أخبار العالمسلايد

محسوب: اتهام «الضمير» بتفتيت «الإنقاذ» كاتهام مبارك لنا بـ«قلب نظام الحكم

1

انتقد الدكتور محمد محسوب، نائب رئيس حزب الوسط، وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية السابق، مشروع قانون استرداد الأموال المهربة، المقدم من الحكومة إلى مجلس الشورى، مطالبا بإلغاء منح اللجنة حق التعاقد مع مكاتب محاماة لاسترداد الأموال، مؤكدا أن ذلك يفتح الباب أمام شبهة فساد لأن مكتب المحاماة سيحصل على نسبة مما استرده.

وأكد محسوب فى حوار لـ«الشروق» أن الحكومة ضعيفة والدكتور محمد مرسى له أسبابه فى الإبقاء عليها، ناصحا الرئيس بأنه ينتبه للفخ المنصوب له ولمصر، ودعا جميع القوى الوطنية إلى الابتعاد عن سياسة شيطنة الآخر. وتحدث محسوب عن دور جبهة الضمير الذى هو أحد أعضائها، مشددا على أنها «كيان قيمى وأخلاقى وليس سياسيا» ولم تقم لتفتيت جبهة الإنقاذ.. وإلى نص الحوار:

•  لماذا جبهة الضمير وما هو دورها؟

ــ الجبهة جاءت فى وقتها، لأن الاحتقان تجاوز كل قيم الضمير المصرى، ولم يعد يقيم وزنا لحرمة الدم، ولا حرمة المؤسسات التى تتعرض حاليا للاعتداء عليها، واليوم هناك من يستقوى بالأجانب، ومن يطالب بتدخل الجيش فى السياسة، بعدما كان أحد المطالب الأساسية للمصريين هو ألا يتدخل الجيش فى السياسة.

وجبهة الضمير تحاول أن تحيى مفاهيم وقيم الضمير للجماعة الوطنية المصرية، ولا علاقة لها بسياسة أو انتخابات، وأعضاؤها يمثلون المجتمع المدنى وحزبى «الوسط» و«الحضارة»، المتهمين الآن بأنهما «تابعان للإخوان» باعتبار أن الكوميديا السوداء هى مصدر الثقافة السياسية فى الدولة المصرية.. وبعض أعضاء جبهة الإنقاذ شاركونا فى التأسيس للفكرة وهم: الدكتور عمرو حمزاوى، والدكتور مصطفى النجار، والدكتور زياد بهاء الدين، وباسل عادل، وآخرون ــ جميعهم غير متهمين بالانتماء للتيار الإسلامى ــ لكنهم انسحبوا تحت القصف الإعلامى.

• أنتم متهمون بتشكيل جبهة الضمير لتفتيت «الإنقاذ».. فما ردك؟

ــ اتهامنا بهذه التهمة يماثل اتهام نظام حسنى مبارك لمعارضيه بتهمة قلب نظام الحكم، ومن يردد أن جبهة الضمير جاءت لتفتت «جبهة الإنقاذ» يفكر بنفس طريقة النظام القديم.. وعلى قادة الإنقاذ أن يقتنعوا أن هناك جهات سياسية وأحزابا تختلف معهم، وتختلف مع الإخوان المسلمين فيما يخص الممارسات السياسية، لكنها لا تريد أن تهد هذا ولا ذاك.

وجبهة الضمير ببساطة كيان قيمى وأخلاقى وليس سياسيا، ويجوز القول بأنها تنافس جبهة الإنقاذ إذا تحولت للعمل السياسى، لكنها لا تعمل بها.. ونحن نرفض فكرة «الشيطنة» المتبعة فى عالم السياسة، التى يغيب عنها الضمير، وهى الآن تستخدم ضد جماعة الإخوان، وهذه سياسة صغار وضعيفة وديماجوجية، ويستطيع أى أحد أن يقوم بها.. ويمكن شيطنة جبهة الإنقاذ واتهامها بالعمالة مثلا، وأن من يتعامل معها يصبح متحالفا مع العميل، وهذا كلام فاضى.

ونحن ندعو الجميع لأن يترفعوا عن سياسة الشيطنة.. وجبهة الإنقاذ لن تنام ثم تستيقظ فجأة لتجد أن الإخوان المسلمين اختفوا من الوجود، والعكس صحيح فلن يستيقظ الإخوان من نومهم فجأة ليجدوا أن الليبراليين اختفوا.. وجبهة الضمير تقول لهم لن يستطيع فصيل منكما إقصاء الآخر، فكل الفصائل وطنية وساهمت فى الثورة.. والعيب على من يضع يده فى يد النظام السابق، ومن يستدعى الجيش للتدخل فى السياسية.

• إلى أى مدى تتفق مع مطالب جبهة الإنقاذ؟

ــ نتوافق مع بعضها ونرى الآخر غير واقعى، فمثلا المطالبة بإقالة النائب العام، ليست لها مشروعية، ومحاولة تغيير رئيس الجمهورية له فيه انتهاك للدستور الجديد، على عكس ما حدث مع النائب العام السابق، لأن الوضع الدستورى وقتها كان يتيح للرئيس ومن لا يعرف ذلك فليراجع الأوضاع الدستورية القديمة.

أما إقالة الحكومة، فجبهة الإنقاذ لم تكن تطرح هذا المطلب، وكان سقف مطالبها أعلى قليلا، وأنا على وجه التحديد استقلت من الحكومة فى 27 ديسمبر الماضى، لأنى كنت أرى أن مصر تحتاج لحكومة جديدة، ولكن هل انتبه أحد فى وقتها؟ هل قال أحد حينها نحن سندعم هذا المطلب؟ لم يحدث، والآن بعد مرور شهرين تتطالب الجبهة بإقالة الحكومة، ولا أعلم لماذا تطرح الجبهة الأمور المنطقية فى وقت متأخر، ومع ذلك مثل هذا الطلب نحن ندعمّه ونرى أن هذا يتم فقط بالتفاوض بين الأطراف، لأنه لا يمكن أن نقول للرئيس افعل ذلك ومن ثم نتفاوض معك، هذا يعتبر ضحكا على الذقون، لأن الرئيس من الممكن أن يأتى بحكومة أخرى، ولكن هل سترضينى؟، فيجب أن نتفاوض ونقترح معايير للحكومة ونتفق ونوقّع عليها.

• تحدثت أكثر من مرة أثناء وجودك بالوزارة عن قرب موعد تدشين صندوق التنمية، فماذا حدث بشأنه؟

ــ هو مشروع تبنيته وكنت أرجو أن يتم، وقرار تدشينه يحتاج لقدر من الشجاعة والثقة لأنه صندوق مبتكر، يستثمر فى المشروعات مباشرة، وكنت أريد أن يسهم فيه الشعب، ولكى يحدث ذلك اقترحت أن تدخل الدولة فى هذا المشروع بنسبة 20% بأصول مالية وعقارية ومساهمات، وتضمن رأس مال الصندوق حتى لا يخشى الناس من ضياع أموالهم، وتضمن عوائد على الأقل 1 % فى السنة، بشرط أن يفتح هذا المشروع للمصريين فقط، وفى الحقيقة وزارة المالية حينها عارضت المشروع رغم أن هيئة الرقابة المالية وافقت عليه، فأداء المالية وقتها كان وظيفيا روتينيا، وتخوفت من تبنّى أدوات مالية مستحدثة، فالموضوع كان يحتاج لجرأة أكبر، ولا أعتقد أن ينفذ فى الحكومة الحالية، ولكن عامة هو جزء من مشروع حزب الوسط فى الانتخابات وإذا حصلنا على تأييد الشعب لنا وشاركنا فى الحكومة القادمة سيكون أحد اطروحاتنا.

• وماذا عن ملف استرداد الأموال ومشروع الحكومة المقدم لمجلس الشورى؟

ــ  مشروع القانون المقدم من الحكومة فى وجهة نظرى لا قيمة له، لأن هناك لجنة قائمة أنشأها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاسترداد المال، مكونة من قضاة ولم تؤت ثمارها حتى الآن، وتمت توسعتها بإضافة أجهزة أخرى من الدولة كجهاز مكافحة غسيل الأموال، على أن يرأسها وزير العدل، وهذا فيه مزيد من وضع الصفة الحكومية عليها، وهذه اللجنة لا تحتاج إلى قانون طالما أن رئيسها هو وزير العدل وفيها قضاة، وهى تحتاج فقط لقرار من وزير العدل أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية.

• وما ملاحظاتك على مشروع القانون؟

ــ مشروع القانون يتضمن نصوصا غريبة كأن يجوز لهذه اللجنة أن تتعاقد مع مكاتب محاماة وشركات بحث عن أموال، وهذا يعنى أن من وضع هذا القانون لا يدرك كيفية البحث عن الأموال بموجب اتفاقية مكافحة الفساد، لأن الالتزام بالبحث عن أموال وتتبعها والكشف عنها هو التزام على عاتق الدول التى تلقّت نواتج الفساد، وليس التزاما على الدولة المصرية أن تتعاقد مع مكاتب محاماة وشركات تفتيش عن أموال، وإلا فنحن لم نكن بحاجة لاتفاقية، فقبل الاتفاقيات كانت الدول تتعاقد مع مكاتب محاماة أجنبية وتتفق مع شركات تبحث عن الأموال، وعندما تجدها ترفع دعوى لتجمّدها، وهناك اتفاقية جديدة أبرمت عام 2007، جدواها أنها جعلت الدولة التى عانت فسادا مثل مصر تقدم طلبا للكشف عن الأموال وعندما تظهر يتم تجميدها، ثم يتم التفاوض على شروط تسليمها واستردادها، والدول الأخرى هى التى تقوم بالبحث وعندها أجهزتها.

وبالتالى منح هذه اللجنة القائمة حق التعاقد مع مكاتب محاماة يثير الشبهة، لأن اللجنة القائمة تعاقدت فعلا مع مكاتب محاماة، وهو عقد فى الحقيقة خطير لأنه يمنح مكتب المحاماة نسبة مما قد يحصل عليه، ونحن ننادى بإلغاء هذا العقد، وبالتالى نحن لا نقبل هذا القانون لأنه له صفة حكومية واللجنة يجب أن تكون مستقلة، ويجب أن يرأسها شخصية عامة ويمثل الشعب فيها، خاصة أن هذه توصية منظمة الشفافية الدولية.

والاعتراض الآخر هو أن وزارة العدل تقول إن هذه اللجنة التى تريدونها، ليست هى التى نصّ عليها الدستور، وهذا صحيح، فالمفوضية العليا لمكافحة الفساد هى مفوضية لمواجهة الفساد القادم لتمنعه، لكن هناك فسادا سابقا نريد أن نعالج آثاره، ومن هنا نريد لجنة أخرى مستقلة، والدستور كفل ذلك، ومنح الحق لإنشاء هيئات مستقلة لغرض معين، كل ذلك وزارة العدل لم تقبله، لكن المهم أن يقبله مجلس الشورى، لأن رؤية الحكومة لا تفيد إلا فى إثارة الشبهات ولا يوجد فيها أى تطور عن العمل السابق.

• فيما يتعلق بملف المصالحة مع رجال أعمال النظام السابق، ترددت أنباء عن تقاضيكم عمولات لتسوية القضايا المقامة ضدهم؟

ــ هذه مجرد ادعاءات لا تستحق الرد ولا أقبلها، فما هى التصالحات التى تمت ومن هم أطرافها؟ وأية تصالحات مزعومة المفترض إثباتها بمحاضر النيابة، وبالتالى يمكن معرفة أطرافها أو وكلائهم، وللأسف البعض استساغ الكذب والخوض فى سمعة الناس بغير حق، ودونما دليل لمجرد اعتقاده أن كل النفوس وكل القيم تباع وتشترى، ربما لأنه جرب ذلك، لكنى أبشره أننا ضد الفساد وضد التصالح مع الفاسدين ممن تولوا سلطة عامة، أو حازها فعلا، ولو أحزنه ذلك.

• على عكسك أعلن المهندس أبوالعلا ماضى أن «الوسط» يؤيد التصالح مع رموز الحزب الوطنى بشرط وضع ضوابط، فما تعليقك؟

ــ تصريح المهندس أبوالعلا يتحدث عن التصالح السياسى والذى لا يمتد للملوثة أيديهم بدماء أو من أنشأوا شبكة الفساد وغذوها، ورأيى أن المستثمرين المخطئين يمكن التصالح معهم وفق القانون وبشرط رد حقوق الدولة كاملة، أما الفاسدون ممن شغلوا سلطة عامة حقيقية أو فعلية فلا يجوز التصالح معهم فاتفاقية الأمم المتحدة تمنع ذلك، كما أن خلق جهاز إدارى طاهر يقتضى عدم التهاون أو التصالح مع الفاسدين، وعملية استرداد الأموال التى نهبها هؤلاء الفاسدون لها طرق أخرى غير التصالح، لنعطى عبرة للأجيال القادمة بأن المفسد لن يستفيد من تصالح ولن يفلت من عقاب.

• ما هى شهادتك على أداء الحكومة وقد كنت وزيرا فيها، وهل صحيح أن حزب الحرية والعدالة يتدخل فى بعض القرارات؟

ــ لا أعتقد ذلك ولكن أغلب القرارات التى بإمكانها حل كثير من المشكلات غير متفق عليها، وبالتالى نحن فى حاجة إلى التوافق والمكاشفة مع الشعب، أى عندما تريد الحكومة حل مشكلة كذا، فتطرح خطة واضحة وتشرك فيها الشعب وتقول له فى التاريخ الفلانى سأفعل كذا، وفى تاريخ أبعد سأحقق كذا، فيكون الشعب شريكا ويرى الضوء فى آخر النفق، ويجب أن أفتح حوارا بينى وبين الشعب ليفهم أن مشكلات تراكمت خلال أكثر من 30 سنة من غير الممكن أن تحلّ فى 5 أو 6 أشهر.

وفى رأيى فالحكومة غير ناجحة فى التواصل مع الشعب، أحيانا لها أعمال جيدة لكن لا تستطيع أن تتواصل فيها مع الشعب، الأمر الآخر هو الجرأة فى اتخاذ القرارات وهى تحتاج دعما شعبيا ودعما من القوى السياسية، على سبيل المثال الحدين الأدنى والأقصى للأجور، والأمور المتعلقة بتحديد سن المعاش، هناك أشخاص مستمرون فى العمل بوظائف إدارية فى البلد وهم متجاوزون للستين عاما، وهذا يحرم الشباب من صنع القرارات الإدارية، مثل هذا القرار لو صدر سيواجه باحتجاجات، ولذلك فهو فى حاجة لشجاعة وتحمّل لأنه قرار ضرورى، لأن الجهاز الإدارى المصرى شاخ، والحكومة لم تعين وجوها جديدة منذ زمن.

بالإضافة إلى أن الوضع فى الشارع المصرى يحتاج إلى خيال ومغامرة أكبر، والحكومة الحالية تعمل بطريقة محسوبة جدا، ولا تتدخل إلا فيما هى متأكدة منه، لكن عندما يكون لدينا حكومة عليها توافق سيعطيها ذلك فرصة أن تكون أكثر جرأة ومغامرة وتستطيع أن تحل مشاكل كثيرة.

• قلت إن الحكومة الحالية ضعيفة فلماذا تتمسك بها الرئاسة إذا؟

ــ الرئاسة لديها وجهة نظر، ورغم اختلافى معها فإننى أتفهمها، فالرئيس رؤيته أنه عند تشكيل حكومة جديدة فسيكون اسمها «تسيير أعمال» فتضعف أكثر، وبعدها يفشل فى تشكيل حكومة توافقية، والأسباب السياسية تتدخل «إحنا عايزين نفشّلهم عشان يسقطوا» ثم يترتب على ذلك إن مصر تكون بلا حكومة حقيقية، فلو قام بتشكيل حكومة تسيير جديدة الآن ما الذى سيتغير، لكن ربما إذا جلست القوى السياسية فى الحوار، وقالت نحن نريد حكومة توافقية يرأسها فلان وتوافقنا عليه وعلى أعضائها، وكل الأطراف توقّع على أن هذه هى الحكومة المطلوبة الآن، أعتقد أنه من الممكن أن يكون هناك استجابة من قبل الرئيس حينها.

• ولكن هل مثل هذا الاتفاق سهل؟

ــ الآن شبه مستحيل لأن هناك قوى رافضة لمبدأ الجلوس على مائدة الحوار مع الرئيس، فى حين أنها قبلت أن تجلس على المائدة فى وجود وزير الدفاع، لا أفهم لماذا.. ولذلك دعوة الرئيس بأن يكون الحوار علنيا أمام شاشات التليفزيون أمر جيد حتى يشاهد الشعب من حضر ومن غاب.

• طالبت الرئيس بالانتباه للفخ الذى يريد استعادة مشروع مبارك لمصر التابعة، ما الذى قصدته؟

ــ الثورة لم تقم على مبارك كشخص وإنما على مشروع كان يمثّله، مشروع اقتصادى جعل الوضع غير موائم لغالبية المصريين، وجعل مصر تابعة للاقتصاديات الدولية خصوصا اقتصاديات الدول المتقدمة.. الثورة نجحت فى استبعاد نظام مبارك خلال 18 يوما، ولكن استبعاد المشروع نفسه يأخذ وقتا أطول، ولم يحدث خلال العام ونصف السابقة على انتخابات الرئاسة شيئا، أحدث تغييرا فى مشروع النظام السابق، إلى أن أجريت الانتخابات ثم صدرت قرارات 12 من أغسطس باستبعاد الجيش من معادلة السلطة، والتى بدأت تغييرات حقيقية، أولها كان سياسة مصر الخارجية بشأن غزة، ولكن حِيك لمصر فخ آخر بتفجير مزيد من الصعوبات الداخلية متمثل فى حالة الاحتقان، والخارجية وتتمثل فيما نراه من امتناع الدول عن تقديم أى مساعدة مالية أو حتى المساعدة فى رد المال المهرّب للخارج.

والرئيس يجب أن يتجنّب الوقوع فى هذا الفخ ويكون حذرا، وذلك باتخاذ إجراءات، كتقليل الاحتقان الداخلى بأن يجعل الحوار الوطنى مفتوحا لكل الملفات، ويجعله بلا سقف ويضع له ضمانات للالتزام بنتائجه، وأن يفكر فى كيفية أن نخلّص الاقتصاد المصرى من سمات التبعية وتحقيق الاستقلال.

• ولكن البعض لا يرى تغييرا كبيرا فى تعامل النظام الحالى مع غزة؟

ــ البعض ينظر للتغيير على أنه لابد أن يحدث بنسبة 180 درجة، ولكنه هذه الحالة يكون انقلابا وليس تغيرا، فالتغيّر يحدث بدرجات، يكفى أنه لأول مرة رئيس وزراء مصر، وليس رئيس المخابرات، يزورها أثناء القصف، وتفرض منع التدخل الإسرائيلى، وفى نفس الوقت فهناك مرونة أكبر فى فتح المعابر، ولكن الوضع اليوم اختلف، إسرائيل أعلنت قرارا بأنها لن تلتزم باتفاقية وقف إطلاق النار التى تمت فى غزة برعاية مصرية فى أغسطس الماضى، وذلك يعنى أنها استغلت حالة الاحتقان الداخلى الموجودة فى مصر وانشغالها بمشاكلها الداخلية.

وفى الوقت نفسه الأنفاق تغلق فى مصر مع عدم فتح المعابر، أى أنه حدث تحوّلا فى السياسة المصرية، وكأننا نعود مرة أخرى لمشروع مبارك، المتمثل فى حصار غزة، سد الأنفاق وشرايين الحياة، دون إيجاد بديل.. ولذلك اقترحت فى اغسطس إنشاء منطقة حرة بين مصر وغزة ليست مفتوحة محددة ومقيدة، حتى تكون أساسا لفتح شريان الحياة لأخوتنا فى غزة وانتقال البضائع وعمليات التصدير من مصر إلى غزة تتم بشكل قانونى مفيد للطرفين.. ذلك التحول فى سياسة مصر مع غزة مركّب والسؤال عن السبب المباشر خطأ، لأنه هناك مجموعة أسباب مركّبة، ومن أهم الأسباب الاحتقان الداخلى، لأنه إذا وجد فى أى دولة يضعف مناعتها الخارجية.

• وماذا عن الاقتراح الذى تقدمت به إذًا؟

ــ الاقتراح تمت دراسته وبعد ذلك نسى.

دعوة الجيش للتدخل فاشلة

ــ هى دعوة فاشلة والشعب المصرى لن يقبلها، والجيش قام بدور هائل فى تاريخ الدولة المصرية، ونحن نقدره، لكن آن الآوان ليخرج من السياسة، لتصبح مصر مدنية ديمقراطية تتداول فيها السلطة.

ويجب أن يكون الجيش مواليا للدولة وللدستور وليس مواليا لفصيل سياسى، وإذا كان البعض يعانى من ضعف الأداء السياسى ويقول «ما يرجع الجيش»، نذكره بأن أداء الجيش خلال الـ18 شهرا التالية كان دون المستوى، وإذا سقط قتلى وجرحى الآن، فأيام حكم الجيش سقط قتلى وجرحى.

مصر فى مرحلة صعبة أيا كان من يديرها، وتحتاج لتضافر جهود كل أبنائها، وإذا كان البعض لديه تخوف من «أخونة الدولة»، فليلتف حول السلطة الشرعية التى انتخبت من هذا الشعب، أيا كان اسم الرئيس، محمد.. ملاك.. حسين، فالتفاف كل القوى السياسية حوله سيحميه من الفصيل الواحد، لكن وقوف هذه القوى ضده يجعله يلجأ إلى الأخرى الموالية له.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى