مقالات القراء

عادل عصمت | يكتب : الجبرتي ومصالحه وتاريخ مصر

عادل عصمت

وأنت تقرأ تاريخ مصرالحديث للجبرتي، لابد وأن تدرك أن الشيخ الأزهري العتيد الذي كان يعلم الناس أمور دينهم ودنياهم وسليل علماء الدين أيضًا الذي تربي في أروقة الأزهر، وكان أبوه عالمًا أزهريًا كبيرًا، وهو الذي أرخ التاريخ الحديث لمصر، كان فاقدًا بشده للحيدة مغيبًا كبيرًا للموضوعية وأنه كان ينطلق في تاريخه لتاريخ مصر من مصالحة الذاتية الضيقة وخصوصًا المالية والسياسية وإن كتابه الأول الذي مجد فيه الفرنسيين كان بسبب تعينه عضوًا في المجلس الوطني العام أيام مينو واختيار الفرنسيين له ضمن ٩ علماء لهذا المنصب الوجيه، كذلك لابد وأن يدرك ويعرف القارئ لفضيله الشيخ عبد الرحمن الجبرتي مؤرخنا الكبير والوحيد لهذه الفترة، أنه كان (ملتزماً) (أي لديه إقطاعية يجمع منها الضرايب من الفلاحين ) وعنده وسية (الفلاحين بتزرعها بالسخرة ومعفاة من الضرايب) وأن الرجل تأثرت كتاباته للغاية بمصالحه ودار مع السلطة حيث تغيرت .

فاذا كانت للفرنسيين فهو معهم يمجد وينفخ ويبالغ في ترحاب المصريين بهم لتخليصهم من المماليك وإذا دانت للعثمانيين فهو معهم لاعناً الفرنساويين !!!!.

فعندما فشلت حملتهم في العام ١٨٠١ واضطروا للخروج من مصر علي يد الإنجليز تحول موقف الرجل علي الفور وراح يكتب ضدها ويلعنها ويمجد في العثمانيين طبعاً أصحاب السلطة العائدة بعد طول غياب، بمساعدة الإنجليز، وعندما قرر محمد علي باشا إلغاء نظام الإلتزام وصادر الأراضي من الملتزمين وفر ض ضرايب علي الوسايا كتب ضده وهاجمه وسماه (المحتكر الوحيد) كذلك كان يكتب ضده إرضاءًا للعثمانيين الذين يكرهون محمد علي الذي فرضه المصريون علي السلطان بالإضافة إلى أن محمد علي ليس عثمانيًا طبعصا وقاد مظاهرات المصريين ضدالعثماني وهتف المصريون وقتها ( يارب يامتجلي أهلك العثماني ) وشارك في حصار المصريين ٣ شهور للوالي العثماني خورشيد باشا عام ١٨٠٤ .
————
كتاب الجبرتي الاول اسمه(عجايب الآثار في التراجم والأخبار )

المعروف باسم تاريخ الجبرتي وهو من أربع مجلدات تمتد ما بين عام1688 إلى 1821 أرخ فيه الشيخ عبد الرحمن الجبرتي لتاريخ مصر في هذه الفتره الهامة، أما الكتاب الثاني الذي غير فيه الجبرتي موقفه من الفرنساويين وصار يلعنهم ويكتب ضدهم فهو بعنوان ــ مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس ــ الذي يغطي فترة الاحتلال الفرنسي لمصر علي مدي عامين من 1798 إلي 1800 ــ فقد وضع التقديس هذا لأجل عيون السلطان العثماني القادم لحكم البلاد وأهداه إلي الوزير يوسف باشا, وقد نال هذا الكتاب ثناء كبيراً من الحكام العثمانيين آن ذاك، حيث حملة الوزير العثماني إلي الأستانة وعرضه علي السلطان (سليم الثالث) الذي أمر كبير أطبائه مصطفي بهجت بنقله إلي اللغة التركية فتم ذلك عام1807، وقد حرص الجبرتي فيه علي إيصال فكره انه كان غير مؤيد او داعم لوجود الفرنسييين كما لعنهم لعنًا شديدًا وهم من خلصوا مصر من المماليك الذين أزلوا المصريين سنين طويلة في كتابه الأول، لذا وجب علي قارئ الجبرتي أن يدرك تحول الموقف السياسي للرجل الي النقيض وفقا للواقع السياسي المتغير الذي تمر به البلاد .

فبينما كان الوجود العثماني غائبًا في البداية تمامًا حيث نجح المماليك في استرداد الحكم في مصر والحجاز والشام من العثمانيين علي يد قائد المماليك علي بك الكبير ومساعده محمد بك ابوالدهب في العام ١٧٦٨ وحتي العام ١٨٧٥ أبو الدهب وتولي مماليكه مراد بك وإبراهيم بك حكم مصر طيلة الفترة التالية حتي مجيء الحملة الفرنسية لمصر في العام ١٨٩٨ والتي أعلنت أنها جاءت لتخليص المصريين من ظلم المماليك، سيعود الوجود العثماني مرة أخري بعد خروج الفرنسيين وتعيين ناصح باشا عام ١٨٠١ واليًا عثمانيًا خالصًا علي مصر وسوف يتوالي حضور الولاه العثمانيين في تلك الفترة كشك باشا وخسرو باشا وطاهر باشا واحمد باشا وعلي باشا وخورشيد باشا وحتي نجاح المصريين في فرض محمد علي واليا علي مصر وهو غير عثمانلي إلا أن مصر ظلت تابعة للدولة العثمانية حتي بعد وفاة شيخنا ومؤرخنا الكبير في العام ١٨٢٥ نرجو الادراك وحتي هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولي ١٩١٨ .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى