رأي

أحمد حلمي | يكتب : القيادة الناجحة خبرة أم معرفة ؟

أحمد حلمي

القيادة بشكل عام لها مقومات معينة هى التي تؤهل الشخص أن يصبح قائداً على مجموعة من الأفراد ليشكل بهم فريقاً يحقق من خلاله النجاح وذلك في جميع مجالات الحياة .

وإذا نظرنا لمقومات القائد الناجح فهى تعتمد على أربعة عناصر أساسية متلازمة و متشابكة مع بعضها البعض وذلك وصولاً للنجاح المرجو من قيام المؤسسة في البداية.

وأول هذه العناصر الأربعة هو «التخطيط» فلابد أن تكون هناك خطة توضع من قبل القائم على فريق العمل وصولا لهدف يسعى لتحقيقه بمنتهى الدقه يليه «التنظيم» المتقن في تكوين فريق العمل تطبيقاً للخطة الموضوعة من البداية للوصول للنجاح ثم يأتي بعد ذلك «التوجيه» وهو عنصر مهم و أراه أهم عناصر الإدارة الناجحة حيث يعتمد فيه القائد على شخصيته في إداره فريق العمل و ينبغي أن يكون على علم بقدرات كل شخص جيداً سواء عقلية أو بدنية ، بمعنى أصح يجب أن يختار الشخص المناسب في المكان المناسب.

ثم تأتى أخيراً «الرقابة» و هى التي تعمل على إحكام كل ما سبق أو هى صمام الأمان لضمان سير كل ما سبق بمنتهى الدقة ، ولا يجب أن ننسى أن الخبرة في كل الأحوال تلعب دوراً هاماً فكلما زادت الخبرة كلما زاد تفادي الأخطاء المحتملة بل و يسعني أن أقول و الغير محتملة أيضاً.

ولكن يأتي السؤال ، أيهما أفضل في إختيار القائد بشكل عام ؟ أمن الأفضل أن يكون كبير السن كثيف الخبرة ولكن بطىء القرار أحيانا إن لم يكن دائمًا ؟ أم يكون صغير السن كثيف المعرفة و الحيوية و الإقدام على النجاح ؟

في رأيي لكل منهما مييزات و عيوب ، ففي السن الكبير نجد الخبرة ولكن يقيدها آليات قديمة أو روتين معين أو حتى بطء إتخاذ القرار و غيرهم من التقييدات الكثيرة.

أما أهم المميزات للسن الصغير هى «المعرفة» بالإضافة للتفاعل المتواصل فى العمل بدون انقطاع للخروج بأفضل النتائج نتيجة للحماس المستمر وبالتالي الهدف المراد تحقيقه هو النجاح ، لكن أسوأ عيوب السن الصغير هو الغرور.

نعم الغرور ، فالحرص على النجاح بشكل سريع هو غرور في الثقة بالنفس فكلما كان الناجح صغيراً في السن كلما جرفه تيار الغرور نظراً لصغر سنه و حداثة خبراته.

فمما لاشك فيه أن الخبرات ليس بالتعلم النظري ولكنها تأتي بمقدار تجارب الحياة فعلى سبيل المثال نجد أن عامل في مصلحة حكومية يقارب الستين عاماً على علم بكل صغيرة و كبيرة داخل المصلحة و على علم تام جداً بكيفية الحلول لكل المشاكل سواء تجاه المواطنين أو مشاكل العمل الإداري بل ويمكن أن تكون خبرة العامل أعلى من خبرة مدير المصلحة نفسه.

إنها الخبرة ولكنها للأسف خبرة بلا مقومات علمية أو وظيفية ولكنها بطبيعة الحال مكتسبة بمناسبة التواجد.

للأسف صغير السن أراه أعمى وصفًا وليس سبًا لا يرى سوى هدف يريد الوصول إليه و لا يعلم الطريق هل هو ممهد أم به معوقات وهذا أمر طبيعي فهو لم يسير عليه من قبل.

في بعض المؤسسات وليس الكل أسوأ ما ينغّص على المرئوس من رئيسه هو رفع التكليف ، ولست قاصداً الألقاب تحديدا كأستاذ فلان أو ما شابه مع العلم أنها بديهيات في حسن المعاملة ولكن ما أقصده هو التعامل المبني على حب الرئيس لشخص او كرهه له فللأسف تقييم الموظف يكون بناءً على محبته لمن يرأسه سواء بوضعه في عمل مريح أو إلتماس الأعذار أو حتى الترقية السريعة له ، و على العكس فالموظف المكروه من رئيسه نجده على الدوام في خانه المكروهين في كل ما يخص العمل و حتى إن أراد أن يتميز أو حتى يصلح ما أفسده يجد ألف طريق مغلق بلا أمل في النجاح.

وخصوصاً اذا كان المرئوس كبيراً في السن أو الخبره ولكن تشاء الظروف أن يقوده شخص بنصف عمره مستخدماً الضغط المستمر في إصدار الأوامر و استخدام جميع صلاحيات القيادة بحذافيرها عدا شىء واحد و هو التقدير المعنوي ، فعادة يسارع المدير بالخصم أو الجزاء حتى و إن لم يكن متأكداً من صحة الخطأ ويأتي دائمًا الجزاء الحسن أو التقدير الوظيفي بعد عدة إنجازات لابد و أن تكون جبارة و متميزة.

في الخارج لا يبالي أحد بهذا الأمر لسبب بسيط وهو أن الكبير أو الصغير يقوم بتطبيق نظام و خطة تسير على الجميع ، بمعنى أن الكبير يحترم الصغير في العمل بما يتطلبه نظام العمل و الصغير و إن كان قيادي على الكبير فهو قيادي في تنظيم أمور العمل فقط و ليس في التلذذ بسماع حاضر و تحت أمرك.

أخيراً ، إنجازات القائد تظهر في نجاح المكان الذي ينتمي إليه مع حب من يعمل معه وعلى الأخص من هم تحت قيادته ، وقمة الفشل هى أن يكره موظف مديره أو قائده و يعمل معه تحت ضغط مستمر لأن أول من سيصيبه الضرر هو نجاح المؤسسة لأن المبدأ المتعامل به هو «فعل ما يريده المدير فقط» وليس ما يريده المكان بشكل عام ويكون الإنتقام إسلوب تعامل.

وللأسف تبدأ الدائرة المغلقة حيث لا نهاية تنتقل من موظف لموظف دون إنتهاء والضحية في النهاية هو الصالح العام للمكان.

لذا هل من الممكن دمج العنصرين حيث يستفيد الحديث من القديم أم ستستمر الحرب بين كل من القديم و الجديد ؟

و يبقى السؤال ، هل القيادة الناجحة خبرة أم معرفة ؟

  • الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رآي الشرقية توداي بينما تعبر عن رآي الكاتب.

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى