مقالات

عبد الله إسماعيل | يكتب : مطبات على الطريق

عبدالله إسماعيل

بداية الطريق:

لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، ولعل الجنين الذي نوليه كل آمالنا ورعايتنا ليس مشوهاُ كما تقرأ أجهزة السونار، ولعل وعسى اﻷم بهية ما زالت عفية لتنجب بعد أن بلغت من العمر أرذله.

تصور نفسك معي أنا وأنت فقط من بين تسعين مليون ولد لبهية، مرافقان معها في طريقها إلى المستشفى لا نحمل في قلوبنا إلا شفقة عليها وحباُ جماُ لهذه اﻷم المعمرة غير مبالين بالمولود المشوه القادم، فصحة اﻷم أولى وأهم.

واستوقفتنا بعض المطبات على الطريق فترددنا واحترنا كيف نصعدها؛ هل نتعجل فيها لنصل مبكرا إلى الطوارئ؟ أم نتمهل حتى لا تزيد عليها تقلصات ما قبل الولادة؟

(1)

انطلاق:

الحكمة رزق بالتأكيد ولكنها في ذاتها تحتل موقعاً متميزاً داخل الصندوق ولا تجديد فيها، أما الخيال فيمنحك فرصة التمركز خارج الصندوق، فمجرد اعتقادك بامتلاك أفكار مجنحة فذلك كفيل بكون تفكيرك مميزا.

هذا الخيال يعطي وجوها عديدة للحقيقة فيخلق عالما من الإبداع والتنوع، وأخيرا اعلم أن حفاظك على الثقة ميزة تتربص بها سلبيات النفس ومنافسة قرنائك من حولك.

( 2 )

مسار اجباري:

التقليد عاهة وعادة تجري في دماء الشعوب النهرية، فما التحديث الذي تسعى إليه قطرة مياه تجري في نهر النيل تنحدر من أعماق وسط القارة ثم تساهم في زيادة فولت كهربائي واحد تسجله قراءة عداد المحول للطاقة الكهربائية عند السد العالي ثم تشق طريقها العكر وتندمج مع مكسبات جرثومية عديدة لا يفصلهم عن بعضهم بعضا إلا الكلور في النهاية لتصل بعد ذلك إلى كوب ماء يتجرعها المواطن المصري ثم يتصببها عرقا في زحام المواصلات العامة لتتبخر كنشادر نفاذ في أنوف من يقف حوله؟

( 3 )

حوادث:

الصراحة أن الطبع عين صاحبه، فالكل يرى غيره بعين طبعه، والحقيقة أن سعي الناس لتغيير طباع بعضها البعض هو أكبر اسباب الخلافات الاجتماعية.

وفي حديثنا عن الخلاف الناتج عن اختلاف الطباع؛ فإن أسوأ أساليب الاحتكام بين المتخالفين هو الظن بأن من يتحدث أكثر هو من ينتصر في النهاية، هذا طابع كل من ليس بأبكم وأصم في بلادنا، و إياك أن تظن بحال من اﻷحوال ان الصم والبكم في نعيم أو أن أعصابهم أكثر هدوءا وتماسكا كونهم يدركون أن لغة إشارتهم غير مفهومة في ذهن من ليس من ذويهم، فمالا تعرفه أن مساحة صبرهم ضيقة جدا إن جربت في مرة ووقفت أمام ما يستجلب منهم الصبر.

( 4 )

استراحة:

كنوع من البشرى واﻷخبار الجيدة أذكر كل من يبحث عن القيمة الإيجابية اﻷمثل حسيا وروحانيا بل اﻷكثر تداولا بين غالبية الناس (الحب)؛ الناس تحب الحب فتعكسه بصورة لطافة في الحديث و رقي في التعامل و إيثار للغير و حياء ناجم عن اكتفاء وغير ذلك من مثل وأخلاق وسمو عاطفة، والبشرى هي أن الحب العذري باق بين الناس ولم يندثر باندثار أفضل اﻷجيال.

وكنوع من التوازن وجب نقل اﻷخبار السيئة كذلك وهي ان هذه القيمة الحسية الروحانية الجميلة التي نتحدث عنها وهي الحب تحتاج إلى امتلاك المال و المادة الحضارية بقوة لتنجح، فلا يظن عاشق أحمق أنه سيملك قلب امرأة إن نقل لها إحساسه وكلماته وعبر عنها بأفضل أسلوب، فهي في حاجة إلى سيارة تنقلها إلى المكان الذي تستطيع أن تبوح لها فيه بما تشاء.

( 5 )

وصول:

يظن المسيطر أنه يملك ما تحت سيطرته، كما يظن من يحتمي بدرع واق أنه في أمان من غدر وطيش الرصاص، أو كما يظن قائد السيارة الحديثة المزودة بوسائد هوائية أن هناك ما يحول عنه الموت من أمامه أو خلفه! لا يدرك أن هذه الوسائد لن تفتح إن صار أعلى السيارة أسفلها في انقلاب على الطريق والعياذ بالله.

زر الذهاب إلى الأعلى