حكومة الجنزورى تغازل الرئيس القادم
كتبت – أميرة جاد
من التحذير من كارثية الوضع الاقتصادى وخطر توقف عجلة الإنتاج المحدق بالبلد، إلى التحسن الملحوظ والأداء الجيد وتجاوز أصعب الفترات.. هكذا تَحوّل الخطاب الاقتصادى لحكومة الجنزورى، تحديدا لأعضاء المجموعة الاقتصادية، أمام وسائل الإعلام المختلفة مؤخرا، ليعود مرة أخرى إلى الأفق حديث الإنجازات الذى عهدته حكومات النظام السابق بالتزامن مع أى حدث سياسى.
عرض الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، مؤشرات الربع الثالث من العام المالى الحالى، وهو البداية الفعلية لتولى حكومة الجنزورى زمام الأمور، نموذج على هذا التحول، حيث شددت على تحقيق معدل نمو 5.2%، بالإضافة إلى انخفاض الدين الخارجى من 35 مليار دولار إلى 33 مليار دولار، وسردت أبو النجا كذلك ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بنحو 100 مليون دولار خلال الشهر الماضى، بينما أكد ممتاز السعيد وزير المالية، بعد إدلائه بصوته فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، أن الاقتصاد تجاوز أصعب مراحله، ثم لفت فى تصريح آخر إلى أن الاقتصاد المصرى قوى ولا مجال للحديث عن الإفلاس. وكلها تصريحات تعطى صورة وردية لإنجازات الحكومة، تتناقض مع التصريحات التى وصف فيها الجنزورى الوضع الاقتصادى بالكارثى، فور توليه الوزارة.
صورة التحسن الاقتصادى تحمل فى جزء منها قدرا من الصحة والحقيقة، وإن كان ذلك لا يرجع إلى مجهودات الحكومة. بينما الجزء الآخر مشكوك فى دقته، أما الهدف من تصدير الإنجازات الحكومية فى هذا التوقيت فيحتمل اتجاهين: أحدهما رغبة الحكومة فى الاستمرار لفترة ما بعد الرئيس، خصوصا إذا أتت الصناديق الانتخابية بأحمد شفيق. والاتجاه الآخر يتمثل فى الخروج المشرّف والآمن أيضا لأعضاء هذه الحكومة، التى تعلم أنها مؤقتة.
بيانات البنك المركزى بشأن ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى بنحو 100 مليون دولار، فى نهاية أبريل رجعت هذه الزيادة إلى المواطن لا الحكومة، حيث أسهمت تحويلات المصريين فى الخارج التى ارتفعت بنحو 25% فى الفترة الأخيرة، إلى جانب المبالغ التى حولتها العراق إلى البنك المركزى، ومنه إلى البنوك، لصرف الحوالات الصفراء، بقدر لا بأس به فى زيادة الاحتياطى.
«حكومة الجنزورى تعلم جيدا أنها تعيش أيامها الأخيرة، لذا فإنها تحاول جاهدة تقديم أوراق اعتماد لفرص جديدة، خصوصا فى حال فوز أحمد شفيق بالرئاسة».. علق بذلك الدكتور حازم حسنى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأضاف «قد تكون الصورة الوردية التى انهمكت الحكومة فى تصويرها، رغبة منها فى عمل صحيفة مشرفة تضاف إلى سجلها فى هذه المرحلة التاريخية الحاسمة والحرجة أيضا»، لافتا إلى أنه لا يمكن الاعتداد بالمؤشرات المعلنة من قِبل الحكومة حول الأداء الاقتصادى إلا فى حالتين: إما أن يشعر المواطن على أرض الواقع بهذا التحسن، وهو الأمر الذى لم يحدث إلى الآن، وإما أن تكون هناك جهة محايدة تثبت أو تنفى هذه المؤشرات.
وينتقد أستاذ الاقتصاد وعميد كلية العلوم الإدارية بأكاديمية السادات الدكتور إبراهيم المصرى، التصريحات الوردية الصادرة عن حكومة الجنزورى، معتبرا أن الحكومة قدمت الحدود الدنيا من مؤشرات التحسن الاقتصادى، بما لا يحتمل هذا التضخيم الإعلامى، وإن كانت تعمل فى ظل ظروف سياسية واقتصادية سيئة، مشيرا إلى أن ما حققته هذه الحكومة من تقدم سيتحول إلى مشكلات وتحديات قوية للحكومات القادمة، «فتثبيت 250 ألفا من العمالة المؤقتة خير مثال، حيث ستواجه الموازنة القادمة عجزا قويا بسبب زيادة بند الأجور لهذه الفئة»، مشيرا إلى أن بقاء الحكومة من عدمه يتوقف على الرئيس القادم، فمن المحتمَل أن يمنحها شفيق فترة استمرار أخرى، أما مرسى فمن الصعب إبقاؤه على هذه الحكومة.
المصدر : التحرير