الذكرى الـ 38 لرحيل العندليب ابن مدينة الإبراهيمية بمحافظة الشرقية
كتبت | أميرة فتحى الحنفى
ولد العندليب الأسمر في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم، إسماعيل ومحمد وعلية.
توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده، ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل، ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة.
منذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به.
التحق حليم بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين وذلك فى عام 1943، حين التقى بالفنان كمال الطويل الذى كان طالبا فى قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948 ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950.
تقابل مع صديقه ورفيق عمره الأستاذ «مجدي العمروسي» عام 1951 ،في بيت مدير الإذاعة «فهمي عمر» وهناك اكتشفه الإذاعي الكبير «حافظ عبد الوهاب» الذي سمح له بإستخدام إسمه «حافظ» بدلا من شبانة.
أُجيز حليم في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة «لقاء» كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل في 1951، وهناك رواية أخري تقول أنه أجيز في 1952 بعد تقديمه أغنية «يا حلو يا أسمر» كلمات «سمير محجوب»، وألحان «محمد الموجي».
وحين قام حليم بغناء «صافيني مرة» في أغسطس 1952 رفضتها الجماهير حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقي هذا النوع من الغناء الجديد، ولكنه أصر على غنائها مجددا في يونيو 1953 يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحًا كبيرًا، ثم قدم أغنية «على قد الشوق» كلمات «محمد علي أحمد»، و ألحان« كمال الطويل» في يوليو 1954 وحققت نجاحًا ساحقًا.
قدم عبد الحليم أكثر من 230 أغنية، وكان له الكثير من الأغاني الوطنية بعد ثورة 23 يوليو 1952 ومنها، العهد الجديد في نفس عام الثورة ثم توالت أغانيه ومن أشهرها «إحنا الشعب، والله يا بلدنا، وابنك يقولك يا بطل، ونشيد الوطن الأكبر، وحكاية شعب، ومطالب شعب، وصورة، وعدى النهار، وأحلف بسماها، والبندقية اتكلمت»، وبعد حرب أكتوبر 73 غنى «عاش اللي قال، وصباح الخير يا سينا، والنجمة مالت على القمر، و المركبة عدت، وخللي السلاح صاحي».
تعاون مع الملحن العبقري «محمد الموجي» و «كمال الطويل » ثم «بليغ حمدي»، كما أنه له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل: (أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا)، ثم أكمل الثنائي «حليم – بليغ» أفضل الأغاني العربية من أبرزها: «زي الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، موعود» وغيرها من الأغاني.
كما غنى العندليب للشاعر الكبير« نزار قباني» أغنية قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء .
أما عن حبيبته، فهى كما عرف عنها «صاحبة أجمل عيون» على حد قول حليم ، وكان اللقاء الأول الذي جمعها بعبد الحليم، وكان ذلك داخل مصعد عمارة «سيدي بشر» بالإسكندرية؛ التى كان حليم يمتلك شقة فيها، وعندما شاهدها وقع في غرامها، ومن شدة إعجابه بها سار خلفها بسيارته حتى «الشاليه» الخاص بعائلتها والذي كان قريباً من «شاليه» الأديب الراحل إحسان عبد القدوس.
كما ذكر الكاتب الراحل «مصطفى أمين»، أنه قد حضر إحدى حفلات عبد الحليم التي كان يغني فيها أغنية «بتلوموني ليه»، ولاحظ « أمين» أن عبد الحليم طوال الأغنية كان ينظر فى اتجاه معيّن، وعندما نظر «أمين» للإتجاه نفسه ، وجد سيدة جميلة صاحبة عينين لم يشاهد بجمالهما من قبل، فعرف أنها هي حبيبة عبد الحليم.
أما عن أفلامه، كان حليم قد قدم في السينما 16 فيلما أشهرها «لحن الوفاء، وأيامنا الحلوة، وأيام وليالي، وموعد غرام، ودليلة، وبنات اليوم، والوسادة الخالية، وشارع الحب، وحكاية حب، والبنات والصيف، ويوم من عمري، والخطايا، ومعبودة الجماهير، وأبي فوق الشجرة»، وكان آخر أفلامه.
الجدير بالذكر أن عام 1955 شهد عرض 4 أفلام كاملة للعندليب، فيما وصف بأنه عامه الذهبى سينمائيًا.
كما كان يحلم بتقديم قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفي أمين، على شاشة السينما ورشح «نجلاء فتحي» لبطولتها ولكن القدر لم يمهله.
أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد سببه مرض البلهارسيا، وكان هذا التليف سببا في وفاته عام 1977 م وكانت أول مرة عرف فيها العندليب الأسمر بهذا المرض عام 1956 م عندما أصيب بأول نزيف في المعدة وكان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف.
حيث كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، ولقد قال مرة أنا ابن القدر، وقد أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية.
توفي يوم الأربعاء في 30 مارس 1977 في لندن عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاماً، والسبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملا معه التهاب كبدي فيروسي فيروس سى الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، كما قد أوضح فحصه في لندن، ولم يكن لذلك المرض علاج وقتها وبينت بعض الآراء أن السبب المباشر في موته هو خدش المنظار الذي أوصل لأمعاه مما أدى إلى النزيف وقد حاول الأطباء منع النزيف بوضع بالون ليبلعه لمنع تسرب الدم ولكن عبد الحليم مات ولم يستطع بلع البالون الطبي.
حزن الجمهور حزنا شديدا حتى أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر.
وقد تم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصري الراحل «جمال عبد الناصر» والفنانة الراحلة «أم كلثوم»، سواء كان في عدد البشر المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة .
المصدر | الشرقية توداى