مقالات

أحمد حلمى يكتب | أطفالنا المجنى عليهم

أحمد حلمي

 

أطفال الشوارع المنتشرين على مستوى الجمهورية بغرض التسول و للاسف نصفهم او اغلبهم مخطوفين تقع مسؤليتهم على من تركهم فريسة للإهمال .
أكون فى منتهى الحزن والأسى عندما أسير مع أبنائى و أرى هؤلاء ينظرون نظرة الحرمان و إفتقاد العطف ، يعتصرنى الألم والحزن على الطفولة المفترى عليها من كل من هو صامت عن حقوقهم .
للأسف أراهم يتم الزج بهم فى أمور هم أبعد ما يكونوا فيها ، بدءاً من الطفل الذى يستعطف الناس بالتمثيل عليهم سواء بالبكاء أو الكذب والإدعاء بأنه جائع أو بإلقاء مجموعه من أكياس المناديل فى عرض الطريق لكسب التعاطف ، وغيرها من المهام الأكذوبية للحصول على المال .
بالفعل عندما كنت أعرض ملابس أو أكل عليهم ولكن يرفضون ، فقط يريدون المال ، تم برمجتهم على إحضار يومية مالية لضمان المأوى و المأكل عبر من يقوموا بتسريحهم .
اتساءل دائما لماذا لا يتم وضع خطة و نظام للتطبيق فى كل محافظة مثل الأخرى بحيث يتم إنشاء مكان كبير و تعليمى لاحتواءهم ، على سبيل المثال مؤسسة تقوم بالرعاية على غرار المدارس الداخلية قديما و التى كانت تهتم بكل الامور الحياتية و على أن يكون لها اسم مشرف و مرموق كدار الرعاية المصرية مثلا وليس كما عرفنا قديما الأحداث أو الإصلاحية أو غيره ، و ذلك لكى يكون الاسم مشرف لا يخجل منه الطفل عندما يترك المكان وأيضا نظام التعليم لابد ان يكون مشرف لا يقل عن التعليم الذى يحصل عليه كل طفل فى كنف أسرته والذى يمكن الطالب لدخول الجامعة وحتى إنخراطه فى الحياة المجتمعية العامة بشتى طرقها .
لماذا لا يتم إنشائها هذه الديار بنظام موحد و ثابت فى كل محافظات الجمهورية ، ويكون الغرض منها احتواء كل اطفال الشوارع فى كل محافظة على حدى و تهتم بتعليم و إستضافة و إيواء الأطفال ،  حيث يكون التكفل بها ماديا من خلال الحكومة يداً بيد مع رجال الأعمال فى كل محافظة بعد اطلاق هذه المبادرة للتكفل شهريا بالمأكل و الملبس و المشرب على اعلى مستوى بمعنى الكلمه ، أعتقد بأن هذا أفضل كثيرا من أن ننتظر أن يكبروا ثم يرتكبوا الجرائم ليزج بهم في السجون لينالوا نفس الرعاية ولكن بشكل مهين للمجتمع .

 

لماذا لا يتم فتح رقم حساب بنكى معلن عنه فى الاعلام خاص لكل محافظة يمكن من خلاله المواطنين المساهمة بشرط الحذر كل الحذر من اختيار الأشخاص القائمين على إدارة هذه المؤسسات حتى لا تتحول إلى مصلحة حكومية حتى وان كان على المدى البعيد .
هذا الأمر لن يكون مكلفا أو مستحيلا اذا سار بنظام تشغيل وإدارة ناجح و تم مراقبته بشكل متميز ، بالعكس سيتم احتواء القنابل الموقوته فى الشارع التى سيأتى يوم و يكبروا ليصبحوا ضارين لأنفسهم أولا ثم للمجتمع وهو أمر حتمى و متوقع أن يشتعل داخلهم الحقد و النقمة على من هم دونهم من أصحاب الحظ فى الرعاية و التعليم و غيره .

 

نداء و استغاثة رحمة بالطفل المصرى المشرد فى الشارع والذى يتم استغلاله فى التسول ، رأيت بعينى و سمعت بأذنى مجموعة من الأطفال أكبرها لا يتعدى العاشرة يقفون مع رجل يسألهم عن المال الذى جمعه كل طفل من التسول و شدد على أحدهم لن تنام اليوم إلا عندما تأتى باليوميه المعلومة .
منتهى القسوة لا أعتقد أنها ستصمد أمامها الطفولة أو البراءة ولابد أن يتوحش الطفل وله ألف مبرر ، أعلم جيدا انه يمكن احتواء هذا الأمر بمنتهى السهولة والإحكام ، لكن أولا لابد من حصر جماعى لأطفال الشوارع في كل محافظة على حدا حتى لا يكون الأمر مرهق على جهة واحدة فقط مسئولى عن الجمهورية بشكل عام .
نعم أرى أنه من الأجدى وضع نظام أولا ثم يفعل عن طريق كل محافظ و من يعاونه كشرطة التسول مثلا فمجرد انتشارهم فى الشارع فقط سيمكنهم من حصر و رؤية هؤلا الأطفال في كل مكان و من يثبت أن له أهل يتم التعهد على أهله بعدم نزوله الشارع للتسول و من لم يثبت له أهل يتم نشر صورته فى الاعلام ليتعرف عليه أهله و يتم دخوله دار الرعاية إلى أن يتم اما التعرف على أهله أو الاستمرار فى الاقامه فيها إلى أن يخرج للمجتمع انسان سوى بمعنى الكلمة .
كلمة أخيرة ، إذا تحول الأمر لمجرد مسابقة لتعيين خبراء دور الرعاية للحصول على وظيفة حكومية فلا داعى لتطبيقها لأن هذه الأطفال تحتاج آباء و أمهات بمعنى الكلمة .

 

رجاء إنتقاء خبراء و أقصد خبراء بمعنى الكلمة لأنك ستحول طفل فى الشارع إلى إنسان سوى وهو أمر ليس بأسهل و ليس بالعسير ، كل مشكله لها ألف حل ولكن لمن يهتم بإيجاد الحل من الأصل ، إما السكوت فهو جريمة فى حق هؤلاء الأطفال المجنى عليهم .

 

الآراء المنشورة تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى