رأيمقالات

عبد الغنى الحايس | يكتب : إلى إبنتى

 

عبد الغنى الحايس

عندما تنحى مبارك كنت فى غاية السعادة .فقد نجحنا فيما عجز عنة الجميع واستطعنا ان نطيح بطاغية من على راس الحكم .كانت عاليا ابنتى فى شهورها الثلاثة الأولى وقد طلبت من والدتها ان نصطحبها معنا فى الثمانية عشر يوما الأولى قبل التنحى .حتى عندما تكبر وترى صورها فى الميدان مثل ملايين المصريين تتباهى وتفتخر انها عاشت تلك اللحظات المجيدة وان كانت لا تعى ماتحولها .

كنت احملها عند عودتى يوميا لأحكى لها عن وحدة الشعب وقوتة وارادتة وعزيمتة واصرارة على تحقيق مطالبه كاملة .

لكنها كانت تسمع لم ترد عليا يوما غير بعض الصراخ وانا استمر فى السرد واطمئنها ان بلدنا عادت الينا من حفنة الفاسدين الظالمين ولكنا مازالت تصرخ وتصرخ .

لم أفهم صراخها فهل كانت تفهم ما اقول؟ هل كانت تعترض على ما نخطط ؟هل كانت تدرك الواقع الذى لم ندركة وسط نشوة الانتصار ؟
نعم كانت محقة .وانا الان اخجل من ان اصارحها بانة تم سرقتنا وسرقة احلامنا وسرقة مستقبلنا أيضا .

استسلمنا يا ابنتى الى نرجسيتنا واطماعنا طغت فوق مصلحة الوطن .

نعم يا ابنتى تصارعنا وتفتت وحدتنا وسرنا أشلاء ولم يعد من صوتنا غير الضجيج .

نعترف بهزيمتنا وبخيانتنا للثورة من الجميع بدون استثناء فقد تسابق المرشحين للرئاسة بعد فترة عبثية من ادارة المجلس العسكرى امور البلاد وبدلا من الاتفاق على مرشح يمثلنا وينقذ احلامنا انقسموا هم الاخرين وكانت هذة هى الطعنة الغائرة التى اودت بكل شىء وقتلت ما تبقى من امل واصبحنا نعيش على اطلال ثورة عظيمة تغنى بها القاصى والدانى .جلسنا نبكى شهدائنا ونصرخ من ألام الجرحى التى مازلت تنزف .شهدنا أمهات ثكلى تبكى ابنائها قتلوا غدرا ولم يحظوا بقصاص عادل .

اصبحنا فى لحظة يا ابنتى من شباب رائع ادهش العالم بسلميتة الى شاب خائن ممول من الخارج .فى لحظة سرنا من شباب وطنى الى عميل يسعى الى هدم الوطن وينفذ مخططات خارجية .

وبدلا من اعتلاء ادارة شئون البلاد كانت المعتقلات مأوى لنا .تشاجرنا فى الوقت الضائع القينا باللوم على بعضنا البعض سرنا الى خزى من الانكسار فقد عصرنا ليمون على انفسنا لكى ينجح مرشح الأخوان أمام مرشح النظام السابق .عشنا لحظات عصيبة كيف لثورة تطيح بالنظام السابق ويتولى امرها رجل من عصابتة الباغية .

كان يجب ان ينجح مرشح الأخوان باى سبيل وقد كان .

تنفسنا الصعداء وتوسمنا فيه خير ولكن للأسف الشديد غرورهم وكبريائهم وغبائهم قادهم الى النهاية السريعة .تناسوا الشعب الذى وضعهم على رأس السلطة وتمادوا فى غيهم وبجهل شديد خانوا الوطن واخلصوا لرعيتهم وابناء جلدتهم وفقط وكان يجب ان يتم ازاحتهم وبعد عام كامل تحقق ما اردنا ، ونجح الشعب فى ازاحتهم وتمادوا فى ارهابهم وفرض سلطتهم بكل قوة وعنف مارسوا كل انواع الغدر فالوطن كان لديهم حفنة من تراب فلديهم مشروعهم ونحن ليس لدينا سوى وطن واحد .

كنا نخشى على مستقبل جيلكم واجيال اخرى ستعيش فى عبث وضلال وتجمعت كلمة الشعب مرة اخرى بشكل غير مصدق ملايين فى الشوارع ترفض حكمهم حتى تدخل الجيش للمرة الثانية وعزل رئيسهم ، وهنا قلنا لأنفسنا سنبدا من جديد ومرت الان اكثر من عامين ولم نبدا بعد .
فاسف يا بنتى على كل ما حدث فقد خذلنا الحلم والأمل وعشنا مع الألم والسراب ننتظر من يمد يدية ليعطف علينا وياخذ بأيدينا الى المستقبل وتلك غلطة اخرى ،فعلينا ان نعى ان من يملك الارادة يملك المستقبل ونحن مازلنا نبحث عن الارادة المسلوبة .

ولكننى اوعدك بأننى واننا جميعا سنجدها لنرسم لكم طريقا الى المستقبل ومصر فية قوية ناهضة متقدمة ان شاء الله .

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن الشرقية توداي

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى