مقالات القراء

مقالات القراء | محمد نبيل يكتب : المشهد الاخير

 

نبيل1

دقت الساعه الخامسه صباحا وكان الجمع المضطرب في غرفه العمليات الرئيسيه الذي لم ينم منذ اثنان وسبعون ساعه مازال يتلقى ويتابع اخبار النتيجه في ريبه وحذر.
نظر فضيله الرجل الاول الي نائبه الذي بدوره وضع سماعه الهاتف متثاقلا وكانت الهموم تموج في صدره كاسحابه حبلى بالامطار في شتاء قاسي .باغته فضيله الرجل الاول وكأنه ايقظه من كابوس مؤلم ليضعه ف واقعا اسؤ…ماالاخبار هل حسمت النتيجه ؟؟؟!
فاجابه النائب متسرعا وكأنه اراد ان يرمي كره اللهب هذه من على صدره وقال له يبدو ان المعركه قد حسمت ضدنا فالفارق اصبح كبير والصناديق الباقيه لن تعوض الفارق ولو كانت لنا الغلبه بها جميعا.
فاقترب الثلاثه الباقون من خواص اعضاء المكتب من طاوله الاجتماع التي انفرد بها فضيله الرجل والاول ونائبه ثم اذن لهم بالجلوس فاجلسوا ونظروا الي النائب في عضبا سحيق واشاروا اليه بما يعني ماذا نحن فاعلون ؟؟!
ادار الرجل الاول كرسيه وولى ظهره عن المجتمعين جميعا وساد الصمت ارجاء الغرفه وكأن فضيلته ينتظر وحيا سماويا جديدا.
اخذ الباقون في النظر الي بعضهم البعض بعين ذاهله تنتظر من يوقظها من هذا الكابوس فابرغم من توقع الجميع لهذه النتيجه الا ان الجميع قد حاول اقناع نفسه بان لايفكر في هذا مجددا والا يخوض في فرديه جدليه قد لا تفيد الا ان النتيجه باتت الان شبه مؤكده والجميع ينتظر الخبر المفجع!!!
اذا قد حدث ماهو متوقع ولكن غير محسوب نتائجه فاها نحن قد خسرنا الشعبيه الجارفه منذ شهور والان نخسر السلطه ايضا وكأن الخساره قد عرفت طريقها الينا بعد الانتصارات المتتاليه .
ظل الجميع منتظرا ان يأتي فضيله الرجل الاول بالسر الذي سيبدد الوحشه فرحا والهزيمه نصرا.
انفعل احد الجالسين فجأة وعلى صوته ونظر الي ظهر الرجل الاول بحنق بالغ وقال انت السبب !! سياستك الفاشله هي التي أودت بنا الي هذه النتيجه التي قد اجهضدت كل شئ ونظر الي من حوله بريبه وكأنه يعرفهم لاول مره رغم الصداقه طوال هذه الاعوام وقال انتم تقولون مالاتفعلون انتم المسؤلون عما نحن فيه بدكتاتوريتكم وقصر نظركم وانفعل كثيرا وظل يهزي بكلام لايعرف معناه او ربما يعرفه ولكن عبثا الاهتمام بمثل هذا الجدل في هذا الوقت العصيب .اجهش الرجل في البكاء ثم اتبعه نحيب ثم ابتعد الي مكتب غير بعيد في الغرفه وظل صامتا.
اخذ الجميع يفكر وينتظر ويفكر وينتظر حتى استفاق الجميع على صوت كرسي فضيله الرجل الاول واذا به يدور ناحيتهم ونظر اليهم نظره القائد الخاسر لتوه معركه حاسمه ولكنه واثق في حب جنوده له وثقتهم فيه وولائهم اليه .
سأل الرجل الاول الجالسين هل مازلتم على بيعتكم لي فاجاب الجميع نبايعك حتى الشهاده او الموت ونظر الي الغاضب الذي تنحى جانبا وسأله بنبره ابا حنون يريد التقويم ولكن يؤجله الي حين وانت يافلان؟؟!فرد بدون تفكير ابايعك حتى الموت وترك مجلسه المنفرد واقترب من طاوله الاجتماع وقبل رأس فضيله الرجل الاول ثم استقل كرسيه ولم ينبث بكلمه واحده.
قال الرجل الاول اني استخرت الله وارى الان اننا لابد ان نقبل على الجهاد والشهاده كمانقبل على الدنيا فقدقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم الجهاد عند اله كلمه حق عند سلطان جائر فاصدق الجميع على كلام النبي صلى الله عليه وسلم .كما انكم تعلمون يااخواني اننا لم نتوان في محاولات تفادي الصدام معهم وتقديم النصح اليهم بل وابداء الاعتراض الصارم ان لزم الامر ثم صمت الرجل الاول فانظر الجميع اليه في صمت وترقب وكأنهم قاده كتائب تنتظر افصاح القائد الاعلى عن ساعه الصفر معلنا الاقبال على حربا وشيك .
ثم استدرك فضيلته قائلا الان يااخواني حان وقت الجهاد .فادعوكم ان تدعوا جميع قواعدكم الي حشد كبير في ميدان التحرير وميدان القائد ابراهيم وجميع ميادين مصر كي نسقط هذا النظام الباغي ونرفض هذه النتيجه المزوره فانحن اصحاب الشعبيه الجارفه منذه عده شهور كيف لنا ان نخسر كل هذه الاصوات في هذه الفتره الوجيزه.
نظر اليه احدهم وهم ان يقول شيئا ولكنه صمت مجددا وكأنه لايقوى على الحديث والجدال ولا يريد ان يكلف نفسه عبء الاختلاف والدفاع عن وجهة نظره واحتمال نظرات التخوين والجبن والضعف من الاخرين فآثر السلامه وصمت .
انصرف الحضور جميعا وكانت الساعه السابعه والنصف صباحاابلغ كلا منهم من هو ادناه في التنظيم عن قرار الجماعه او هكذا قالوا ثم دعاه الي حشد الكبير غدا بجميع ميادين مصر قبل اعلان النتيجه الرسميه حتى لا يقال اننا اعترضنا على النتيجه وفي صباح اليوم التالي تجمع مايقرب من خمسمائه الف من داخل التنظيم في ميادين التحرير المختلفه وانضم اليهم العديد من اصحاب المظالم من خارج التنظيم وتناسوا من كان السبب الرئيسي في تأخير مطالبهم الا انهم اجتمعوا جميعا على كراهيه النظام الحاكم والشعور بظلمه.
عادت الفوضى الي الشوارع مره اخرى والسرقات ازدادت وحوادث القتل والاغتصاب وقطع الطرق قد ارتفعت معدلاتها بشراسه واستجار من في البيوت بالنظام الحاكم ليرحمهم من هؤلاء الفوضويون الذين دعوا الي ديمقراطيه لم يقبلوا نتائجها والذين ليس فقط لا يستحقون الديمقراطيه بل لايستحقون حتى الحياه.
حاول النظام الحاكم كثيرا التحلي بكل انواع الهدؤ وضبط النفس ولكنه لم يقوى على هذا كثيرا فاتحت ضغط الاغلبيه الساحقه من الشعب والتي تشعر حاليا بعدم الامان والخوف الشديدعلى حياتها وممتلكاتها قرر النظام الحاكم حل مجلسي الشعب والشورى واقرار العمل بقانون الطوارئ لسته اشهر تاليه واعتقال قيادات المظاهرات الداعيه للفوضى والخارجه عن القانون وعن الديمقراطيه والزج بها في المعتقلات كما قرر النظام الحاكم فرض حظر التجول في القاهره والاسكندريه وبورسعيد والسويس .
والعمل بالاحكام العرفيه بات وشيكا.

مصر 2012 لاتختلف عن مصر 1954 

بقلم : محمد نبيل محى 

(( جميع ما ينشر على الموقع من مقالات القراء تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع ))

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى