مقالات

سامح المصري | يكتب : عسل أسود

سامح 22أنا مواطن مصري وعندي حقوق مصرية، جميعا نتذكر هذه الجملة التي كانت نص حوار الفنان الرائع  «أحمد حلمي»  في فيلم عسل أسود، والذي كانت تدور قصته حول الفرق الواضح بين تعامل الحكومة المصرية مع المواطن المصري، والتي كانت تتضمن الإهانة وعدم الاهتمام، فيما كان الاهتمام واضح بالمواطن الأمريكي، وهذا ما تم عرضه من قبل المخرج الرائع «خالد مرعي»

هذا السيناريو كان كثيرًا ما يتكرر في مشاهد الأفلام السينمائية المصرية قبل ثورة يناير عام 2011، تلك الثورة التي كانت أهم أهدافها عيش، حرية، كرامة إنسانية.. وذلك بعد تكرار مشاهد الإهانة الواقعية للمواطن المصري بالإطاحة بنظام الرئيس الأسبق «حسني مبارك» حيث شهد مصر في تلك الفترة العديد من الجرائم الإنسانية، ومنها مشهد مقتل الشهيد سليمان خاطر يوم 6 يناير عام 1986، وكلنا يعلم تلك الواقعة بكامل تفاصليها ، كما نعلم تفاصيل يوم 6 يونيو 2010 الذي تم فيه مقتل الشاب «خالد سعيد» في مشهد أذهل العالم الذي يعترف ويحترم قانون الإنسانية، ولم تمر تلك الواقع كثيرًا ليتكرر نفس المشهد بنفس السيناريو ونفس الأبطال، ونفس السلاح، لينضم «السيد بلال» إلى قائمة جرائم النظام يوم الأربعاء الموافق 5 يناير عام 2011 أي قبل قيام الثورة بــ 20 يوم، ليكون خالد سعيد وسيد بلال وقود الثورة آنذاك، لينهار نظام مبارك بعد مقتل أكثر من 380 شاب على الأقل  بأوامر وزير الداخلية وقتها ” حبيب العادلي ” … ليرحل مبارك ونظامه بعد تظاهر المصريين والمطالبة برحيلة في معظم ميادين مصر 18 يوم ، ليتنفس بعدها الشعب المصري عبق الحرية والكرامة الإنسانية ولكن لفترة محدودة حيث سريعاً ما تبخر الأحساس بالحرية بفضل الأحداث التى شهدتها مصر فى الحقبة التى حكم فيها المجلس العسكري، ومن بعدهم جماعة الأخوان المسلمين !!

واليوم من المفترض أن الشعب المصري يعيش عهد جديد من الحرية والديمقراطية بقيادة رئيس جديد اختاره الشعب بنسبة 96% طبقاً لما تم إعلانه يوم الثلاثاء الموافق 4 يونيو عام 2014، ولكن اليوم نقترب من عامين بعد حكم القيادة الجديدة، ولكن مازلنا نعيش في سيناريو «عسل أسود» حيث أن مشاهد الأمس تتكرر اليوم بنفس الطريقة ونفس الأبطال، بعد تكرار جرائم الاعتقال القسري، والتعذيب حتى الموت  

تلك المشاهد الماضية أعتاد عليها الشعب المصري، ولكن كانت الفاجعة بعد حادثة مقتل الشاب الإيطالي «جوليو ريجيني»  الذي كان يجري بحث عن إتحادات العمال المستقلة بمصر، ولكن تغيب ريجيني يوم 25 يناير من هذا العام في ظروف غامضة، ليتم العثر عليه يوم 3 فبراير الماضي مقتول بآثر التعذيب، ومنذ ذلك اليوم اشتعلت ثورة في الشارع الإيطالي حكومة وشعب، لان مقتل مواطن بالنسبة إلى الدول الديمقراطية يعد جريمة لا تمر مرور الكرام هذا ما شاهدناه ومازلنا نتابعه حيث أن الحكومة الإيطالية أعلنت أنها لم تغلق هذا الملف حتى الوصول إلى الحقيقة

..هنا كان واضح الفرق الكبير بين دفاع مصر عن مواطنيها ودفاع الدول الديمقراطية عن مواطنيها، ولنا أن نتذكر أيضا حادثة الطائرة الروسية التي بسببها علقت  «روسيا»   التعامل السياحي مع مصر، وتسبب ذلك في أزمة بقطاع السياحة المصري الذي يعمل به ما يقارب  من 10 مليون مصري، فضلًا عن إغلاق مصدر هام من مصادر دخل العملات الأجنبية إلى مصر، هنا أيضا كان واضح الفرق بين كرامة المواطن المصري، وكرامة المواطن الذي يعيش بالدول الديمقراطية

أما عن وزن المواطن المصري طبقًا لأسعار البورصة الإنسانية، نجد ترجع سعر المواطن المصري بشكل ملحوظ ، ولنا بعض القصص الحديثة ومنها، مقتل مهندس بترول أمام مطار فنزويلا، ومقتل الشاب المصري بالكويت، وإنتشار الأمراض، وغيرهم من المواطنين الذين يموتون غرقًا بشكل مستمر على شوطئ أوروبا بسبب الرغبة فى الهجرة الغير شرعية، ذلك بعد تدهور الوضع الاقتصادي،… وغيرها من القصص …

ما نستنتجه من قصة الطائرة الروسية، ومقتل الشاب الإيطالي بالتحديد بعيدًا عن تفاصيل القضية، التي تغيب عنها الحقيقة حتى الآن ، ولكن هذه القضية منحتني فرصة ذهبية كي  أشاهد المشهد الحقيقي الذي يوضح تسعيرة المواطن في مصر ، مقارنتا بقيمة المواطن في الدول التي يحكمها نظام ديمقراطي

وبالرغم من كل هذه المشاهد وبعد سرد هذا المقال.. الشيء الوحيد الذي أتأكد منه هو أن المواطن المصري رغم الظلم وبرغم كل هذه الظروف يظل يدافع وينتمي ويعشق تراب هذا الوطن ولكن حب نستطيع توصيفه بــ العسل الأسود  

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى