أعمدةمقالات

عمر طاهر | يكتب : لماذا يكرهون يناير؟

عمر طاهر

أنظر لبعض الأسماء التي تراها الآن تحتل المشهد، كان من الصعب أن ترى لأحدهم وجودا في ظل ثورة حقيقية. يفهم الواحد سر هجوم البعض علي ثورة يناير، ربما يكون قد هيء لي أنني أفهم، لكن سأخبرك بما وصلت إليه وتعالي نناقش الفكرة.

هم نوعان، النوع الأول: يهاجم يناير لأنها كانت مسألة حياة أو موت، فنجاح يناير في حال حدوثه كما كان يحلم من نزلوا إلي الشوارع كان يعني بداية صفحة جديدة تماما.

صفحة جديدة كانت تعني كعادة الثورات طي الصفحة القديمة بكل نجومها، في السياسة والصحافة ونوع ضيوف البرامج، الصفحة الجديدة تعني الحماس لكل من لم نسمعه من قبل، وتقديم الفرصة كاملة لكل من حرم منها علي هامش النظام السابق، وهذا يعني موت كثيرين.

ستكون الشهية مفتوحة بقوة لصناعة نجوم جدد لمرحلة جديدة، طيب كيف يمكن لشخص يري نفسه يدفن حيا أن يقبل هذة الفكرة؟، بالطبع هناك من الكبار من تقبلها بخالص الحب والإقتناع، لأن ما يقدمه أكبر من الثورات والانظمة.

يحكي الكاتب الكبير إبراهيم أصلان « كان صديقي بهاء طاهر قد طلب، بأريحيته المعهودة من أبناء جيلنا الذي تقدمت به الأيام أن يفسح الطريق للجيل الشاب، حتي يمكن أن يمضي قدما دون مزاحمة من أحد.

أنظر لبعض الأسماء التي تراها الآن تحتل المشهد، كان من الصعب أن تري لأحدهم وجودا في ظل ثورة حقيقية، مخرج هنا ومذيع هناك ونوع كتاب مقالات ونوع ضيوف برامج، كل هذه الأسماء كانت تقاوم الموت وهي تقاوم فكرة أن يناير كانت ثورة، كانت تقاتل بغريزة البقاء من أجل أن تظل في المشهد، هو خوف حقيقي علي النفس ومشروعها.

ليس في الأمر سياسة علي الإطلاق وأتحدي أن تسمع من أحدهم ما هو أكبر من الجمل الإنشائية سابقة التجهيز، تسألني هل تشكك في محبتهم للوطن؟، بالعكس معظمهم محب لبلده بالفعل لكن محبته للبلد تبدأ عند قدميه، فمن وجهة نظره يبدأ استقرار الوطن من النقطة التي يشعر هو عندها باستقراره علي وضعه القديم.

النوع الثاني: بلا مصلحة شخصية في الأمر، يهاجم لأنه يكره ما عاينه عقب يناير علي مدي السنين الماضية من ابتذال سياسي وانهيار في الاخلاق العامة وتردي الحالة الإقتصادية وعنف وموت وقلق علي مصير الأبناء، لكن لو كانت يناير قد نجحت كما حلم الشعب الذي خرج، كان سيدعم الصفحة الجديدة دون خوف علي نفسه لأن هذا النوع يري بقاءه ببقاء البلد نفسه، بينما يري النوع الأول بقاءه فقط بالبقاء في المشهد.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى