أعمدة

عمر طاهر | يكتب : نعيم التعميم

 

عمر طاهر

عندما يفتح باب الكلام عن انتهاكات الشرطة يهيج كثيرون قائلين (أرجوك ماتعممش)، هناك طائفة كبيرة تكره التعميم عند الحديث حول الشرطة، وهى دون أدنى شك محقة فى ذلك، فالتعميم خطيئة من أصيبوا بالعمى أو الحول الفكرى على أدنى تقدير، ومع ذلك فالمدافعون عن التعميم بخصوص الشرطة -كمثال- غالبا ما يقعون فى الخطيئة نفسها كل يوم مرتين على الأقل.

فالأولتراس جميعهم شباب إخوانى يريد أن (يولع) البلد، دون أن تتوقف عند فكرة أن (اللى عايزين يولعوا البلد) هم فئة موجودة داخل كل طائفة فى المجتمع المصرى، من أساتذة الجامعة إلى الباعة الجائلين، والإعلام كله فاسد، دون أن تتوقف عند كونك أنت شخصيا تكرر ما يقوم به الجزء الفاسد فى الإعلام، فتشوه وتكذب وتبالغ وتكذب الحقائق وتنشر مجهودك هذا عبر الميديا الخاصة بك، بداية من «فيسبوك» نهاية بالوقوف على ناصية الشارع مع الشلة. والثوار جميعهم خونة ونكسجية وممولون، إلى آخره من التوصيفات التى تليق بلغوى ساذج، دون أن تتوقف عند من حافظ على باب الثورة مفتوحا حتى استطعت حضرتك أن تنزل لتعزل العصابة، وافتح قوسا وضَع فى التعميم وما يترتب عليه من أحكام نهائية أفكارا بعدد شعر رأس أى شخص آخر غير كاتب المقال، تبدأ من القبلية بخصوص الصعايدة والدمايطة مثلا، ولا تنتهى عند وجهة نظرك فى شعوب العالم، بعدها تحزن عندما تصبح القاعدة أن تنظيم القاعدة هو الإسلام من وجهة نظر الغرب، وتسأل مندهشا لماذا يكرهون الإسلام ويعممون؟

التعميم والحكم بالجملة، وهو أحد مرادفات الوعى المتبلد والكسل الفكرى، هو فكرة تكبر بيننا حكومة وأفرادا، الحكومة نفسها تتعامل مع الأزمات بالجملة، فيه شباب مشجع للكرة يوجد بينهم من يصنعون المشكلات (إحنا لسه هندور؟) إلغى الجمهور كله، والغى الكرة إذا لزم. الموتوسيكلات يستخدم بعض منها غير مرخص فى عمليات إرهابية (إحنا لسه هندور؟) أوقف استيراد الموتوسيكلات. هناك من يسرق الكهرباء مما يسبب خسائر فادحة (إحنا لسه هندور) غلّى الكهرباء وخفف الأحمال. هناك من يخترق مظاهرات المطالبين بحق ما.. إلغى المظاهرات. وعندما تتحدث عن جرائم المستشفيات وأقسام الشرطة وقرارات رؤساء الجامعات وفساد المحليات، وتطلب إصلاح قوانين إدارة ومعاقبة كل هؤلاء على خطئهم، يطلبون منك عدم الوقوع فى فخ التعميم، ثم تقع الدولة نفسها فى التعميم من جديد بمنح صلاحيات أوسع ومرتبات أكبر لكل هؤلاء، بما يوفر لهم الحماية ومزيدا من الفساد.

بين جماهير الكرة من هم أكثر شرفا من أمين شرطة يعبث بجثة مواطن، وبين شباب الثورة من هم أكثر نضجا وحرصا على البلد من رئيس جامعة بنى سويف، الذى أصدر قرارا بفصل أى طالب يتهم بالإساءة إلى السيسى، وبين رجال الشرطة من يخدم هذا البلد بصدق وفى صمت تام، أكثر إخلاصا من إعلاميين يملؤون الدنيا زياطا ملوثا.

التعميم مضلل، قد تجد فيه نعيما، لأنه يريح عقلك، لكنها الراحة الأبدية.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى