مقالات

أحمد حلمي| يكتب: إِلا كرامة ابنك

أحمد-حلمي

يؤذينى جدا مشهد أصبحت أراه بصورة شبه يومية وهو مشهد ضرب الآباء و الآمهات للأبناء فى الشارع و تحديدا الضرب على الوجه !!! أمر فى منتهى القسوة والشراسة يولد عند الأطفال عنفا مضاعفا يزداد كلما كبر الطفل .

أعلم جيدا أن الأطفال يصعب التعامل معهم فى البيت و خصوصا خارج البيت فى كيفية السيطره عليهم …
لكن لا أجد مبررا للضرب على الوجه أيا كان الفعل؛ فالفعل الصادر من الطفل سواء فى المنزل أو خارج المنزل ما هو إلا رد فعل منه تجاه معاملة أهله له و لأسلوب التربية المتبع !!! فالصوت العالى و التعنيف فى التربية و الضرب أولا بأول على الفعل سواء الهين أو الكبير ما هو إلا زرع لقنبله موقوته داخل الطفل … تنفجر فى وقت محدد بمجرد التعامل العنيف مع الطفل … تنفجر فى صور متعددة كلها أسوا من بعض … وعادة ما ينتج عنها عصبية أو عناد أو كره أو حقد على الغير ….. إلخ كلها نتائج حتما سلبية لا مفاضلة بينها، فنتيجه واحدة كافيه أن توجد الباقى وتعمل على زيادته !

تأذيت جدا عندما رأيت أم و طفليها كان الواضح من ملبسها و هيئتها و ملابس أبنائها أنهم من مستوى اجتماعى راقى ولكن للاسف كانت تضرب إبنها بمنتهى القسوة فى الشارع أمام أخيه وعلى الملأ أمام الجميع ولا أعلم السبب إلا أن والدته كانت تقول له باللفظ ( ولسه لما أروح هموتك بجد ) لكن ما استفذنى عندما رأيتها تشد له شعر رأسه بانتقام و تمسك برأسه لتضربها فى شنطة السيارة فى الشارع وكان صوت بكاءه الممزوج بإستغاثته يعصر القلب !!!! منتهى الوحشيه و شحن للعنف داخل الطفل تجاه الغير والذى بدوره يؤدى إلى قتل البراءة داخله…

لا أعلم لما يحدث كل هذا ولكنى أعلم جيدا أن التربية هى توجيه …. و قوة و حزم الآباء تتمثل فى احترام الطفل لكلامهما الذى قد يصدر بنظرة عين أحيانا بناء على التعود . فالعنف لا يولد إلا العنف…. ويقول صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ ). رواه البخاري، فما بالنا بالتربية و ضرب الوجه أو كل الجسم علما بأنه يوجد بعض الآباء يلجأون إلى أساليب خاطئة جدا كاستخدام الكبريت لتعويد الطفل على الذهاب للحمام أو كحبس الطفل في غرفة مغلقة مظلمة كعقاب أو حتى معايرته بخطأه على الملأ كنوع من التهوين منه لعدم فعل الخطأ مره أخرى.

ويقول المصطفى صلى الله عليه و سلم : ” مَنْ رَوَّعَ مُسْلِمًا رَوَّعَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ أَفْشَى سِرَّ أَخِيهِ أَفْشَى اللَّهُ سِرَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخلا‌ئِقِ ” ، فلا يعتد أسلوب الترويع أو الخوف أبدا تقويم … أو حتى معايرة الطفل بالخطأ الذى ارتكبه أمام الجميع ضمن أساليب التقويم !!! للأسف منتهى الخطأ فى التقويم، و الحل هو الحوار و الكلام مع أبنائنا لتعريفهم الخطأ من الصواب مع تطويل البال و سعة الصدر لأنهما مفتاح أى علاقة بين أى أطراف.

وبشكل عام يجب أن نعلم جميعا أن التربية ليست انتقام من ضغوط الحياة اليومية فى الأطفال … فلا ذنب للبراءة أن تصبح متوحشة بسبب ضغوط العمل أو مشاكل الجيرة أو زحام المواصلات أو غلاء الأسعار أو متطلبات المنزل … إلخ، لا يستقيم أن ننتقم من كل هذه الضغوط فى الجانب البرىء فى حياتنا .

نصيحه لوجه الله …. إجعل إستثمارك فى أبنائك فى تربيتهم و إكسابهم الأخلاق و الصفات الحميدة ولا تقسو عليهم حتى لا تكون السبب فى أن ينبت داخلهم الخوف و الضعف و الرعب من كل ما هو محيط بهم، فبدلا من أن تهتم بالسعي على توفير ما تراه أنه الأمان لمستقبلهم سواء كان مال أو مأوى أو ملبس وتتناسى أن التربية هى الأمان لهم لأنها منبع للعاطفه داخلهم.

 رجاء من كل أب و أم ….كونوا رفقاء بأولادكم و صاحبوهم و اجعلوهم أهلا للمسئولية .. علموهم من أخطائهم لتضعوهم على الطريق الصحيح .. وتذكروا دائما قول الرسول عليه الصلاة و السلام عن التربيه عندما قال (أدبنى ربي فأحسن تأديبى) … فكن أنت أيضا رسولا أمينا أمام الله فى تربية أبنائك و تحلى بالصبر و إجعل رسالتك فى الدنيا هى وضع إبنك على الطريق السليم.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى