ثقافة و فن

باسم يوسف «للكبار فقط».. قصة «طفل ساويرس» الذي أبكى أبوإسلام وورّط مرسي مع أمريكا

2

 

أحمد حافظ

عاصر ثلاثة رؤساء حكموا مصر.. الأول في القبر، والثاني في السجن، والثالث في القصر، لكنه لم يسلك طريق السخرية إلا بعد ذكرى التنحي بشهر واحد، حتى انتهى به الحال إلى المثول أمام النائب العام.. إنه الساخر باسم يوسف.
بدأ بالطب دكتورًا في جراحة القلب بعد تخرجه في جامعة القاهرة، وهبطت به طائرة مصر للطيران في أمريكا حيث عمل بإحدى شركات الأجهزة الطبية، ثم عاد إلى أرض الوطن، للحصول على الدكتوراه، ومنها غادر إلى ألمانيا للتدريب على جراحات زراعة القلب، إلى أن حصل على رخصة مزاولة المهنة بالولايات المتحدة عام 2005.
تنحى مبارك في الحادي عشر من فبراير 20011، وبدأ باسم يوسف رحلة السخرية بعد التنحي بـ30 يومًا فقط، وذلك عبر تحميل حلقات برنامجه “باسم يوسف شو B+” على موقع “يوتيوب”.
ظهر نجم باسم يوسف سريعا، ووصل صوته لملايين المصريين الغاضبين من نفاق وسائل الإعلام التقليدية في تغطيتها للثورة المصرية، واستغل الوسائل الإعلامية الاجتماعية ليظهر موهبته مستخدماً في سبيل ذلك مجرد طاولة وكرسي وكاميرا واحدة ولوحة جدارية تضم صوراً التقطها الهواة من ميدان التحرير.
وسريعا ماعرضت “قناة أون تي في” على باسم يوسف صفقة لإنتاج برنامج سياسي ساخر، يحمل اسم “البرنامج”، وخصصت له ميزانية بلغت نصف مليون دولار، وأصبح باسم هو الشخص الأول في الشرق الأوسط الذي يتحول برنامجه من الإنترنت إلى الفضائيات.
بدأ “باسم” أولى حلقاته الساخرة “تليفزيونيا” في شهر رمضان من العام قبل الماضي، وحظي على شعبية جارفة في وقت قياسي، مما دعا الصحف العالمية لتناول حياته، وكان من بينها الجارديان البريطانية ومجلة بلومبرج بيزنس ويك.
وفي يونيو من العام الماضي، دعا جون ستيوارت، باسم يوسف ليحل ضيفاً على برنامج “ذا ديلي شو” لإجراء مقابلة مطولة معه، وفي البرنامج علق ستيوارت متحدثاً لباسم يوسف قائلاً: “أنا أعرف القليل عن أعمال الفكاهة، ولكن برنامجك مميز، وأنت مبدع فيه، إنه برنامج ذكي تم تنفيذه جيداً”، وكانت الفقرة التي قام فيها جون ستيوارت باستضافة باسم هي واحدة من أكثر الفقرات التي حصلت على أعلى مشاهدات على موقع جون ستيوارت.
رحل باسم يوسف عن “أون تي في” لأسباب غير معلومة، وانتقل بعد ذلك لتقديم برنامج “البرنامج” عبر قناة “سي بي سي” وتم إذاعة أولى حلقاته في يوم الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي.
لم يكن أحدا من العاملين في “سي بي سي” يتصور أن باسم سيبدأ أولى لقاته في القناة، بالسخرية الشديدة من زملائه المذيعين فيها، مما دفع زميله الإعلامي عماد الدين أديب إلى الإعلان عن نيته لمقاضاته، قبل أن يهدده بـ”التنقيط عليه”!
لم يسلم الرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمون، من باسم يوسف حلقة واحدة، وساعد في ذلك التصريحات “الكوميدية” لقيادات الإخوان والرئيس نفسه، فيما يخص الأحداث الجارية في مصر.
تدرج باسم يوسف في طبيعة الكلمات التي يستخدمها في البرنامج، إلى أن بات يستخدم ألفاظا يعتبرها البعض “خادشة للحياء”، مما اضطر معه باسم إلى أن يكتب على تتر البرنامج “للكبار فقط”.
وصفته الصحافة السويدية بأنه أشجع إعلامي مصري، بينما اعتبرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أنه “ملك الهزل الساخر للربيع العربي”.
وضع باسم يوسف الرئيس محمد مرسي في مواقف كارثية، كان آخرها الفيديو الذي عرضه لـ”مرسي” قبل أن يكون رئيسا، وهو يهين إسرائيل وأمريكا والغرب ويحرض عليهم، مما دفع البيت الأبيض لاستنكار ماجاء على لسان مرسي، بحق أمريكا، وهو ما اضطرت معه رئاسة الجمهورية لإصدار بيان تقول فيه إن تصريحات مرسي عن الولايات المتحدة كانت مجتزأة.
حين وصف البعض باسم يوسف بأنه يحصل على أموال من رجل الأعمال نجيب ساويرس، نظير مهاجمة الرئيس مرسي، رد بسخرية: “أنا طفل ساويرس المدلل”.
لم يهاجم أي إعلامي مصري صاحب القناة التي يعمل بها، مثلما هاجم باسم يوسف رجل الأعمال محمد الأمين صاحب قنوات “سي بي سي”، حين ألمح في إحدى حلقاته إلى أن “سي بي سي” قناة “الفلول” ويعمل بها مذيعون “فلول” وذلك عندما كان يسخر بأن القناة ثورية وجميع مذيعيها “ثورجية” ومنهم خيري رمضان وعماد أديب ولميس الحديدي.
لم يخرج أي بيان من رئاسة الجمهورية أو تصريح رسمي من أي متحدث باسم الإخوان أو الرئاسة أو حزب الحرية والعدالة أو حزب النور، للرد على اتهامات باسم يوسف، وذلك لأنه عندما يهاجم أو يسخر، يكون مستندا إلى فيديو يؤكد كلامه، وهو ما يقلل من حجة الطرف الآخر في الرد عليه.
وحين سأل الإعلامي عمرو الليثي، الرئيس مرسي في حواره الشهير، عن رأيه في البرامج الساخرة، قال مرسي: “دي مضيعة للوقت والجهد، وبتخلي الناس تسهر تشوف حاجات متفيدهاش في حاجة”.
سقطات الرئيس في حواراته وخطاباته، والتصريحات الغريبة والمريبة لقيادات الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية كانت بمثابة الصيد الثمين لباسم يوسف في جميع حلقاته، لدرجة أن باسم قال عن ذلك: “شكرا للرئيس مرسي بطل برنامج البرنامج.. كل ما الدنيا تنزنق نلاقيك يا ريس بتقدم لنا الحل”.
كانت آخر معارك باسم يوسف مع المستشار مرتضي منصور، تلك التي حظيت باهتمام إعلامي بالغ، تطاول فيها “منصور” وتحدث عن “والدة” باسم يوسف، مما دفع الأخير للرد بالقول: “أخرك تجيب سيرة أمي يامرتضى”.
وصفه الشيخ خالد عبدالله بـ”أراجوز الثورة”، وقال له الشيخ أبوإسلام “أنت أحلى من ليلى علوى ولازم تلبس نقاب”، لكن أبوإسلام عجز عن الوقوف أمام سخرية باسم يوسف، وبكي في إحدى حلقات برنامجه بسبب “باسم”، قائلا: “أنا مش هقدر أكمل الحلقة دى لأن جواي بركان غضب ونار مولعة”.
هكذا باسم يوسف.. بالطب بدأ وباليوتيوب ظهر وبـ”أون تي في” اشتهر وبـ”سي بي سي” وصل للعالمية.. فرفعوا عليه قضية.. واتهموه بإهانة الذات الرئاسية.. وغدا سيقف أمام جهة قضائية.. بعد ثورة الحرية.
المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى