سيخضع لنظم الاحتلال البريطاني.. مبارك في انتظار ألوان “كولز باشا”
كتب – أشرف عمران
تتجه أنظار العالم كله غدًا السبت إلى محكمة جنايات القاهرة بأكاديمية الشرطة، لسماع الحكم في قضية القرن المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال، وحبيب العادلي وزير داخليته السابق، و6 من كبار معاونيه.
وأصبح هناك سؤال واحد يشغل أذهان المصريين خلال الفترة الماضية، ما العقوبة التي تنتظر مبارك في قرار المحكمة التاريخي غدًا؟ وما الذي سيرتديه مبارك بعد الحكم؟ فأيا كان القرار سيفرض علي المتهم ارتداء لون واحد فقط من بين ثلاثة، فهناك من ينتظر اللون الأزرق، وآخرون يتوقعون اللون الأحمر (الإعدام)، وآخرون يحلمون بالبراءة.
أكد الدكتور عبد الوهاب بكر أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الزقازيق، أن تنظيم السجون المصرية بدأ مع الاحتلال البريطاني، وجاء الدكتور “كروك شنك” في الثمانينيات من القرن الماضي عام 1883، وتولي إدارة السجون المصرية، وأدخل بها النظم الأوروبية، من حيث تقسيم المسجونين إلي درجات وأماكن يأوى بها النزيل ونظم معلوماتية، ومنذ ذلك التاريخ تحولت السجون المصرية إلي مؤسسات رقابية تخضع للنظم البريطانية.
ثم جاءت الطفرة الكبرى في عهد اللواء “كولز باشا”، الذي شغل منصب مدير السجون المصرية بداية من عام 1897 وحتى 1917، وفي عهده تحولت السجون إلي النظام الذي نشاهده الآن، وشمل التنظيم أنواع الطعام ومواعيدها وباقي العقوبات المقررة، والتمييز بين نزلاء السجن ودرجات عقوباتهم من خلال اللوان الملابس (الأبيض – الأزرق – الأحمر)، وتم اختيار اللون الأبيض للنزلاء الذين لم تتم إدانتهم، واللون الأزرق للنزلاء الذين تمت إدانتهم في مختلف القضايا، عدا قضايا القتل أو الشروع في القتل أو التجسس أو الخيانة وغيرها من القضايا التي تستوجب عقوبة الإعدام، وتم تمييز هؤلاء النزلاء بملابس باللون الأحمر.
لم يكن اختيار اللواء كولز لهذه اللوان لدلائل معينة، ولكن تم اختيارها كنوع من التمييز فقط، خاصة وأن هذه الألوان ليس معمول بها في جميع دول العالم، وتختلف ألوان ملابس النزلاء في سجون العالم من دولة إلي أخري.
من لا يعرف هذه الألوان أيضا لا يعرف السجن، وهل هناك قوانين تنص على ألوان زى السجناء؟ ولماذا يرتدى المحبوسون احتياطيا اللون الأبيض؟ ولماذا يرتدى السجناء المحكوم عليهم بالسجن اللون الأزرق؟، ولماذا يقتصر زى الإعدام على اللون الأحمر؟
يقول الدكتور عبد الرحيم صدقى أستاذ القانون الجنائى، إن اللون الأحمر هو أكثر الألوان رهبة فى السجون وهو لون الإعدام فى جميع أنحاء العالم، مع اختلاف الأيديولوجيات السياسية لكل دولة، وهو يعبر عن جحيم الدنيا ويمثل نار جهنم فهو يمثل العقاب السيئ فى الدنيا ونبذ المجتمع له بعد أن أصبح عدوا للبشر وليس فقط للمجتمع، وهو لون الرهبة فى السجون، لأنه يثبت ذنب من يرتديه وأصبح محكوماً عليه بالإدانة، ولهذا فلا يصح القول بأن من حق المحكوم عليه بالإعدام أن يختار ملابسه، فاللون الأحمر يلعب دورًا كبيرا ووقائيًا واضحا بين المساجين فى تخويفهم، بعدم الإقدام على ما أقدم عليه الشخص المحكوم عليه بالإعدام.
ويضيف صدقى، أن اللون الأرزق يرتديه شخص اقترف ذنبا ينص على معاقبته قانونًا، وصدر فى حقه حكم بالسجن من قبل المحكمة وتنفذ هذه العقوبة داخل سجن عمومى، فتوحيد الزى هو أحد أهداف النظام وأحد أهداف العقوبة أيضا فى علم العقاب، لأن الغرض من السجن هو التهذيب والإصلاح وهذا يتحقق بالنظام الموحد والملابس الموحدة والأكل الموحد.
ويوضح صدقى أن اللون الأبيض في ملابس نزلاء السجون ظهر نتيجة الانفتاح الثقافى فى السجون، حيث كان يسمون بالفرنسية (cols plans) أى أصحاب الياقة البيضاء، وهذا ما كان يرتديه المافيا، وهو خاص بالمحبوسين احتياطيا، وهؤلاء الفئة لهم الحق فى اختيار الأكل والملبس وهو يعنى أن هذا الشخص على ذمة التحقيق، لأنه لم يصدر حكم قضائى ضده ويسمى (محجوز) وليس محبوسًا، ومن حق المحجوز أن يرتدى ما يشاء بشرط ألا يخالف النظام العام والآداب.
المصدر : الاهرام