منوعات

ريم بنّا..أثر الفراشة لا يزول

 

ريم بنا
ريم بنا

كتبت | إسراء صديق

 

ريم بنّا ..ولدت ريم على أعتاب شتاء 1966، فوصفت ميلادها قائلة «شجرة زيتون رُويت برائحة فلسطين.. عندما كبرتُ، لم تخرج منّي هذه الطفلة، إنها رحلة تدوم وتدور بي من حياة إلى حياة، اشتقت لها كثيرًا، وهي أيضاً تشتاقني رغم أنها تسكن روحي إلى الأبد»

لمن لا يعرف من هي ريم بنا ؟

هي مغنية وملحنة فلسطينية، كما أنها موزعة موسيقية وناشطة، وُلدت بمدينة الناصرة عاصمة الجليل، وتوفيت في 24 مارس 2018 بمدينة الناصرة بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

أصيبت ريم بنّا  بسرطان الثدي  قبل تسعة أعوام، وانتصرت عليه في المرة الأولى، ولكن المرض عاد وهاجمها فأعلنت توقفها عن الغناء عام 2016، بعد إصابة أوتارها الصوتية

تحدثت ريم بنّا  دائما عن تجربتها مع مرض سرطان الثدي الذي شفيت منه في المرة الأولى وقالت عن بداية إصابتها بالمرض : “مررت بكافة الفحصوات الطبية وقبل معرفة النتيجة هيأت نفسيتي بأني مريضة بسرطان الثدي فأخذت جرعته قبل ظهور النتيجة وكان من الصعب علي تقبل الموضوع”.

 

متى سأموت!

على لسان ريم قالت :” أذكر انني في أول سؤال وجهته عند ظهور النتيجة كان .. كم تبقى لي في الحياة ومتى سأموت؟ عندها أجابني الطبيب لماذا تشبهون المرض بالموت حتما ستشفين منه وبعد ان خضت التجربة المؤلمة اكتشفت ان كل حالة تختلف عن الأخرى، وأن لا علاقة بين حالات الموت بالسرطان، وأن المعنويات العالية ستساعدني على الشفاء وتجارب الاخرين لا تعني موتي”.

بنا 2

شعري سيسقط

قالت أيضا: لقد مررت بتجربة مريرة خاصة بعد ان طلب مني طبيبي الذي كان مشرف على علاجي البدء بالعلاج الكيماوي من النوع الثقيل وقال لي إن شكلي سيتغير وشعرك سيسقط” والحمدلله فقد خضت تجربة العلاج , وعندما فقدت شعري شعرت بحزن على التغيير الجذري الذي طرأ على مظهري وهناك مجموعة ظنت انني قمت بقص شعري لكوني أسير حسب الموضة الشبابية واليوم شفيت وآخر النتائج الطبية اثبتت ذلك”.

أصدقائي حلقوا شعرهم تضامنا معي

شفائي بفضل كل الناس الذين ساندوني خاصة طبيبي وعائلتي واصدقائي من كل بلدان الدول العربية تونس الجزائر مصر ولبنان والاردن في وقت العلاج , والذين اتصلوا بي يوميا للاطمئنان على صحتي, وفي لفتة دعم ساعدتني كثيرا قام جزء من أصدقائي فاق عددهم 15 شابا بحلق شعرهم تضامنا معي حينها بدأت أتقبل مظهري.

 

داهمني المرض فقررت التغلب عليه

وعن الأيام التي عاشتها مع المرض قالت : ” كان من الصعب عليّ تقبل المرض ولكنها مرحلة قصيرة عانيت فيها وغضبت وغلبتني نفسية صعبة ولكني استطعت تجاوزها بسرعة ولا انسى اني بكيت فيها كثيرا , وتسألت لماذا أنا؟..ألا يكفي العذاب الذي ذقته؟. أنا لست فنانة على مسارح بل انا أمر حواجز البلدان تحت القصف ومعاناة الاحتلال، وها هو هذا المرض اللعين ..استصعبت الموضوع جدا , ولكن استطعت تجاوز الأزمة لانني فهمت ان المعنويات مهمة وتمتعت بقوة بداخلي ساعدتني على تخطي الأزمة”….. “بحثت عن سبب يساعدني لتقويتي على المرض فاستنتجت ان صوتي وحياتي وغنائي كرّستهم من اجل خدمة القضية الفلسطينية ضد الاحتلال فتخيلت ان مرض السرطان مثل الاحتلال الاسرائيلي بالضبط.

 

السرطان احتل جسمي كما احتلت اسرائيل ارضنا

السرطان احتل جسمي غصبا عني مثلما احتلت اسرائيل ارضنا واغتصبتها، وبهذه القوة قبلت التحدي وصارعت السرطان, وانا أؤكد بأن مرض السرطان مرض جبان تغلغل بجسمي ببطئ فكان التغلب عليه بطيئا، وكما علمت فإن ذلك أفضل للمستقبل ويضمن شفائي التام , وبعد الجلسة العلاجية الرابعة كان 75 % من الورم السرطاني قد انتهى , وصممت بالتغلب عليه وعدم السماح له بالبقاء في جسمي”.

 

هذه كانت كلمات الرائعة “ريم بنّا” بإحدى الصحف العربية عام  2010

 

صراعها الطويل ضد المرض:

رحلتها ضد المرض  بدأتها عام 2009، عندما أصيبت بسرطان الثدي، واستطاعت أن تتغلب على المرض رغم كل شيء، ولكنه غدر بها و عاد إليها مرة أخرى، ولكنها بشجاعتها المعهودة استمرت في مقاومتة طوال حياتها و لم تيأس، ولم تخضع له أو تستسلم للحظة او تعلن هزيمتها

 

ظلت هي من تهوِّن على من حولها فهي من تطمئمنهم دائما وتعدهم  بالإنتصار على المرض وظلت هكذا حتي بنهاية أيامها ، فقبل أسابيع قليلة من وفاتها نشرت من خلال حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ما تفعله من أجل طمأنة أبنائها قائلة: “بالأمس.. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي .. فكان علي أن أخترع سيناريو .. فقلت .. لا تخافوا .. هذا الجسد كقميص رث.. لا يدوم.. حين خلعه.. سأهرب خلسة من بين الورد المجسي في الصندوق”.

 

بنا 3

ريم بنّا..أثر الفراشة لا يزول

“المبدع لا يموت، فقط تنتقل روحه لسلامٍ أكبر.”

 

فارقت الفراشة “ريم بنا” عالمنا.. فارقتنا بجسدها لكن أثرها باقِِ ..كلماتها باقية ..دعمها باقِِ لكل أنثى وأم تعاني من سرطان الثدي اللعين ..أثرك باقِِ..فأثر الفراشة لا يزول يا ريم.

 

لم تخسري  الحرب يا ريم.. بل انتصرتي بإبتسامتك ..انتصرتي بعدم سماحك للسرطان أن يحطم روحك او يكسر طاقتك ..عشتِ قوية ورحلتِ قوية كما عهدناكِ دائما  .

 

وداعا ريم بنّا وسلاما طيبا لروحك

 

زر الذهاب إلى الأعلى