أعمدة

عمر طاهر | يكتب : حلول ظاهرها الرحمة و باطنها الفولتارين

%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%88-%d8%b7%d8%a7%d9%87%d8%b1

أفضل فكرة استمعت إليها خلال الأيام الماضية كانت على لسان ضيف أحد البرامج هى فكرة أن الكلام الذى قد يكون مفيداً هذة الأيام هو الكلام الذى يساعد المواطن المصري و ربة المنزل على التعامل مع الظروف الإقتصادية الصعبة و التى يتوقع حسب كلام المتخصصين أن تزداد صعوبة خلال الفترة المقبلة، قال الضيف فكرته بشكل عابر لكنها تستحق أن تكون فكرة منظمة، لم يعد حلا أن نتكلم طول الوقت عن المشكلة و حلول إقتصاية تحتاج لوقت طويل، هذا ملعب يشبه ملاعبنا حاليا، بلا جمهور لن يفيد رب أو ربة أسرة قضاء الليل فى الإستماع إلى تنظيرات حول المشكلة و أسبابها، لكن سيكون مفيدا لو أننا ركزنا جهودنا فى تقديم ما يساعد المواطن فى الخروج بسلام من هذة الورطة.

طريقة الإستهلاك تحتاج لمن يعيد تنظيمها فى وجدان الناس، وهى فى مصر تقوم على فكرتين الخوف و التهافت، يخاف المواطن من الحرمان فتكون خطته قائمة على الإكتناز الذى ربما لا يكون مفيدا بل هو فى الحقيقة ضار لمن حوله، جزء من ازمة توافر السلع تتحمله الحكومة و لكن جزء آخر يتحمله المواطن الذى يدخر سلعا فوق حاجته خوفا على مستقبله التموينى، لابد من القضاء على هذا الهلع أو ترشيده.

لابد من تقديم ميزانية استرشادية يقتفى أثرها رب أو ربة الأسرة، تشرح للناس كيف يمكن إدارة حياة مستقرة نسبيا بمبلغ محدد، ما الذى يمكن الإستغناء عنه و ما هى البدائل، ميزانية ذات هامش يشرح كيف يمكن السيطرة على كل شىء بداية من مقادير الطبخ مروراً بفاتورة الكهرباء نهاية بأفكار تستدعى الإستراتيجة المصرية القديمة فى التخزين و التنشيف و التجميد و إعادة تدوير بواقى كل شىء من الطعام إلى الملابس إلى الأكياس البلاستيك؟.

الحكومة جلدها ثقيل و العمل على تحريك الدم الراكد فى عروقها يستهلك كل الوقت و الجهد و ننسى الناس، ربما سيكون خطرا أن تمتص غضب الناس بما يعنى منح الحكومة فرصة للرحرحة و الشعور الزائف بالرضا عن النفس، لكن من المهم أيضا أن نساعد الناس بالقوة نفسها التى نشرح لهم فيها المشكلة، و المساعدة ليست فقِط باستجداء التخفيضات من التجار وهى وبالرغم من كونها عملا مفيدا لكن ظاهره الرحمة وباطنه الفولتارين الذى لا ينصح به الأطباء إلا في حالة الضرورة القصوى.

التخفيضات على أهميتها حلول مسكنة و المسكنات خطر جدا لأن الجسم يفقد الإستجابة للمسكنات بمرور الوقت، نحن لسنا في حالة حرب تفرض على الناس أن تتضامن و تخفض و تبيع بدون أرباح، لكننا في حالة سوء إدارة تحتاج لمن يجعل النظام يستفيق، و حتى نصل إلى لحظة الفوقان سيكون مفيدا أن نعالج سوء إدارة الناس لإمكانياتها و ظروفها.

المثل الصينى الذى أصبح مبتذلا من كثرة استخدامه على الفاضى و المليان لا تعطنى سمكة و لكن علمنى الصيد، الوقت مناسب لأن يستعيد سمعته و يتخلص من تلزيق مستخدميه بأن يكون الفكرة التى يمكن أن يبنى بها الإعلام فى الفترة القادمة علاقته بالناس، الناس ليست بحاجة لمن يتفنن فى أن يشرح لهم كم هو موحل الطريق لكنهم بحاجة لمن يساعدهم على عبوره.

 

زر الذهاب إلى الأعلى