أعمدة

عمرو حمزاوي | يكتب : رسائل مصرية

عمرو حمزاوى

لنستمع جيدا، بل وننصت، ففى حداده على الدماء الطاهرة التى تسال وحزنه وألمه بعد الإجرام الإرهابى فى العريش يصيغ ضمير شعب مصر رسائل عدة لمتلقين مختلفين.

الرسالة الأولى هى رسالة إصرار على الوقوف وراء القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب، إصرار على التواضع إزاء تضحيات الشهداء والمصابين الذين يفتدون الوطن بأرواحهم وأجسادهم وبسعادة ذويهم، إصرار على إنقاذ سيناء وكل الوطن من خرائط الدم والخراب التى تنشرها عصابات الإرهاب والعنف والتطرف، إصرار على الانتصار لحق الناس المقدس فى الحياة وحق المجتمع فى السلم الأهلى وحق الدولة الوطنية فى القوة والمنعة والتماسك، إصرار على قدرتنا الجماعية تحمل الأكلاف الباهظة لمواجهة الإرهاب ومواصلة رحلة البحث عن العدل والتنمية والتقدم.

الرسالة الثانية هى رسالة رفض لخلط أوراق قضايانا الكبرى ولحسابات المصالح الضيقة المتناقضة مع الصالح العام ولجنى صنوف متنوعة من المكاسب السياسية الرديئة، فالدم كله حرام يستوى فى ذلك دم شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين الذين يسقطهم الإجرام الإرهابى ودم شيماء الصباغ وسندس رضا وضحايا الانتهاكات الآخرين، والحداد والحزن والألم على سقوطهم جميعا يرتب رغبة شعبية واضحة فى محاسبة المتورطين فى سفك الدماء دون تمييز، ومواجهة الإرهاب لا تتعارض أبدا مع المطالبة برفع المظالم وإيقاف انتهاكات الحقوق والحريات والتزام سيادة القانون العادل والتمسك بالمقاومة السلمية للسلطوية الجديدة، والوقوف وراء القوات المسلحة والشرطة لا يلغى ارتباط الصالح العام على نحو إيجابى بالمزج بين الأدوات العسكرية والأمنية وبين الحلول التنموية والمجتمعية والقانونية الأشمل والأوسع فى مداها الزمنى ـ وسيناء وكل الوطن فى أمس احتياج للمزيج هذا ولا ينفى أيضا ضرورة طرح الأسئلة الصعبة المتعلقة برفع كفاءة الأدوات العسكرية والأمنية المستخدمة ومعالجة أوجه القصور والثغرات بعد تحليل خبرة السنوات الماضية والتفكير فيما إذا كانت الحلول التنموية والمجتمعية والقانونية الأشمل قادرة على تحييد أوجه القصور والثغرات هذه، والموقف الأخلاقى والوطنى الوحيد الممكن من عصابات الإرهاب والعنف والتطرف هو الإدانة القاطعة والتضامن فى المواجهة والتشديد على أن لا شأن لسفاكى الدماء وناشرى الخراب وكارهى الحياة ومن يحرضون باسمهم هؤلاء لا بالعدل ولا بالديمقراطية ولا بالحقوق والحريات والامتناع التام عن توظيف إجرامهم بغية جنى مكاسب سياسية لا هوية لها إلا الرداءة.

الرسالة الثالثة هى رسالة المضامين الواضحة للمسئولية الوطنية وللانتماء لتراب هذا البلد، فالمسئولية الوطنية تلزمنا بالتضامن فى مواجهة الإرهاب وبالانتصار لمصر المواطن والمجتمع والدولة بالقضاء على عصابات الإرهاب وشرورها وتمكننا أيضا من الاختلاف السلمى بشأن قضايا الديمقراطية والحقوق والحريات ومن المقاومة السلمية للسلطوية الجديدة، والانتماء لتراب مصر يلزمنا بالبقاء هنا فى وسط شعب سينبذ دوما وبحكمة عميقة من يتركونه برحيل أو تخاذل فى فترات المحن والأزمات ولحظات التحديات الكبرى ومن يلقون عليه مواعظهم ودروسهم من أمان ودعة البلاد البعيدة ومن يتوهمون أن مصائره تحدد من خارجه ومن يستبدلون أوهام «العمل السياسى فى الخارج» بشرف وواجب البقاء على أرضه وتحمل أكلاف المواجهة الجماعية للإرهاب فى أوساط الناس وتحمل أكلاف مقاومة السلطوية والمظالم وانتهاكات الحقوق والحريات بين صفوفهم مهما ضاقوا بحديث الديمقراطية أحيانا وأيدوا القمع والسلطوية فى أحيان أخرى.

لنستمع جيدا، وننصت جميعا.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى