أعمدةمقالات

عماد الدين حسين | يكتب : لا تتربصوا بالمستشار جنينة

عماد الدين حسين
أسوأ قرار تتخذه الحكومة المصرية وأجهزتها فى الأيام المقبلة أن تتربص بالمستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات والذى تم عزله بقرار جمهورى، الأسبوع الماضى.
الحمد لله أن مصادر حكومية نفت تماما الأخبار التى راجت بقوة ليلة الخميس الماضية وتحدثت عن القبض على جنينة أو تحديد إقامته جبريا فى منزله، أو منع الاتصالات والزيارات عن منزله، وهى أخبار نقلتها وسائل إعلام عالمية كبرى باعتبارها قد حدثت بالفعل.
وإلى السادة المسئولين وكل من يهمهم الأمر فى هذا الصدد، الرجاء فكروا مائة مرة قبل ان تقدموا على أى خطوة فى هذا الملف والملفات المماثلة.
مع كل التقدير للقانون وضرورة احترامه، وتطبيقه على الجميع، فهناك ما يسمى بالمواءمات السياسية.
المستشار جنينة كان يرأس أكبر وأهم جهاز رقابى فى مصر، وأن يخرج منه إلى السجن كما ينادى البعض، فقد يؤدى ذلك إلى خسارة الحكومة نفسها أكثر من أى طرف آخر. ما أقصده أن نتنبه إلى حساب المكاساب والخسائر فى أى خطوة، وهل تفيد أم تضر، وهل تؤثر على سمعة البلد والحكومة فى الخارج أم لا؟!
شخصيا كنت أتمنى أن يكمل المستشار جنينة فترته فى الجهاز ويخرج بعدها خروجا طبيعيا فى سبتمبر المقبل أى بعد نحو خمسة شهور، لكن من الواضح أن هناك تفاصيل وأسرارا ومعلومات لا يعرفها معظمنا عجلت بخروج الرجل بهذا الشكل، وبالتالى وإغلاق هذا الملف الذى شكل صداعا لكثيرين.
لا يصح ولا يعقل أن تتصرف الحكومة أو أى من أجهزتها بصورة انتقامية، يفترض أن مصلحة الدولة ترتفع فوق كل هذه الصغائر.
لدى الكثيرين فى الداخل والخارج الآن صورة ذهنية خلاصتها أن هشام جنينة هو وحده من كان يقاوم الفساد، ولذلك تم عزله. ومع كل التقدير لشخص المستشار جنينة، فهذا الأمر ليس صحيحا، لأن هناك الكثيرين الذين حاربوا ومازالوا يحاربون الفساد قبل تولى المستشارى جنينة منصبه، والمؤكد بعد خروجه.
ظنى الشخصى ان الحكومة تعاملت مع الملف بصورة خاطئة فى كثير من تطوراته، لكن أيضا المستشار جنينة أخطأ كثيرا حينما وضع نفسه أو سمح لآخرين بالتعامل معه وكأنه زعيم للمعارضة، فى حين أنه يرأس جهازا فى دولة اسمها مصر، وليس فى سويسرا، وفى ظل استقطاب سياسى حاد وغير مسبوق. ظنى أيضا أن من أرادوا الدفاع عن جنينة اساءوا إليه كثيرا، لأن بعضهم ليس فوق مستوى الشبهات أو محسوبا على قوى ظلامية وإرهابية.
من السذاجة أن يتعامل البعض مع هذا الملف باعتباره قانونيا بحتا ويجادل هل كان القانون سليما أم لا، وهل الدستور يبيح العزل ام لا؟
فى حين أننا ندرك جميعا أن الملف سياسى بامتياز.
طوال تطورات القضية تمنيت ان يبادر المستشار جنينة ويقدم استقالته، حتى لا نصل إلى هذه المرحلة المزعجة والمسيئة للجميع، لكن حصل ما حصل.
الآن ينبغى أن نفكر بعقلانية، وألا ندع الأمور تتعقد بأسوأ مما نحن فيه.
لكن الأهم ــ ومع كل التقدير لكل ما يقال عن تهم ضد المستشار جنينة ــ فالقضية العاجلة هى ضرورة الفصل فيما ورد فى تقرير تكلفة الفساد والذى قدرته دراسة المستشار جنينة بأنها ٦٠٠ مليار جنيه.
لو كنت مكان الحكومة لطلبت بسرعة الفصل فى صحة الوقائع والاتهامات الواردة فيه. لأن أى تأخير فى الحسم والفصل سيجعل الجميع يقول إن الحكومة تسرعت فى عزل جنينة، وطنشت على تقرير فساد الـ٦٠٠ مليار جنيه.

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى