض ، فماذا كسبنا من هذا الاشراف سوى تعطل العمل بالمحاكم ؛ حتى الرياضة رأينا محكمة تنزل عقوبة شديدة بالنادى المصرى فعاقب اتحاد الكرة المحكمة نفسها بالحل !!!! امر شديد الغرابة
صحيح ان هذه الانتدابات تدر دخلا كبيرا على القضاة ولكن ثمن هذا الدخل اكبر بمراحل ويدفع من كرامة القضاء والمواطنين لأن القضاء حصن للمتقاضى وليس ميزة للقاضى
لذلك ندعو الى سرعة اصدار تشريع يمنع منعا باتاً عمل القضاة في غير القضاء بأى صورة من الصور على يتقاضوا مقابل عملهم دخلا لا يتناسب مع متطلباتهم بل يتجاوزها ؛ حتى يتفرغوا لإقامة العدل بين الناس وهذه هى الميزة الكبرى للقضاة والمواطنين
و تشكل لجان محايدة من اشخاص محل ثقة – من غير القضاة – يتولوا تنفيذ ما يكلفون به من اشراف انتخابات اوغيره ؛ ويبقى الوضع الطبيعى ان يراقب القضاء صحة تطبيق القانون على الكافة ولكن من منصته القضائية وليس غير ذلك
ان تفرغ القضاء لإقامة وافشاء العدل بين الناس ، أراه اكبر ميزة يمكن نجنيها من الثورة

بقلم : مصطفى أباظه

(( جميع ما ينشر على الموقع من مقالات القراء تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي الموقع ))

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى