منوعات

بالصور .. قصة رجل «أسرع من الضوء»

 

«حين تسمع صافرة البداية كل ما عليك فعله هو الركض حتى النهاية، وهكذا هي الحياة».

«الاحتفال والوصول للمنصات يبدو سهلًا، لكنك لن تصل إليها دون تضحيات وبذل مجهود بجدية ووضع هدف تقاتل من أجل الوصول إليه، حينها يبدو الأمر سهلًا، المسابقة هي الأسهل، ما يراه الناس هو الجزء السهل، إنما الأمر كله يتم خلف الكواليس، إذا أردت النجاح فمن السهل عليك إجادة كل شيء خلف الكواليس» هكذا لخّص «الرجل الأسرع» أسباب النجاح التي أدت لوصوله لكل ما حققه.

قصة رجل «أسرع من الضوء»

«يوسين بولت» الرجل الأسرع في التاريخ وصاحب الذهبيات الـ 9 في العدو خلال 3 دورات أوليمبية متتالية، أعلن اعتزاله حينما تُوّج بالتاسعة كاتبًا فصل النهاية لمسيرة لا تُوصف سوى بالأسطورية كما أراد هو توصيفها.

ويرصد «المصري لايت» قصة الأسطورة «يوسين بولت» استنادًا إلى كتابه الذي يحكي سيرته الشخصية بعنوان «أسرع من الضوء» والفيلم الوثائقي حول حياته «الرجل الأسرع في التاريخ».

قصة رجل «أسرع من الضوء»1

«هدفي هو أن أصبح أسطورة، والطريقة الوحيدة لفعل ذلك هو أن أواصل الفوز عامًا بعد الآخر»، هذا ما قاله الفتى المولود في شيروود كونتنت، إحدى ضواحي العاصمة الجامايكية «كينجستون» عام 1986، والذي بدأ حياته كلاعب «كريكيت» بعدما فاز ببطولة العالم للناشئين وهو بعمر الـ 15 والتي أقيمت في جامايكا 2002.

قصة رجل «أسرع من الضوء»12

تعداد جامايكا 3 ملايين شخص، ودائمًا ما تُخرج عدّائين، ويقول البعض عنها إن خروج العدّائين منها إنما هو أمر في الجينات أو ربما يتناولونه، لكن الفتى «بولت» كان الأفضل بينهم على الإطلاق وهو الرمز لتلك الدولة الصغيرة.

قصة رجل «أسرع من الضوء»12;

في عمر الـ 15 أصبح «بولت»، لاعب «الكريكيت» السابق، هو أفضل ناشئ في العالم في سباق الـ 200 متر عدو، بعد فوزه ببطولة العالم للناشئين في جامايكا 2002، مما دفع القائمين على الرياضة في الاستثمار فيه والتعويل على أن يأتي بميدالية أوليمبية.

شارك في أوليمبياد أثينا 2004 وتم إقصاؤه من التصفيات الأولية بسبب الإصابة، ما سبّب خيبة أمل لكل من كان يعوّل عليه في أن يصبح أسطورة لجامايكا.

صرّح بعدها قائلًا: «يجب أن أجهّز عقلي لأقارع الأبطال الكبار وأن أستوعب أني لم أعد في منافسات الناشئين مرة أخرى».

شارك بعدها في بطولة العالم 2005، لكنه لم يستطع تحقيق شيء وجاء بعد المرشحين الثلاثة الأوائل، لكنه في بطولة العالم 2007 أثبت أنه بدأ التحول من المراهقة للاحترافية حين فاز بالمركز الثاني خلف الأسطورة الأمريكية «تايسون جاي»، الفائز ببطولة العالم 2005، الذي قال عنه: «منذ رأيته للمرة الأولى في 2005 علمت أنه لن يكون مثل أي شخص آخر وعلمت أني أصبحت مهددًا من قِبَل ذلك الشاب».

قصة رجل «أسرع من الضوء»7

«أظن أن أسافا باول هو المرشح الأول للفوز بالذهب، بولت رائع ولديه موهبة كبيرة، لكنه يأخذ الأمر بسهولة، لكني أعتقد أن باول هو من سيفوز»، هكذا علّق بطل العالم لـ 100 متر «تايسون جاي»، خلال المؤتمر الصحفي الذي يسبق أوليمبياد بكين 2008، حين تم سؤاله عمّن يرشحه للفوز بالذهبية بعدما تأكد عدم مشاركته للإصابة التي لحقت به.

وربما كان «جاي» على حق، حيث إن «بولت» لم يبدأ التدرّب على خوض سباقات الـ 100 متر إلا في مايو 2008، أي قبل الألعاب الأوليمبية بـ 3 أشهر فقط!

لكن «بولت» كان له رأي آخر، فالتصفيات أعطت مؤشرًا على أنه سيفوز بإحدى الميداليات، لكن حين جاء وقت النهائي، قرر أن يدخل التاريخ الذي بدأ بكتابته بنفسه.

قصة رجل «أسرع من الضوء»8

في الـ 16 من أغسطس 2008 باستاد «عش الطائر» ببكين، كان العالم على موعد مع السباق الأسرع في العالم، نهائي الـ 100 متر عدو للرجال، صافرة البداية انطلقت، الجميع يسرع ويهرول للنهاية، وإذا بالشاب ذي الـ 21 عامًا يشق الصف في لمح البصر ويحتفل قبل بلوغه خط النهاية، معلنًا أنه أصبح الرجل الأسرع في العالم والأسرع في التاريخ حينما حطم الرقم القياسي المسجل بـ 9.84، محققًا رقم 9.69 ثانية، لينفجر جميع الحضور في الاستاد صراخًا وتبدأ الاحتفالات بتسجيل الرجل الأسرع في التاريخ حضوره في سجل الفائزين بالذهب الأوليمبي.

قصة العداء الاسطوري

يقول «باول»، المرشح الأول للفوز قبل بداية البطولة والذي حل خامسًا: «لقد حدث الأمر سريعًا، فقد ركض بولت وبدأ في الاحتفال بالفوز أسرع من قدرتي على التفكير، وحين بدأت في إدراك الأمر كان السباق قد انتهى».

تلك اللحظة جعلت الشعب الجامايكي ينفجر هو الآخر فرحًا ويخرج محتفلًا في الشوارع غير مصدقين لما حدث في مشهد شبّهه البعض بأنه عيد الرياضة الوطني لجامايكا.

«لم يكن هدفي تحطيم الرقم، كل ما سعيت له هو الفوز بالميدالية فقط، لكن السباق كان سريعًا لذا أدركت أن تحطيم الرقم أمر ممكن وهو ما فعلته»، هذه كانت أول الكلمات التي تحدث بها «بولت» بعدما حطم الرقم وفاز بالذهب الأول له في بكين 2008.

الأمر الذي أعلن عنه «بولت» صراحة كان نيته في الفوز بالذهب عن الـ 200 متر، تخصصه الرئيسي، وهو ما بدا واضحًا للجميع أثناء النهائي في بكين.

قصة رجل «أسرع من الضوء»3

بعدما حقق الذهب في الـ 100 متر وكسر الرقم، كان من السهل توقع أنه سيحصل على ذهبية الـ 200 متر أيضًا، لكن ما تحقق هو أن «بولت» أصبح أول إنسان في التاريخ يفوز بذهبيتي الـ 100 متر والـ 200 متر، محققًا رقمين جديدين باسمه، حين فاز بذهبية الـ 200 متر محققًا رقمًا مقدرًا بـ 19.30 ثانية، وهو ما أذهل الجميع حول العالم وجعل النقاد والخبراء والمتابعين حول العالم يعيدون النظر في نظرياتهم وأساليبهم.

الطريقة التي انقضّ بها «بولت» على سباق الـ 200 متر وأنه أنهى السباق واحتفل قبل أن يصل حتى صاحب المركز الثاني، كانت إحدى اللحظات المهمة في تاريخ الأوليمبياد، مما جعل الجنوب أفريقي المشارك معه في السباق يعلّق: «كلما رأيت تلك اللقطة عقلي لا يصدق أني كنت مشاركًا معه في نفس السباق ونفس المضمار وأننا انطلقنا سويًا من نفس نقطة الانطلاق».

قصة رجل «أسرع من الضوء»22

بعد الـ 200 متر، جاء الدور على الـ4×100 متر تتابع، وماذا فعل «بولت»؟، لا شيء سوى أنه قاد الفريق للفوز بالذهبية وتحقيق رقم جديد، ليسطّر بابًا جديدًا في كتاب التاريخ باسمه هو فقط، حيث إنه في تلك اللحظة أصبح أول إنسان على وجه الأرض وفي التاريخ يفوز بـ 3 ذهبيات في 3 سباقات للألعاب الأوليمبية بـ 3 أرقام أوليمبية جديدة.

استقبله الشعب الجامايكي باحتفال أقلّ ما يوصف بأنه أسطوري وأعلنوه رمزًا للرياضة الجامايكية، وقال رئيس الوزراء «بروس جولدينج» بحفاوة بالغة بكلمات ستظل خالدة في التاريخ وتوضح المغزى وراء الرياضة والمغزى وراء الألعاب الأوليمبية حين قال: «لقد أثبتَّ بما فعلته أننا لسنا قادرين على اللحاق بركب الأفضل في العالم، بل أثبتَّ أننا الأفضل في العالم فيما نفعل».

المرحلة التالية لما فعله بولت في بكين 2008 كانت نقل «جامايكا» إلى مرحلة جديدة من تاريخها، فعلى سبيل المثال، في العام التالي احتضنت جامايكا بطولة العالم لطلاب المدارس، وما حدث هناك كان المرة الأولى التي يحدث فيها، حيث إن جميع الكشافين عن المواهب في العالم وجميع شركات الإعلانات والرعاة والمستثمرين في مجال ألعاب القوة والعدو، كانوا متواجدين هناك قبل السباق بفترة، وكل ما كان يدور في خلدهم «من سيصبح بولت الجديد؟».

«ما فعله ساعدني وساعد رياضة العدو كلها وليس فقط نفسه أو جامايكا»، هذا ما قاله بطل العالم 2007 «تايسون جاي» معلقًا على إنجاز «بولت»، فحجم المتابعة العالمية لرياضة العدو وحجم الاستثمارات في ذلك المجال تضاعف عشرات المرات عما كان عليه قبل إنجاز «بولت» في «بكين 2008».

الأسطوري

«لا أخشى أي منافس مهما كان، فطالما أنا أثق في نفسي وأتدرب جيدًا وأعرف هدفي جيدًا وأسعى إليه، فأنا الأفضل وسأصبح الأسطورة التي أريد»، هذه كانت كلمات «بولت» الافتتاحية في مؤتمره الصحفي قبيل بطولة العالم في برلين 2009 والتي فاز بها متفوقًا على بطل العالم السابق «تايسون جاي» محققًا رقمًا عالميًّا جديدًا بـ9.58 ثانية.

بولت غيّر المفاهيم في الرياضة كلها وليس في العدو فقط، فقد أعطى مفتاحًا جديدًا للنجاح، فالثقة وأخذ الأمر ببساطة والاستمتاع بما تفعل، هو ما يقوم به، فالعصبية وأخذ الأمور بحجم أكبر مما تحتمل وعدم تقبل الهزيمة مهما كانت لم تعد هي السمة الرئيسية للفوز وتحقيق الألقاب وكسب احترام الجميع، وهذا ما أكده «تايسون جاي»، بطل العالم 2007، حين صرّح بأنه تعلّم الكثير من «بولت».

في 2010، بدأت الشهرة تنال من «بولت» حين خسر أمام «جاي» في ملتقى «ستوكهولم» بعدما حلّ ثانيًا، الأمر الذي جعل الكثيرين يظنون أن «جاي» ربما قد استعاد مكانته التي سلبها منه «بولت».

لكن المفاجأة الأكبر جاءت في بطولة العالم 2011 حين تم استبعاد «بولت» من السباق في مراحل التصفيات بسبب انطلاقة خاطئة بسبب عدم تركيزه في السباق، مما أثار انتقادات البعض بأن سهر بولت المتكرر واهتمامه بأشياء أخرى بعيدة عن الرياضة هي التي أثرت على مستواه، في حين خرج البعض مؤكدًا أن ما حدث مع بولت في بكين كان طفرة لحظية.

قصة رجل «أسرع من الضوء»19

لندن 2012 كانت اللحظة التي أسكت فيها بولت الجميع وأكد أنه في الطريق الصحيح لأن يصبح الأسطورة التي يريد أن يصبح وأن المنافس الوحيد له هو نفسه، فاستطاع أن يكرر ما فعله في بكين بالظفر بالـ 3 ميداليات ذهبية، لكن دون أن يكسر أرقامه التي حققها في 2008، 2009 باستثناء رقم الـ 4×100 متر تتابع فقط الذي كسره وفريقه.

عقب فوزه بالميداليات الذهبية الثلاث في أوليمبياد لندن 2012، تم سؤاله عما يريد أن يفعل وما يحلم بأن يحقق، فأجاب إجابة أصابت الجميع بالدهشة حين صرّح بأنه دائمًا ما كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم في صفوف «مانشستر يونايتد» وعلّق على الأمر قائلًا: «أمتلك المهارات الكروية التي تساعدني على احتراف كرة القدم، لم أكن لأواجه هذا التحدي لو لم أعتقد أني جيد بما فيه الكفاية، أنا لاعب متكامل وأعلم أن باستطاعتي تحقيق الفارق، سأكون أسرع لاعب في الفريق، ليس ذلك وحسب، بل بإمكاني أن ألعب جيدًا أيضًا».

الفترة بين أوليمبياد 2012 وريو 2016 لم تسِر بشكل جيد بالنسبة لبولت رغم فوزه ببطولة العالم مرتين في 2013 و2015، لكنه قضى وقتًا طويلًا في الاستشفاء من الإصابات والتعافي، حتى إنه وصل به الأمر إلى حدّ أنه كان يفكر في الاعتذار عن عدم المشاركة في أوليمبياد ريو 2016، لكنه تحامل على نفسه ليحقق المستحيل ويفوز بالذهب الأوليمبي لثلاثة سباقات مختلفة في 3 دورات أوليمبية متتالية، ليصبح هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي ينجح في ذلك.

قصة رجل «أسرع من الضوء»85

صدم العالم حينما أعلن يوم 19 أغسطس 2016 أنه قد انتهى، وحان وقت الاعتزال قائلًا: «لقد حان وقت الذهاب للمنزل للمرة الأخيرة دون عودة» معلنًا وصول مسيرته الأسطورية لخط نهايتها بعدما فاز بـ 9 ميداليات ذهبية أوليمبية وتحقيقه لـ 3 أرقام عالمية وفوزه ببطولة العالم 3 مرات.

 

 

المصدر

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى