رأي

محمد الجمال | يكتب : وضع الماء فى الغربال

10268209_10202499387660838_1323907758_n
فى حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة الكلية الحربية تحدث الرئيس المشير عبد الفتاح السيسى إلى الشعب حديث من القلب شرح من خلاله فى كلمات بسيطة أزمتنا الاقتصادية وأن الكرامة والعزة الوطنية تحتم علينا تحمل المسئولية جميعاً وبدء بنفسه فتنازل لدعم الاقتصاد الوطنى عن نصف راتبه ونصف ما يملكه بما فيه ميراثه، عندها تذكرت الزعيم محمد فريد الذى أنفق ثروته التى ورثها عن والده على كفاحه وجهاده لتنال مصر حريتها واستقلالها وتبنى نهضتها لتعيش عزيزة كريمة بين الأمم ومن يطالع رسائله التى أرسلها إلى معارفه فى سنين عمره الأخيرة يناشدهم فيها مديد العون له بعد نفاذ جميع مدخراته ليكمل مسيرة جهاده فى منفاه فى أوربا وردهم عليه بحجج واهية يتهربون بها من واجبهم تجاهه حتى وصل به الحال إلى أن ظل جثمانه فى ألمانيا فى انتظار من يسدد نفقات عودته لمصر ليدفن حسب وصيته فى ترابها الغالى وقد قام تاجر من الزقازيق من عائلة عفيفى بذلك سبق لوالد الزعيم أن مد له يد العون عندما كان مديراً لمديرية الشرقية فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى تلك الصفحة من تاريخنا الوطنى تذكرتها وزعيم مصر وقائدها يوقظ الضمير الوطنى ويتقدم بمبادرة لدعم وإنقاذ الاقتصاد المثقل بالديون والالتزامات مع ضعف فى الموارد، ولأن تاريخنا الوطنى سلسلسة متصلة الحلقات منذ الزعيم أحمد عرابى أجد نفسى مضطراً للإمساك بالقلم وكتابة بعض النقاط وسط هدير الحماس والدعوة لتلبية النداء حتى لا نكون كمن يضع الماء فى الغربال.
أول تلك النقاط أن الجميع يقر ويعترف بامتلاك مصر لثروة ما دية وبشرية هائلة لم نحسن توظيفها أو استغلالها خلال العقود الماضية مما تسبب فى خلق أزمتنا الحالية وجنينا على الأجيال القادمة كما شرح لنا القائد والزعيم فى كلمته الموجزة وهو صاحب العبارة المشهورة (أنا على علم بمشاكل مصر وقادر إن شاء الله على حلها وأنتم معى وكرر وأنتم معى مرتين) فعلى كل منا فى مكانه أن يبدأ بنفسه قل ما يملك أو كثر فالمسئولية مشتركة لأن الوطن قارب يحملنا جميعاً وننشد الوصول به إلى بر الأمان.

ثانياً: الشخصية المصرية تعرضت خلال عشرات السنين لعوامل سلبية أدت إلى تغيير فى الثوابت التى عُرفت بها عبر القرون وانهارت قيم وأخلاق علينا استرجاعها بإتاحة الفرصة ليتقدم الصفوف من لم يلوثهم الماضى بسلبياته وفساد بعض أفراده.
ثالثاً: علينا طرق كل الأبواب والسعى فى كل السبل المتاحة لاستعادة الأموال المسروقة والمنهوبة والمهربة للخارج والضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه الاستمرار فى النهج القديم لتنعم مصر بفجرها الجديد.
رابعاً: فضح وكشف الفساد والمفسدين مع ترك الباب مفتوح لكل من يرغب فى التوبة والرجوع إلى الحق وحضن الوطن بإعادة ما سرقه أو نهبه أو استولى عليه بطرق غير مشروعة.
خامساً: استعادة ثقتنا فى أنفسنا وقدراتنا من خلال تنفيذ مشاريع قومية ضخمة فنحن من بنى السد العالى وشيد المصانع الضخمة العملاقة وزرعنا وعمرنا الصحراء بالمزارع والمدن الجديدة ولدى مصر كتائب الرواد أمثال رائد الاقتصاد الوطنى ابن الشرقية طلعت حرب باشا، ما أحوجنا اليوم لإحياء ذكراه ودراسة سيرته ومسيرته الوطنية فلا نكتفى أن يتوسط تمثاله أشهر ميادين القاهرة والزقازيق بل علينا بعث الروح والحياة فى أفكاره وأهدافه بجمع أموال ومدخرات المصريين فى شركات مساهمة لتحقيق الاكتفاء الزاتى من كافة المصنوعات مع عدالة فى توزيع الناتج القومى وعلى رجال الأعمال اعتباره قدوة لهم.
سادساً: يجب إيقاف نزيف الهدر والإسراف وترشيد الإنفاق فى القطاع الحكومى والأهلى على السواء، فترشيد استهلاك المياه والكهرباء والوقود ضرورة تحتمها المصلحة الوطنية وعلى الدولة إيجاد الآلية التى تفتح الباب أمام الشعب ليتحمل المسئولية ويشارك فى أعبائها فلم يعد من المقبول مشاهدة أعمدة الإنارة مضائة فى النهار أو ترك حنفيات المياه دون إصلاح فى المصالح الحكومية أو المدارس حتى الأهلية منها يجب التوقف عن الإسراف الحكومى مثل إحلال وتجديد الأثاث ومستلزمات الخدمات والسيارات قبل انتهاء عمرها الافتراضى، علينا القضاء على كل المظاهر السلبية فى حياتنا والتقليل من الفاقد أو التالف من المحاصيل الزراعية والخضر والفاكهة فى الحصاد والجمع وعمليات النقل والحفظ والتخزين والعرض أثناء عمليات البيع وقد أشار الرئيس إلى ذلك فى كلماته، أن التوقف عن تلويث الماء والتربة والهواء بمخلفات الصرف يالصحى والمبيدات الحشرية وحرق القمامة وقش الأرز وغيرها يوفر على الدولة المليارات التى تنفقها على علاج الأمراض الكلوية والكبدية والنزلات الشعبية وغيرها فليكن شعارنا الوقاية خير من العلاج وعلى الدولة تفعيل دور الأجهزة الرقابية المختلفة مع إضافة جناح شعبى لها فى شكل رقابة شعبية تطوعية تكون ساعد معاون فى مهمة الرقابة والإرشاد، الرئيس يبدأ بنفسه ويقدم لنا المبادرات مثل مبادرة قيادة الدراجات لفوائدها الصحية والبيئية والمساعدة فى حل أزمة المرور وتكدس السيارات، يجب أن يصبح المجتمع المدنى وعاء للعمل الشعبى بجمعياته الأهلية والتعاونية ونقاياته المهنية التى عليها البدء فى إعداد أنفسها للقيام بدورها المنشود لوضع أفكار القائد موضع التنفيذ فالشعب صاحب المصلحة وهو المقصود بتلك الأفكار البنائة والمبادرات الخلاقة، ولن يتمكن من المشاركة فى تحمل المسئولية بغير منظمات المجتمع المدنى الشرعية التى توحد الجهود الفردية وتجمعها وتوفر لها الإرشاد والتوجيه والرقابة للعمل فى إطار القانون مع تقديم الدعم المالى لها إذا لم تكفى مواردها تلبية كل احتياجاتها بهذا تتحول أمال الناس وأحلامها إلى واقع يعيشونه ويقطفون ثماره فى حياتهم اليومية لم يعد من اللائق الجلوس كما كان يحدث فى الماضى وانتظار الدولة لتقدم الخدمات وتوفر الاحتياجات وتجاهل المشاركة الشعبية وتدريب الناس على تحمل المسئولية وهنا يقوم الإعلام بدور كبير فى التوعية والدعوة لانتهاج الإيجابية وترك السلبية حتى لا توئد الأفكار البناءة فى مهدها مثل الدعوة لإحلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبيوجاز محل البنزين والسولار فبدون المشاركة الشعبية لن تنجح المبادرة وستظل مجرد أفكار نظرية وأدبيات على ورق من الواجب تأسيس جمعيات أهلية تعاونية توحد الناس وتجمع أموالهم مع ما تقدمه الدولة لهم من إعانات فى شكل أراضى بالمجان ومستلزمات إنتاج معفاة من الجمارك وغير ذلك مما تنص عليه قوانين التعاون فضلاً عن عاداتنا وتقاليدنا المستمدة من عقيدتنا الدينية التى ترسخ فينا حب التعاون وأن الناس بخير ما تعاونوا وأن يد الله مع الجماعة ونبذ الفردية والأنانية فالناس باتحادهم وتعاونهم يملكون القدرة على إنجاز ما لا يستطيع الفرد منفرداً انجازه كما أن أموال الأفراد القليلة إذا تجمعت تصبح كثيرة لقد كتبتُ ونشرتُ عشرات المقالات الصحفية شارحاً فيها أهمية الأفكار والمبادئ التعاونية لنهضة الأمم. وحالياً أعكف على كتابة سلسلة طويلة من المقالات تحت عنوان (نافذة على التعاون فى العالم) لبيان ما حققه التعاون للبشرية من نهضة اقتصادية واجتماعية فى مشارق الأرض ومغاربها بدأتها بالكتابة عن الجمعيات التعاونية فى المملكة العربية السعودية، فالتعاون طوق النجاة من الفقر والجهل والمرض وسبيل تحقيق أهداف ثورتى الشعب فى 25 يناير 2012 و30 يونيو 2013م (عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية – وانتماء وطنى).

 

 

 

 

المصدر | الشرقية توداي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات الرأي تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي

 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى