مقالات

عبد الله إسماعيل | يكتب : الجيش والشعب إيد واحدة

 عبد-الله-إسماعيل%E2%80%8F

أفضل الطرق لتمييز الحق هي وضع الأمور في نصابها , و أمثل مقاييس نصابها هي إدراك النسبة , و أكمل تقدير للنسبة هو الميزان ؛ و كما جعل الله من الماء كل شيء حي , فقد جعل لكل شيء ميزانا , و على ذلك تقوم الحياة في الأرض فلا يبرز على سطحها إلا كل شيء موزون , و لا يتلاشي من عليها إلا ما فقد توازنه.

اخترت هذه المقدمة لمقالي لتكون عامل جذب اهتمام القارئ بقصد التأثير فيه بل ربما تغيير قناعته إن استدعت الحاجة, فالأحداث الهامة في عمر الوطن تحتاج إلى وقفة صريحة مع النفس و الغير , خصوصا إذا قامت على أساس التجربة و تجردت من الأفعال و الأقوال العنترية المبنية على الأهواء . ألا و إن لكل مقام مقال , فمقام شهر يناير يستدعي مقالا خاصا به , فربما مرت على مصر من الذكرى الأولى بعد ثورة يناير 2011 و حتى الذكرى الخامسة لها أسماء عديدة لقادة و رؤساء و وزراء و نخبة و إعلاميين و شباب و نساء و شيوخ مع الثورة أو ضدها , و لا حقيقة بعد كل ذلك إلا الوطن و شعبه .

و إنصافا للحق فهناك ميزان يثبت الوطنية لمن كانت له مشاركة بالنزول في الثورة أو حتى مباركة ومجرد تعاطف , و في ذات الوقت لا ينفي الوطنية عن معارضي الثورة . هناك ميزان يشيد بمبادئ الثورة و ما هتفت له , و يتخلى عن النتائج الكارثية التي آلت إليها . هناك ميزان يؤكد بالدليل القاطع حماية الجيش للثورة, و آخر يرى أن الجيش له ثقل أكبر من أن يدخل في منافسات سياسية , و لكن الحقيقة أن الضرورات التي استدعت أن يقتحم السياسة من يملك اقتصادا قويا متمثلا في المؤسسة العسكرية التي جعلت الشعب المصري يدرك استثناءا معينا وهو أن السياسة في مصر تحتاج اقتصادا أكثر مما تحتاج أقوالا و تنظيرا سياسيا مجردا لا يدعمه الاقتصاد !

و بخصوص الحديث حول حماية الجيش للثورة ؛ فأثير سؤالا هاما أتمنى أن نحدث به أنفسنا بدون ان تأخذنا العزة بالرأي , و التعصب لأي انتماء غير الوطن , فأنا العبد الفقير لربه كنت ممن شاركوا في ثورة يناير ولدي أرشيف كامل بالصور و الفيديوهات يثبت مشاركتي و دعمي للثورة , أسأل سؤالا بديهيا بسيطا مفاده : لو أن المجلس العسكري قبل أن يتولى زمام الحكم بعد حسني مبارك أراد أن يخلي الميدان و يجتاحه على من فيه من متظاهرين و يفض اعتصامهم بالقوة , فهل كان ليمنعه عن ذلك الفعل شيء؟

إن الضغوط الدولية و التدخلات الخارجية لم تكن لتمنع القوات المسلحة من فض إعتصام ميدان التحرير و كل ميادين مصر التي دعمت الثورة في يناير , بل أي تدخل في الشأن المصري حينها كان من السهولة كشفه و إطلاع المجتمع الدولي عليه و اتخاذ الخطوات اللازمة بعده لحماية شؤون البلاد من أي تدخل كان , و لكن هي مشيئة الله أن تأخذ الأحداث هذا المنحنى الطويل و الصعب لمصر و المصريين ثم تعود الأمور لحيث بدأت بعد ان ساعد جهابذة القيادات في المجلس العسكري في التخلص من مشروع التوريث الذي كان على وشك الوقوع , و كذلك ثبات و نجاح المجلس العسكري الذي فضح فشل مشروع الإخوان الجمعوي والذي لا يرقى لإدارة بلد في حجم مصر و إنما هم ربما متمرسون فقط في أعمال الجمعيات الخيرية على مستوى القرى و النجوع .

لنقولها بصراحة , نعم عباقرة القيادة العامة في القوات المسلحة المصرية استطاعوا أن يديروا الأزمة بشكل ناجح على مستويات الأمن و إدارة المؤسسات و الحفاظ على نظام يشكل و يمثل النسبة العظمى من الشعب المصري , و لو أنهم واجهوا صعوبات فيما يخص الجوانب الاقتصادية , و ذلك مع تصاعد أحداث المرحلة الحالية , فكان من الصعب الحفاظ على ثبات كل المجالات الحيوية في الاقتصاد المصري -كالسياحة- إلا أن إدارة تملك الجرأة في التنفيذ بدون ان تتراجع حري بها أن تنال احترام الجمهور, و إدارة استطاعت في زمن قياسي إعادة حكم تصارعت عليه أطياف مدنية و ثورية و في النهاية أثبتت لشعب مصر عدم جدارة أيا منهم في الحصول على دفة القيادة لسفينة الوطن التي تم خرقها آلاف المرات و ما زالت بفضل الله تسير هي إدارة تستحق الإشادة و الاحترام.

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

زر الذهاب إلى الأعلى