أعمدة

محمد عبد الرحمن | يكتب : انتفاضة بدائية الصنع

محمد عبد الرحمن

انتهت فتنة المصاحف على خير، واتضح بعد ساعات قليلة من صباح الجمعة أن ما أطلقوا عليه انتفاضة الشباب المسلم ما هو إلا انتفاضة بدائية الصنع، وكان لدى البعض من المتشككين دائمًا الحق فى الطرح الذى يقول إن كل ما تم التبشير به من عنف لم يقع، ومظاهرات لم تخرج، هدفها تأمين جلسة الحكم على مبارك أمس (السبت)، أما مساء الجمعة فقد انهالت الانتقادات على الإعلام المصرى، هل هو مَن صنع الفتنة التى لم تستيقظ؟ هل كان يجب أن يتم التناول بشكل مختلف، هل كان هناك تعمد فى التهويل؟ أم أنه جاء بسبب انعدام المهنية والرغبة فى التسخين الجاذب للجمهور المنصرف عن برامج التوك شو معظمها، لا أقول كلها.

السخرية من الانتفاضة التى لم تتم مطلوبة، التساؤل حول دعوة الإخوان والجبهة السلفية لها ثم خفوت ما جرى إلى هذا الحد منطقى وهو يرد بالمناسبة على شكوك من اعتبروا 28 نوفمبر صناعة أمنية بامتياز، لأنها لو كانت كذلك فقط لما أطلق الإخوان بيانهم المؤيد، وانطلقت الدعوات من عدة مصادر تمهد لما كان سيجرى أول من أمس الجمعة، لكن ما تبقى من كل ذلك هو التفكير فى مصداقية الإعلام التى تتهاوى وغياب قدرته على الحشد فى الاتجاه الصحيح، وهى أزمة تتعاظم وستظهر نتائجها شديدة السلبية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.

اللافت هذه المرة أن النظام كان أكثر هدوءًا، الرئيس السيسى واصل جولاته الخارجية، الحكومة رفضت تطبيق حظر التجول، إلغاء جميع الفاعليات المبرمجة ليوم الجمعة جاء فى معظمه كرد فعل على تهويل الإعلام لما قد يجرى.

صنع الإعلام المصرى من 28 نوفمبر وحشًا من الهواء، ووجد نفسه فى أزمة كبرى عندما خلت الشوارع من كل مظاهر الاحتجاج المتوقعة، فلم يجد المذيعون والضيوف ما يعلقون عليه، بالتالى لو فرضنا أن خطرًا حقيقيا اقترب، وطلب الإعلام وقتها من الناس أن يصدقوه هل سيفعلون، لدينا إعلاميون متأثرون بشدة بقصة الرجل الذى ادَّعى الغرق عدة مرات ليضحك من منقذيه وعندما أوشك على الغرق بالفعل لم يسعفه أحد.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى