مقالات القراء

عادل عصمت | يكتب : كيف يتحول الفرد إلى إرهابي

عادل عصمت

في البداية لابد أن نقرر مفارقة عجيبة، أننا اكثر دولة تتعرض للإرهاب وتعاني منه وتحاول التصدي له والانتصار عليه والتعافي منه، بينما لايوجد لدينا مركز بحثي وأحد متخصص في هذا الشأن يحلل وينقب ويبحث في جذور وأصول الظاهرة الإرهابية ومغذياتها ومكملاتها الغذائية الفكرية التي تحول الإنسان إلي إرهابي .

وفي اعتقادنا أن البداية تكون عقلية يصاب خلالها عقل الفرد بالأصولية، مرض العصر الفكري الفتاك فيعتبر فهمه الديني (أصل) مطابق (للأصل) الإلهي المقدس وليس مجرد (صورة) وفهم لواحد من البشر وصورة من مليارات الصور والأفهام البشرية ويبدأ هنا الفرد في تقديس فهمه ( أي تحويله إلي فهم مقدس) ويبدأ قياس فهم الأخرين الديني علي فهمه هو فقط واعتقاده هو فقط .

فإذا وجده مختلفاً كفرهم طبعاً ويتحول علي الفور الفرد لتكفيري يكفر كل الأخرين وكل المخالفين والمختلفين مع (أصله) الذي أصبح مقدساً طبعاً ومطابقاً لمقصد الله نفسه، وينتفي التعدد وتسقط الغيرية أو تقتل تماماً من حياته ويتطلب فهمه الجديد المريض بالأصولية أن يصبح الجميع علي فهم واحد فقط هو فهمه للنصوص الدينية  ثم يأتي الخطاب الديني فيؤسس ويغذي فيه النرجسية الدينية القاتلة، فيؤكد له المشايخ أن الشريعة التي اختارها أفضل شريعة أرسلها الله وأن نبيه أفضل نبي أرسله الله وأن لغته أفضل لغة فهي لغة القرآن وأن المؤمنين أفضل أمة علي الأرض علي الإطلاق، وأن علي جميع أهل الكتاب ترك شرائعهم فوراً والهرولة إلى شرعة الرسول ( ص ) وهو ما لم يأمر به الرسول ( ص ) أصلاً حيث أرسله الله لغير أهل الكتاب قال تعالي ( أرسلنا للأمين رسولاً منهم ) وأنه عندما أرسله إلى (بعض) أهل الكتاب أرسله للذين ( كفروا منهم فقط ) مصححاً وضابطاً لما انحرفوا فيه عن شرائعهم الأساسية المقدسة، وليس نافياً لتلك الشرائع الإلهية،
أو لاغياً لها، قال تعالي لنبيه عندما ذهب له بعض اليهود ليحكموه وكاد الرسول أن يحكم بينهم وفقاً لشريعته هو التي جاء بها فرفض ذلك الله تعالي حيث قال لنبيه ( كيف يحكموك وعندهم التوراه فيها حكم الله )، ثم يغذي فيه الخطاب الديني للمشايخ (الرسالية ) و( الوصاية ) المقيتة والقبيحة علي الناس وهي مالم يتقرر للرسول ( ص ) ذاته، فيتمزق المسلم داخلياً بين (إحساس عارم بالتفوق الديني علي غيره من البشر ) و( اخفاق حضاري مديد يعيشه فهو في مؤخرة الدول )، ثم يؤسس الخطاب الديني لديه لمفاهيم خاطئة عن حكمة تشريع القتال في الإسلام والحاكمية لله، والحدود الإسلامية وأهل الكتاب والمرأه وخلط شديد بين الكفار وأهل الكتاب وأهل الكتاب وبعض من كفروا منهم فيتحول الشخص إلى إرهابي طبعاً .

إذن الإرهاب كله في العقل ولا علاقة له بفقر أو غنى ولان مكانه العقل فعلينا بالاهتمام بإصلاح ذلك العقل المريض

بقي أن نؤكد أن :-
– خطاب ديني لمشايخنا الأفاضل يكافح الأصولية ويكسر احتكار الحقيقة المطلقة وينفي عن أي فهم بشري أي قدسية حتي لو كان فهم فضيلة شيخ الجامع الأزهر نفسه .

– خطاب ديني يقتل النرجسية الدينية عند المؤمنين ويؤكد لهم أن أنبياء الله أخوه وشرائعهم شتي وأنه لايوجد شريعة أفضل ولادين أفضل وأن كلها من عند الله، قال تعالي ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ) وأنه لاتوجد لغة فضلي فلقد حدث الله كل قوم بلغتهم التي يفهمونها وأنه الرسول الخاتم هو آخر الرسل وفقط .

– خطاب ديني يكافح الرسالية والوصاية علي الناس ويؤكد لهم أن الوصاية لم تتقرر حتي للرسول (ص) نفسه قال تعالي لنبيه ( إن أنت إلا نذير) و( لست عليهم بمسيطر) و( إنك لا تهدي من أحببت) و( ليس عليك هداهم) ……….الخ .

– خطاب ديني يؤكد أن لفظ (الإسلام ) في طول القرآن وعرضه معناها ( التوحيد ) ولا تعني أبداً شريعة سيدنا محمد وحدها فقط وأن اتباع محمد والمسيح واليهود كلهم (مسلمون) أسلموا الوجه لله .

– خطاب ديني ينزع القداسة عن أي فهم بشري وأي رأي فقهي ويؤكد للناس أن كل من حاولوا تأويل القرأن مجتهدون فقط وأنه لايوجد تفسير للقرآن أبداً .

– خطاب ديني يؤكد أن الله شرع القتال للمؤمنين بالرسول ( ص ) مرتان مرة دفاعا عن أنفسهم عندما كانوا معذبين مضطهدين وأخري دفاعاً عن حق الناس في معرفه الله بقتال من يحول بينهم وبين هذه المعرفة ويأمرهم بالسجود لغيره وأن الفتح الإسلامي انتهي تاريخياً فلم يعد حاكم او إمبراطور علي وجه الأرض يمنع الناس من معرفه الله أو يحول بينهم وبين تلك المعرفة في عصر الإنترنت .

– خطاب ديني يؤكد أن المرأة إنسان والمسيحي إنسان وأنهم من بني آدم الذي كرمهم الله في كتابه المقدس عندما أكد ذلك ( ولقد كرمنا بني آدم) .

– خطاب ديني يؤكد أنه لا يحق لأحد محاكمة غيره أو قتله طبعاً ويلغي ماجاء بأراء السابقين من تعزير ويسقط سلطة الحاكم علي الإعتقاد وبالتالي سلطة حسابه للناس علي اعتقادهم وبالتالي سلطة من يتصور أن الحاكم لايستخدم سلطته المتوهمة والمزعومة وأن عليه أن يقوم هو بواجب الحاكم في قتل المرتد أو استتابه الزنديق فهذا ليس ديناً وإنما كانت سياسة للدولة العباسية في التعامل مع معارضيها في القرن الثالث الهجري .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى