مقالات القراء

الدكتور ظريف حسين | يكتب: إنعاش العقل

 

الدكتور ظريف حسين رئيسًا لقسم الفلسفة بكلية آداب جامعة الزقازيقللنهوض وصفة غير سحرية معلومة للجميع و لا يجوز البدء من الصفر في كل مرة، كما لا يجوز التشكيك في مدي فاعليتها و نجاعتها في حل مشكلة الرسوب الحضاري التي نعانيها منذ قرون.

فقد تم التوصل إلي هذه الوصفة من خلال تاريخ طويل من ممارسات تجريبية استغرقت التاريخ الكلي لحضارات العالم،بتصحيح أكثر الأخطاء فداحة و التي كان العقل الإنساني متورطا فيها سواء أكانت لأسباب داخلية،أي من العقل نفسه بتركيبته التي نكتسبها من مناهج التربية و التعليم و الأسرة و المجتمع،أم كانت خارجية متمثلة في الثقافات و التراث بشكل عام.

و من أهم بنود خطة الانقاذ الحضاري:

1-التزام المناهج العلمية في مواجهة المشكلات.

2-الاهتمام بممارسة مناهج النقد لكل ما نتلقاه من ثقافة أو فكر أيا كان مصدره.

و لذلك فقد أصبح النهوض و التقدم من نصيب المجتمعات التي تدعم نظمها التعليمية و الثقافية مناهج العلم و النقد ،أي عدم التسليم الأعمي بما يقال أو الرضَي بالمتاح.

و العكس نجده في البلاد التي كانت و لاتزال تعادي التفكير النقدي،و تقدس ما كان يعرف عادة بالتفكير النظري أو الأسطوري،فكان الفيلسوف مثلا أو من يقوم مقامه من الأنبياء و المصلحين غالبا ما يُتهم في عقيدته أو وطنيته أو كلتيهما معا،أي في انتمائه بصفة عامة،و قد يصبح منبوذا يجب إعدامه أو علي الأقل نفيه خارج وطنه.

و هناك شواهد تاريخية تؤيد ذلك سواء في الدول الإسلامية أم في غيرها.و النتيجة الحتمية كانت هي الانهيار التام لهذه الحضارات أو توقف نموها تماما كما هو الحال مع الحضارتين المصرية القديمة و الإسلامية، برغم أن إحداهما كانت وثنية! فقد كان ذلك من مضاعفات الإصابات البالغة المتكررة بأورام الجهل المزمنة و استحكام الإنغلاق الفكري،و من ثَم التطرف و الإرهاب.

و لذلك كان تنبيه هؤلاء في كل العصور- و خاصة في الدول الناهضة – إلي ضرورة الأخذ بمناهج العلوم الموثوقة و المناسبة لموضوعاتها من جهة،و من جهة أخري إلي العمل علي تعزيز الجهاز المناعي للجماهير بالنهوض بالثقافة العلمية و الفنية خاصة،و بتطوير المناهج الدراسية و تحديثها بما يتواكب باستمرار مع مسيرة العلوم،و التي تعتمد علي النقد و مراجعة المعتقدات مهما كانت صارمة و متكلسة في الأدمغة،و خاصة بالنسبة لأكثر طلاب الكليات العملية الذين هم محرومون بطبيعة الحال من دراسة العلوم الإنسانية بمناهجها النقدية،و بذلك تتوفر لديهم القدرة علي مواجهة الثقافات الأخري بالتسامح و القبول بالإختلاف حتي مع ما يعتقدون بأنه الحق من وجهة نظرهم،فضلا عن ضرورة نشر مناهج التفكير النقدي في كل مستويات التعليم فضلا عن الثقافة الجماهيرية.

و من شأن هذه الخطة أن تضعنا الوضع اللائق بتاريخنا الحضاري،و تجنبنا المآسي الناتجة عن سيادة الوعي المتخلف في كل البلاد التي يشيع فيها الفكر التكفيري الدموي من كل الجماعات و من كافة المنطلقات.

و الآن:فلْيحيَ الفكر الناقد البناء،ذلك الترياق العجيب الذي يخشي المصابين تعاطيه و يجهلون كل الجهل أن شفاءهم فيه!

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى