مقالات

أحمد حلمي | يكتب: كي تُرىْ جميلا ً

أحمد حلمي

قيل قديماً… تكلم كى أراك …فمن خلال الكلام (الحديث) كانت و مازالت تتحدد شخصية المرء ….

و زاد على ذلك فى عصرنا الحالى وسائل أخرى يمكن من خلالها التعرف على شخصية الإنسان … و من وجهة نظري أيقنت أن اكثر وسائل التعرف على سلوك و شخصية المرء وأوضحها ليس الكلام و حده …

فالكتابة أيضا هى عنصر فعال فى الكشف عن هوية الإنسان وطريقة تفكيره ..لأنها تجمع بين الحديث مع النفس وكيفية إخراج محتوى هذا الفكر فى هيئة كتابة … فهى تجمع بين افتراض حديث مع مجموعة من الناس و استنتاج ردود الأفعال منهم و القدرة على التنسيق بين الرأى و تقبل الناس له ليصل و لينال القبول عند جميع العقليات !

و يمكن من خلال الكتابة بمنتهى البساطة التعرف على مقدار الثراء العقلي بالمعلومات من عدمه … والثراء العقلي لا يتم بنقل الكلام من الغير وحسب !!! فلا مانع من القراءة و الاطلاع على كل ما هو تراث ولكن بغرض إثراء العقل ليمكن من خلال هذا الإثراء التألق بإجتهادات متميزه…. ففارق كبير بين الإيضاح لكلام الغير و بين الإبداع والاجتهاد فى ميلاد محتوى جديد …..

وبالرغم من أن الكلام هو ما يحدد شخصية الفرد لكن أحيانا يكون الفرد متسرعا فى الحديث أو يخونه ثباته فيظلم نفسه و يؤخذ عنه انطباع سئ قد يلازمه طوال العمر نتيجة لموقف قد يترتب عليه رد فعل غير مدروس… !!!!!

أما الكتابة فهى ذات مساحه حرة و تتسم بالتنسيق العقلي فى طرح الأفكار و اختيار الكلمات ولا أجد لها أعذار فى أية إخفاقات إلا فى أضيق الأمور … فلكل قاعدة استثناءات …!!!!!!

و المفترض فى الكتابه هو أنه ما يخرج من القلب يترجمه العقل ثم يعرض مكتوباً … لذا فالمتألق فى الكتابة هو إنسان عظيم … وقصدت قول المتألق أى من ينال استحسان الجميع ولم أقل من يكتب فهو إنسان عظيم …!!!!! فلكل شىء مستويات و دائماً المتميز هو من يختلف عن الآخرين

تتعلق أيضاً الكتابة بالجمال الداخلي فى العلاقات بين الناس … فجميل الطباع كريم النفس نجده عندما يتكلم يثنى على كل فرد بما هو فيه و يتجمل و يتفنن فى عرض آراءه من خلال حديثه بشكل يطرب الغير ولكن بشرط أن يكون هذا الكلام فى محله …

فهناك خيط دقيق جدا يفصل بين المجاملات و بين النفاق …. و النفاق فى هذه الحاله يكمن فى المدح و التجمل على غير سابق معرفة أو بمعنى أدق سابقة تعاملات !!!!  ويحدث عادة إما لحب الظهور أو لحب الإستعراض أو للإحساس بالنقص الداخلي وكل ما سبق يصنف تحت بند النفاق الاجتماعى و سببه الشعور المستمر بالتجاهل من الغير !!!! عافانا الله و إياكم

أما فى الطبيعى للكتابة فجمالها الداخلي يكمن فى إحترام عقلية القارىء بداية من إنشاء الفكرة و مروراً بكتابتها و انتهاءا بعرضها وما زاد عن ذلك يقيم حسب طبيعة الأمور … ولا يستوي أن تتخلل الكتابة آية تجاوزات لفظية أو تلميحات .. حتى وإن تقبلها البعض فلا يجوز تعميمها على الكل … فالمفترض فى الكتابه هو إستمراريتها و تناقلها من قارئ إلى الآخر.

لذا … كن جميلاً فيما تكتب و لا تنسي أن شخصيتك و انطباعاتها تستقر عند الغير من كلامك و كتاباتك و كل أفعالك الظاهرة … فلم يعد هناك تكلم كى أراك فقط …. ولكن تكلم و اكتب و تعامل وافعل كل ما بوسعك كى تُرىْ جميلا … عافانا الله جميعا من كل سوء.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى